الفصائل الفلسطينية تدعو إلى حوار لمناقشة مبادرة ‘‘الجهاد‘‘
دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى حوار وطني شامل لمناقشة المبادرة التي أعلنها الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، رمضان شلح، للخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.
وشكلت عناصر المبادرة، التي تتقاطع عموماً مع طروحات سابقة، موضع ترحيب من غالبية الفصائل، إزاء تعبيّرها عن قواسم مشتركة حول؛ وضع استراتيجية وطنية موحدة، وترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة بناء "منظمة التحرير"، وإنهاء الانقسام، وفك الحصار عن قطاع غزة.
في حين تحفظت فصائل أخرى على بنود في المبادرة تطالب بإلغاء اتفاق "أوسلو"، الفلسطيني – الإسرائيلي، والتحلل من الاتفاقيات المبّرمة مع الكيان الإسرائيلي، وذلك للردّ على جرائم الاحتلال المتواصلة ضدّ الشعب الفلسطيني.
القواسم المشتركة
فمن جانبها، رحبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالمبادرة، والتي اعتبرت بأنها "شاملة لتصويب الوضع الفلسطيني"، داعية الأطراف الفلسطينية إلى دعم المبادرة.
وبالمثل؛ أيدّت عضو المكتب السياسي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، ليلى خالد، المبادرة، التي يتوافق محتواها مع "موقف الجبهة الثابت لمعالجة المأزق الفلسطيني الحالي".
وقالت خالد،، إن دعوة المبادرة لوضع استراتيجية وطنية موحدّة "تعدّ محور أدبيّات "الشعبية" التي يتم التمسك بها"، مؤكدة ضرورة "إجراء حوار وطني شامل في الإطار الفلسطيني لتحديد خطوات مجابهة العدوان الإسرائيلي".
وأضافت ان "مضمون المبادرة مستوحى من اتفاقيات القاهرة، باستثناء المطلب الصريح بإلغاء اتفاق "أوسلو"، والذي يدخل، بصورة أو أخرى، ضمن صلب الدعوة إلى بناء استراتيجية وطنية مستندة إلى المقاومة، بشتى أشكالها، ضدّ الاحتلال". وأوضحت بأن "المبادرات والاتفاقيات السابقة لم تجد التطبيق الفعليّ لها، بسبب موقف كل من حركتي "فتح" وحماس" وعدم توفر الإرادة السياسية للمباشرة في تنفيذ ما جرى التوافق بشأنه".
ورأت أن "المبادرة تشكل موقفا واضحا ومحددا لإنهاء الوضع المأزوم"، معتبرة أن "السلطة الفلسطينية تتحفظ على مسألة إلغاء اتفاق "أوسلو" ولا تريده، رغم أنه يعدّ قيدا بالنسبة لها، ولكنها ما تزال تراهن على مسار المفاوضات، بالرغم من مضيّ 23 عاما من الفشل وإنسداد الأفق السياسي".
وتابعت قائلة إن "السلطة تعوّل على التفاوض للحصول على شيء ما، إلا أن سلطات الاحتلال لن تعطي شيئا في ظل تحرّرها راهنا من ضغط المساءلة والالتزام، بينما تمضيّ في نمط عدوانها الثابت ضد الشعب الفلسطيني".
ونوهت إلى أن "الفلسطينيين في مرحلة تحرر وطني، بما يستوجب الابتعاد عن النقاط الخلافية، صوبّ الالتفاف حول القواسم المشتركة لوضع آليات المواجهة الناجعة ضدّ الاحتلال، وإجراء حوار وطنيّ شامل ضمن الإطار الفلسطيني الجمعيّ".
ويشار إلى أن جلسات حوار المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" لم تنجح حتى الآن في تجسيّر هوّة النقاط الخلافية بين الطرفين، تمهيدا لتحقيق المصالحة الوطنية ورأبّ الصدّع الفلسطيني.
استراتيجية وطنية موحدة
من جانبه، قال القيادي في "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" وعميد كلية الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، سمير أبو مدللة، إن مبادرة "الجهاد الإسلامي" جديرة بالاهتمام والنقاش الشامل في إطار القوى والفصائل الفلسطينية.
وأضاف أبو مدللة، " من فلسطين المحتلة، ان "المبادرة تتقاطع مع مبادرات أخرى سابقة، بخاصة عند المطالبة بإعادة بناء وتفعيل المنظمة، وإنهاء الانقسام، وصياغة استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الاحتلال، بالإضافة إلى التأكيد على البعد العربي والدولي، حيث تعتبر تلك النقاط مشتركة مع الديمقراطية".
