الخطيب رئيساً لهيئة الانتخاب.. الاختيار والرسالة
بدا تشكيل مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب أشبه بهيئة قضائية عليا يترأسها وسيط دولي، وفي حقيقة الأمر فان التشكيل جاء ذكيا جدا ويتضمن رسالة واضحة داخليا وخارجيا:
رئيس الهيئة السيد عبد الإله الخطيب وزير خارجية سابق محنك مارس العمل الديبلوماسي سنوات طويلة ويتمتع بعلاقات وتواصل جيد مع المجتمع الدولي وقد رأيناه وسيطا دوليا من قبل الأمم المتحدة في ليبيا، سمعته على الصعيد المحلي نظيفة ولا خلافات أو عداوات بينه وبين أي طيف سياسي أردني ولا أعتقد بوجود أي اعتراض أو تحفظ على تعيينه.
أعضاء الهيئة الآخرون كلهم من رجال القانون المعروفين بينهم وزيران سابقان للعدل فالسيد رياض الشكعة وزير عدل سابق ومحام وشخصية معروفة، والسيد محمد علي العلاونة وزير عدل سابق وقاضي محكمة تمييز سابق ورئيس سابق لمحكمة العدل العليا ورئيس سابق لديوان التشريع، وثالثهم السيد عاطف البطوش شخصية إسلامية معروفة نائب ومحام ووزير سابق، وأخيراً السيد عيد جويعد قاضي محكمة التمييز سابقا وشخصية قانونية معروفة في الاوساط القضائية.
عند اختيار جلالة الملك للقاضي الدولي السيد عون الخصاونة لتشكيل الحكومة كانت الرسالة واضحة تماما للداخل والخارج، العدالة والنزاهة واستعادة الثقة العامة بإدارة الدولة، وبغض النظر عن مستويات وأسباب النجاح والاخفاق في حينه فان من يتسلم منصب قاض دولي لن يغامر بسمعته الدولية وسيكون حريصا على تحقيق العدالة والمساواة والإصلاح ما أمكن وهكذا كان الرئيس الخصاونة بالفعل.
الرسالة الملكية إلى الداخل والخارج تتكرر اليوم بنفس الطريقة، فرجل مثل الخطيب يحظى بثقة الأمم المتحدة ليكون وسيطا في نزاعات دولية خطيرة لم يكتسب هذه الثقة بين يوم وليلة وكان اختياره خاضعا لتمحيص دقيق من بين عدد من الشخصيات الدولية المعروفة، ومن هنا فان الرسالة الملكية إلى الخارج أن من يحظى بثقة المجتمع الدولي يحظى بثقة جلالة الملك لإدارة انتخابات ديمقراطية نزيهة.. وفي ذلك أيضا رسالة الى المجتمع الدولي حول جدية برنامج الاصلاح الأردني والعزم على المضي قدما لإنجازه.
ونضيف بأن من يحظى بثقة الأمم المتحدة لن يغامر بفقدان تلك الثقة ليقبل إدارة انتخابات هزيلة ولو لم يكن السيد الخطيب واثقا من الإرادة السياسية لإنجاز انتخابات نزيهة وشفافة لما قبل تولي المهمة.
هيئة إدارة الانتخابات برئاسة وسيط دولي موثوق وعضوية وزيري عدل ومحام وقاض رفيع المستوى رسالة ملكية قوية إلى القوى السياسية الأردنية بكافة أطيافها فحواها العزم على إنجاز انتخابات تسجل نزاهتها وشفافيتها في التاريخ السياسي الأردني وتؤسس لمرحلة جديدة تمهد للحكومات البرلمانية وتداول السلطة.
وهي بذات الوقت تجيب على التساؤل الذي تطرحه وتكرره بعض القوى السياسية عن (ضمانات إجراء انتخابات نزيهة) ما يدعوها إلى الاقدام على المشاركة والانخراط في تشكيل ملامح المرحلة الجديدة من التاريخ السياسي الأردني.
نأمل أن يكون تشكيل الهيئة وبدء عملها الخطوة الأولى لنقل الحراك من الشارع إلى المؤسسية ودافعا لركوب العربة الديمقراطية بدلا من الدوران حولها ومحاولة وضع العصي في دواليبها.