مجلس النواب ومكافحة الفساد .. مكانك سر
جراءة نيوز - عمان : أثارت تصريحات لرئيس هيئة مكافحة الفساد الأردنية سميح بينو قبل أيام، عن أن مجلس النواب تحول لمحامي دفاع في قضايا الفساد، جدلا عاما في المملكة خاصة أنها جاءت من شخصية رفيعة للبرلمان الذي يتهمه الشارع بتبرئة كبار المتهمين بالفساد.
وانتقد بينو بشدة آلية عمل لجان التحقيق النيابية بملفات فساد، وقال 'كان واجبا على تلك اللجان أن تقوم بتحويل ملفات الفساد المحولة إليها من الهيئة إلى المدعي العام بعد إجراء عمليات التحري، ولكنها قامت بالدفاع عنها'.
وجاءت انتقادات بينو مترافقة مع انتقادات حادة يوجهها الشارع للبرلمان الذي تصفه قوى المعارضة والحراك المطالب بالإصلاح بـ'المزور'.
وعزز من هذه الانتقادات رفض مجلس النواب إحالة رؤساء حكومات ووزراء للقضاء للتحقيق معهم في قضايا عدة أثارت الشارع ومنها قضايا كازينو البحر الميت، وخصخصة شركة الفوسفات، والسماح للمحكوم بالسجن في قضية فساد خالد شاهين بالسفر للخارج للعلاج.
مشروع إسكان
لكن رئيس هيئة مكافحة الفساد عنى بالذات قضية 'سكن كريم لعيش كريم' -وهو إسكان حكومي للفقراء تعثر ولم يكتمل- التي أوصت لجنة التحقيق فيها بعدم إحالة وزراء للقضاء، وقدمت ما اعتبره نواب وسياسيون 'مرافعة دفاع' عن المتهمين بدلا من التصويت على إحالتهم للقضاء من عدمه.
ورد رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي في مؤتمر صحفي عقده ظهر اليوم الاثنين على الاتهامات للبرلمان، وقال إن مجلس النواب أحال 48 قضية لهيئة مكافحة الفساد منذ بدء عمله نهاية عام 2010.
واعتبر الدغمي أن الفساد 'جريمة وليست رأيا سياسيا'، وقال إن المشكلة في الأردن أنه يجري محاكمة الفساد في الشارع قبل التحقيق القضائي به، مشيرا إلى أن غالبية النواب صوتت بعدم إحالة وزراء متهمين بقضية الفوسفات للقضاء فيما وافقت على باقي التوصيات المهمة جدا والمتعلقة بتعدين الفوسفات.
وقال إن التقرير لم يقدم المبررات لإحالة الوزراء في ملف الفوسفات وفقا لما تشترطه المادة 56 من الدستور، وهو ما كان سيجلب النقد للمجلس وربما أدى للطعن فيه أمام المجلس العالي لتفسير الدستور.
وقال إن لجنة 'سكن كريم' أوصت بالأغلبية بعدم إحالة الوزراء وأن رئيس اللجنة قدم مخالفة لقرارها، وعندما سأله المجلس إن كان يجد فسادا في الملف أشار إلى أنه وجد 'مخالفة سياسية'.
وذكر أن قضايا الفساد هي جنايات والتحقيق فيها يأخذ سنوات ولا يمكن الحكم فيها إلا بأدلة قاطعة وليس بشبهات وشهادات بعضها متناقض.
محامي دفاع
وعن مطالبات الشارع بحل مجلس النواب، قال الدغمي إن هذا الأمر من صلاحيات الملك دستوريا، وإنه مع حل مجلس النواب اليوم، لكنه أوضح أن هناك ضرورات دستورية لاستمرار المجلس لاستكمال قوانين الإصلاح السياسي، حيث منعت التعديلات الدستورية صدور قوانين مؤقتة في غياب البرلمان.
بالمقابل يرى عضو مجلس النواب ورئيس لجنة التحقيق بملف الفوسفات أحمد الشقران أنه جرى استخدام مجلس النواب لدفن الكثير من القضايا وشبهات الفساد.
وقال -للجزيرة نت- إن الشارع الأردني غير راض عن البرلمان خاصة في مجال ملفات الفساد.
وتابع 'في تقارير لجان التحقيق بملفي سكان كريم وخالد شاهين، تحول المجلس من دور المحيل للقضاء من عدمه إلى دور تقديم مرافعة ودحض ما ورد في تقرير هيئة مكافحة الفساد، أي أنه كان محامي دفاع عن المتهمين بالفساد'.
واعتبر الشقران أن مجلس النواب نسي أنه ينوب عن الشعب لا عن متهمين بشبهات فساد، وأن دوره ينحصر في الإحالة للقضاء من عدمه، وعدم الإحالة للقضاء هو تعطيل لسير القضاء والعدالة.
وكشف الشقران عن تبنيه ومجموعة من النواب تعديلا دستوريا على المادة 56 لإلغاء شرط إحالة الوزير للقضاء من مجلس النواب، وبالتالي مثول الوزراء أمام القضاء دون حاجة لقناة البرلمان.
وإضافة لانتقادات البرلمان فيما يتعلق بقضايا الفساد، واجه مجلس النواب انتقادات حادة مؤخرا بعد أن أعاد العمل بقانون يمنح أعضاء جوازات سفر دبلوماسية، كما عدل قانون التقاعد بما يمنح أعضاءه تقاعدا مدى الحياة.
ويحذر سياسيون ومراقبون من أن الأزمة في الأردن باتت أزمة ثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وعلى رأسها مجلس النواب، لدرجة أن المعارضة باتت ترى أن الركن النيابي في نظام الحكم بات معطلا رغم أن الدستور ينص في مطلعه على أن نظام الحكم في الأردن 'نيابي ملكي وراثي'.