واعتبر أن "أوسلو" قد "التفت حول برنامج المنظمة، رغم أن قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، في آذار (مارس) 2015، طالبت بوقف التعامل، الأمني والاقتصادي، مع الاحتلال وإعادة النظر في الاتفاقيات المبرمة معه، إلا أن جولات (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري المكوكية آنذاك التفت حولها".
وأكد ضرورة "وضع استراتيجية وطنية موحدة وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير وإجراء الانتخابات وفق التمثيل النسبي الكامل، باعتبارها نقاط توافق جمعيّ بين مختلف القوى والفصائل".
ودعا إلى "تدويل القضية الفلسطينية، ضمن استراتيجية محددة، ونقلها للمحافل الدولية، والمطالبة بدولة فلسطينية في مجلس الأمن الدولي، وإذا تم استخدام "الفيتو" ضدها فسيتم التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة تحت "بند متحدون من أجل السلام". ونوه إلى ضرورة "محاسبة الاحتلال ومحاكمته على جرائمه ضدّ الشعب الفلسطيني، عبر التوجه الجدّي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث ما تم تقديمه حتى الآن ملفات وليست شكاوى رسمية".
حوار وطني شامل
وكان الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، رمضان شلح، طرح مبادرة من عشر نقاط للخروج من الوضع الفلسطيني الراهن، منها سحب منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، وإعادة بناء المنظمة لتصبح الإطار الوطني الجامع لكل القوى الفلسطينية.
كما دعا إلى إلغاء اتفاق أوسلو، وإنهاء الانقسام الممتد منذ 2007، مؤكداً بأن "حركته تمدّ يدها للجميع ولكل قوى ومكونات الشعب الفلسطيني، معتبرا أن "إنهاء الانقسام يكون بمبادرة في يدّ الرئيس محمود عباس".
إلى ذلك؛ أشاد النائب المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان بالمبادرة، التي يرى فيها "قواسم عديدة مشتركة بين مختلف قوى العمل الوطني الفلسطيني، خاصة ما تعلق منها بالوحدة الوطنية". ودعا دحلان، في تصريح نشره أمس على حسابه في "فيسبوك"، إلى "تكثيف الاتصالات بين كل قوى وشرائح الشعب الفلسطيني، وبينها جميعاً وبين الأشقاء في جمهورية مصر العربية ودعوتها لرعاية حوارات فلسطينية مكثفة بما يحفظ القضية الفلسطينية ويعزز الأمن القومي العربي".
من جانبه، قال حزب الشعب الفلسطيني إن المبادرة "تتضمن عناصر مهمة جديرة بالبحث"، معتبراً أنها "جاءت استمرارا لمسيرة الكفاح الوطني من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة، حيث لعبت "الجهاد" دورا مهما في مسيرة النضال الوطني".
وأضاف، في بيان صحفي أمس، إن "المبادرة حملت العديد من النقاط والأسس المهمة، وجاءت لتعكس عمق الحاجة الفلسطينية لضرورة اﻻتفاق على رؤية استراتيجية فلسطينية جامعة، تعيد للقضية الوطنية مكانتها على مختلف الصعد".
وأكد ضرورة "عقد لقاء فلسطيني شامل على أعلى مستوى، يضم القوى لبحث مقترحات شلح وأية آراء أخرى من القوى الفلسطينية، بهدف اﻻتفاق على اﻻستراتيجية ووضع الآليات اللازمة لتنفيذها، وفي مقدمة ذلك إنهاء اﻻنقسام في أسرع وقت ممكن".
وتتضمن المبادرة، أيضاً، "إطلاق حوار وطني شامل"، و"إعلان المرحلة تحرر وطني والأولوية لمقاومة الاحتلال، بما يتطلب إعادة الاعتبار للمقاومة والثورة ولتصبح الانتفاضة شاملة لدحر الاحتلال".
ودعت إلى "صياغة برنامج وطني لتعزيز صمود الشعب ووجوده على أرضه"، و"الخروج من حالة اختزال فلسطين أرضا وشعبا في الضفة وغزة، لصالح التأكيد بأن الشعب الفلسطيني واحد، بكل مكوناته في 1948 و1967 ومناطق الشتات".
ونوهت إلى أهمية "الاتصال بالأطراف العربية والإسلامية تجاه هذه الخطوات، ووقف قطار الهرولة نحو العدو الصهيوني وسحب المبادرة العربية والعمل مع مصر لرفع الحصار عن غزة"، تزامناً مع "ملاحقة قيادة المنظمة للاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب وتعزيز المقاطعة الدولية".