ما أسباب ارتفاع حالات الانتحار العام الماضي في الاردن؟

كشف تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي صدر مؤخرا، أن إحصاءات مديرية الأمن العام تشير إلى ارتفاع حالات الانتحار عام 2015 حيث بلغت (113) حالة، مقارنة بـ (100) حالة و(108) حالات عام 2013، و(86) حالة عام 2012، وذكر التقرير أن أسباب الانتحار تعود عادة في مجملها إلى ظروف متعددة نفسية واجتماعية أو مالية، وأحيانا عاطفية، وفي أحيان كثيرة تعود إلى الظروف المذكورة مجتمعة.

حيث بين الخبير الاجتماعي رياض الصرايرة أن الانتحار له أسباب عدة (نفسية اجتماعية اقتصادية )، وأن ابرز العوامل المؤدية إلى الانتحار في الدرجة الأولى هي العوامل الاقتصادية بشكل مباشر، ومن ناحية اجتماعية هي ظاهرة غريبة على المجتمع، مؤكدا أن الظاهرة في شريعتنا محرمة، وهي طارئة وغير مقبولة إطلاقا. وبالتالي لا بد من معالجة هذه الظاهرة، من خلال الوقوف على الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة وانتشارها.

وبين الصرايرة أن الفقر والبطالة من ابرز الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، والذي يلعب دورا رئيسيا في اتساع هذه الظاهرة، ناهيك عن المشكلات الاجتماعية المنتشرة ومنها حالات الطلاق والعنوسة، أو الخلافات بين الأزواج والإخوة والأقارب.

الصرايرة قال ما الذي تتوقعه من شاب تخرج من الجامعة وأنفق عليه أهله آلاف الدنانير وتقدم لديوان الخدمة، وبعد فترة طويلة مدتها 15 سنة أو أقل أو أكثر قد تتم تلبية طلب توظيفه!.

ولفت الصرايرة إلى أن الأمور المادية والاقتصادية تضغط على شبابنا الذين يعيشون حربا نفسية مع ظروفهم القاسية وغلاء المعيشة، وأضاف 'لقد اختلفت العادات والقيم بسبب تطور ثورة المعلومات والتكنولوجيا التي أسهمت في تبادل ثقافات المجتمعات الغربية إلى مجتمعاتنا العربية والإسلامية فأصبح المواطن يشعر بعدم الرضى.

ونوه أن ما جاء في ورقة الملك بمثابة خارطة الطريق لحل كثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع، مطالبا بترجمتها على أرض الواقع وتنفيذها على شكل برامج ومشاريع.

خبير جتماعي عبر عن أسفه لانتشار هذه الظاهرة وبين أنها تزداد كل سنة، للأسف الشديد منذ 10 سنوات هي في ازدياد مستمر.

وأكد في السنوات القليلة الماضية ارتفعت حالات الانتحار من 50 – 70 حالة، بعد أن كانت تسجل 20 حالة سنويا في الأعوام التي سبقتها، الأحوال الاجتماعية والنفسية مسؤولة عن 80 بالمئة من حالات الانتحار، والعوامل الاقتصادية هي احد الأسباب المهيئة للتعرض لحالات نفسية، تصل إلى حالات الاكتئاب الشديد

وان من ابرز أسباب الانتحار فقدان الأمل في الحاضر وفقدانه في المستقبل، وأن الشخص الذي يريد الانتحار يرى الدنيا عبارة عن ظلام اسود أمامه، وخاصة في عصر العزلة وعصر الانطوائية.

العميد المتقاعد حسين الطراونة اعتبر أن الانتحار موجود في كل المجتمعات ومنذ بداية الخليقة، إلا أن حياة الناس في المجتمعات العربية والإسلامية منضبطة بتعاليم الدين الإسلامي الذي يحث على الاهتمام بالنفس والروح.

