الممر الآمن الملكي، الملك يعيد انتاج ثورة الهاشميين الأولى

بعد مائة عام من انطلاقة الثورة العربية الكبرى وبمناسبة مئويتها الاولى المباركة يعود الهاشميون مرة اخرى لبث الفكر النهضوي الذي احتوته وقامت عليه ثورتهم وثورة العرب جميعاً من خلال أدوات جديدة وقوالب مختلفة تتناسب و روح العصر وتتوافق مع معطيات المرحلة، ولتحاكي العصر الرقمي الذي نعيشه من خلال اطلالتها برصاصة ثورية حبرية فكرية جديدة تمثلت وتقولبت في الورقة النقاشية الملكية السادسة.

فالهاشميون _ وكما هي عاداتهم الحسنة _ من قبل مملكتهم الأردنية الأولى وحتى مملكتهم الرابعة يبلورون أفكارهم _دائماً _ على شكل ثورات بيضاء يقودونها بأنفسهم في سبيل خلق حياة كريمة لشعوبهم، ثورات تتبدل أسلحتهم وأدواتهم فيها بحسب الحاجة والمرحلة ، فإن كانت هناك رصاصة حية خرجت من بنادقهم قبل مئة عام من الآن، فهاهم اليوم يعيدون اطلاقها بغية اعادة توجيه البوصلة وضبط الايقاع العام للمسيرة.

فإن كانت ثورتهم ثورة مسلحة قبل مئة عام، وثورة حدودية في المملكة الأولى، وثورة دستورية في المملكة الثانية، وثورة بنائية في المملكة الثالثة، فإنها اليوم في المملكة الرابعة تأخذ شكل الثورات المدنية الحقوقية المنتفضة على السلوكيات المرضية المرفوضة كالواسطة والمحسوبية والخروج على القانون والدستور.

وكما هو حال الأوراق النقاشية الملكية السابقة جاءت الورقة الملكية السادسة لتقلب الطاولة على الوضع القائم ولتعلن ميلاد فكر جديد ورؤى جديدة تعيد مراجعة المنجز فتتلف ما يستحق الاتلاف منها ولتبني على ما تم بناؤه على أسس سليمة ومتينة، واضِعةً المحسوبية والواسطة والتهرب القانوني والقضائي في قفص المحاسبة والمراجعة، مؤسِسةً لدولة مدنية لا يمكن التراجع عنها، بل ولتدفع بها إلى أقصى مدى يمكن أن تصل إليه .

ومن هنا وبناءً على ما تقدم ومن مبدأ الشعور بالمسؤولية الوطنية والتشاركية في صناعة الأردن الجديد، ومن منطلق الحاجة الملحة للتغيير الحقيقي في أرجاء الدولة قاطبة ،فقد ارتأت جمعية وطن لحقوق الانسان وبالتشارك مع حزب الرسالة لدعوة العديد من الشخصيات الوطنية الكفوءة لتبني الورقة النقاشية الملكية السادسة قلباً وقالباً، والزج بكل جهودنا وقدراتنا نحو اتمام ما بدأه مولانا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في تحديد الأطر العامة للدولة المدنية، والتي أثمرت و آتت أكلها بعد مخاض طويل من النقاشات المتبعثرة التي لملمها جلالته في ورقته النقاشية الأخيرة والتي بنينا عليها اطلاق مؤتمر الممر الآمن برئاسة معالي حازم قشوع .

فهذا المؤتمر الذي سيعقد بمباركة الجميع وتظافر جهودهم ما هو في حقيقة الامر الا الشق غير القانوني واللاقضائي لتطوير القضاء وبناء الدولة المدنية بعيداً عن التعبئة الشعاراتية التي لا يرديها الملك وما عاد الأردنيون يطمئنون لها.

كما وأن أهمية المؤتمر تأتي من اعتباره المحور الثاني للعمل على الورقة النقاشية بعدما أصبحت اللجنة الملكية لتطوير القضاء وتعزيز سيادة القانون هي المحور الأولى، وبالتالي فإن أعمال المؤتمر وانجازاته لتبني على ما تقدمه اللجنة وتباركها، ثم تمضي في استكمال دورها المجتمعي والتنموي والسياسي للوصول الى الثوابت العامة للدولة المدنية التي نتطلع إليها وتصبوا أمانينا لتحقيها.

وبارك الله لنا ولكم في أردننا وحفظه كريماً كبيراً عظيماً .