وأوضح الطراونة أن الأرقام الموجودة في مديرية الأمن العام تشير الى ان نسب الانتحار ضمن المعقول، وهي ظاهرة ليست متفشية؛ وأضاف 'صحيح أنها مقلقة، إلا أنها ضمن المعقول مقارنة بنسب الانتحار في المجتمعات الأخرى'

وبرأي الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الشباب يجد أن هناك أفقا يكاد يكون مسدودا لإيجاد فرص عمل بعد هذا الاستثمار الكبير على مستوى الأسرة والجهد المبذول للتخرج من الجامعة؛ مضيفاً: 'يجد هؤلاء الشباب أنفسهم عاجزين أمام هذه الآفاق التي تكاد مغلقة، وهم عملياً ينتحرون ببطء حينما لا يجدون عملاً'.

وبين عايش أن هرم المديونية الذي يعلو بنيانه، وهرم معدلات البطالة التي وصلت إلى 13.5 بالمئة، والحديث المستمر عن عجز الموازنة، وانخفاض الإيرادات، وأمام النمو الاقتصادي الذي يدور حول 2.5 بالمئة، وأمام هذا الأفق الذي يبدو مسدودا بسبب السياسات الجديدة، وأمام الاستعانة بنفس الطاقم سواء في إدارة المشكلات أو في محاولة ايجاد حلول لها، وهو الذي كان سببا فيها، فإن الرسالة العامة هي الشكوى من الأوضاع القائمة التي وصفها بـ'المعيشة الصعبة'.

ولاحظ عايش أن الشباب يجدون أنفسهم مسؤولين عن تحمل النتائج اخفاقات المجتمع والحكومات، وبالتالي تطورت ردود أفعالهم من الانتحار الفردي إلى التهديد بالانتحار الجماعي؛ مشيرا إلى أنها وسيلة مبتكرة لإيجاد حل لمشاكلهم.
وأبدى استغرابه من سعي الناس الى التفكير بطريقة مختلفة لتحسين أوضاعهم، في حين أن الحكومة ما زالت تفكر بنفس الطريقة والمنهجية، -على حد تعبيره-.

وسبق ان أفتت دائرة الإفتاء بحرمة الانتحار في الاسلام، قائلة إنه حرام، وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى، لأنه قتلُ نفسٍ حرمها الله عز وجل بقوله تعالى:({وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}(93) سورة النساء.

يشار الى ان تقريرا دولي لفت الى تراجع عدد حالات الانتحار في الأردن بنسبة 7.4% خلال عام 2014، مقارنة بالأعوام السابقة.

وأوضح ان 21% من حالات الانتحار في الأردن خلال عام 2014 كانت لعاطلين عن العمل و15% لأجانب و10% لأحداث و7% لطلاب.

وذكر ان عدد حالات الانتحار انخفض خلال عام 2014 بنسبة 7.4% حيث سجلت 100 حالة انتحار، فيما شهدت خلال السنوات الخمس السابقة تزايداً ملحوظاً، فخلال عام 2009 كان هنالك 34 حالة انتحار وخلال عام 2010 وصلت الى 49 حالة انتحار، وتراجعت خلال عام 2011 الى 39 حالة، لتعود وترتفع خلال عام 2012 الى 86 حالة، ووصلت خلال عام 2013 الى 108 حالات انتحار، ولم يشر التقرير الى عدد الذكور والإناث من مجمل الحالات.

وبين التقرير أن عام 2014 شهد 21 حالة انتحار بين العاطلين عن العمل، و15 حالة انتحار بين الأجانب، و10 حالات انتحار بين الأحداث، و7 حالات انتحار بين الطلاب.

وأشار تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية خلال شهر أيلول 2014 بعنوان 'الوقاية من الانتحار: ضرورة عالمية'، الى أن الأردن وخلال عام 2012 شهد 114 حالة انتحار كان من بينها 60 حالة لذكور و54 حالة لإناث وبنسبة وصلت الى 47.3%.

وأكد التقرير الأممي أن الانتحار يشكل السبب الثاني للوفاة بين الشباب والشابات في الفئة العمرية 15-29 عاماً
65 حالة انتحار ناجحة، و400 محاولة فاشلة. أما المصادر الأمنية فأنه سجلت 35 حالة انتحار في 2009 و 34 حالة في 2008.