المستوطنون يقتحمون ‘‘الأقصى‘‘ بحماية الاحتلال
تصدى المصلون وحراس المسجد ألأقصى المبارك، أمس، لاقتحام المستوطنين المتطرفين للمسجد، من جهة "باب المغاربة"، تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما أسفر عن وقوع اشتباكات بين الطرفين.
ووفرت قوات الاحتلال الحراسة الأمنية المشددة للمستوطنين لدى اقتحام الأقصى، وتنفيذهم جولات استفزازية في باحات المسجد ومرافقه، وخلال تقديمهم شروحات أسطورية حول "الهيكل"، المزعوم، مكان المسجد، فيما تصدى المصلون وطلبة العلم بهتافات التكبير الإحتجاجية لعدوانهم.
ويأتي ذلك عقب أيام قليلة فقط من صدور قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، حول اعتبار المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف للمسلمين فقط، والذي أعلنت سلطات الاحتلال رفضها المطلق لنفاذه، فيما أكد المستوطنون تحديهم له.
فيما توالت ردود الفعل الفلسطينية المرحبة بالقرار، حيث اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني أن القرار "جسد إرادة المجتمع الدولي بإنصاف حقوق الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة ومقدساتها".
وأكد، في تصريح صدر عن رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، "رفضه لتصريحات كل من المديرة العامة "لليونسكو" والمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، المخالفة لقرار أعضاء الهيئة الإدارية (مجلس المدراء) للمنظمة الأممية".
وقال إنه "كان من الأولى على المنتقدين للقرار الوقوف إلى جانب إرادة المجتمع الدولي ومؤسساته، والمبادرة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة مدينة القدس المحتلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وشعبها".
من جانبها، قالت هيئة علماء ودعاة القدس إن القرار الأممي "تاريخي حكيم، ويبطل المزاعم والأوهام، والادعاءات الإسرائيلية الاحتلالية".
وأكدت الهيئة، في بيان أمس، إن القرار يعد "تأكيداً وتأييداً للحق الشرعي بالأقصى، وبحائط البراق، الذي هو جزء من المسجد الأقصى، حيث لاعلاقة لليهود فيهما من قريب، ولا من بعيد، من الناحيتين التاريخية والدينية".
وأشارت إلى أنه "يجب اعتماد الأسماء العربية الإسلامية للمسجد الأقصى، وساحة البراق، فالمسجد الأقصى ليس هو "جبل الهيكل"، وحائط البراق ليس "حائط المبكى".
واعتبرت أن "القرار يشكل فضحاً لحملات التضليل الإسرائيلية حول الأقصى"، مطالبة "بوضع حد للاحتلال لمنعه من إحداث أي تغيير على الواقع التاريخي للمقدسات الإسلامية في القدس، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك".
وأوضحت أن "تصريح المديرة العامة "لليونسكو" لا يمثل المجلس التنفيذي للمنظمة"، منوهة إلى "انحياز بعض الدول للتضليل والباطل الذي يقوم به الاحتلال في الأقصى، والذي يمس المسلمين في أرجاء المعمورة".
وكانت المديرة العامة لـ"اليونسكو"، إيرينا بوكوفا، قد صرحت ضد قرار منظمتها الأممية، حينما قالت إن "ألأقصى لليهود أيضاً وليس حكراً على المسلمين فقط"، بحسبها.
بدورها؛ رحبت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية بقرار "اليونسكو"، الذي اعتبرت أنه "يفند الإدعاءات الإسرائيلية الكاذبة بشأن المسجد الاقصى، ويعد انتصاراً لنضال الشعب الفلسطيني ومقاومته الشعبية".
وقال النائب والأمين العام للمبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي، إن القرار "يؤكد عدم وجود أي علاقة أو حق للاحتلال الإسرائيلي، وللمستوطنين، في القدس المحتلة، والمسجد الأقصى، بحيث يشكل الاقتحام الإسرائيلي للمسجد تعديا على القانون الدولي".
وأوضح أن القرار الأممي "يعزز المقابل الفلسطيني، ويدحض الادعاءات الإسرائيلية بوجود "الهيكل"، المزعوم، في الأقصى، ويفند محاولاتها المتواترة لتزوير الجانب التاريخي، بما يقدم سلاحاً قوياً للفلسطينيين لتعزيز المقاطعة وفرض العقوبات على الكيان الإسرائيلي لمخالفته القوانين الدولية".
ورأى أن "تصويت ممثلو 24 دولة إلى جانب القرار، ومعارضة 6 فقط، مقابل امتناع 26 عن التصويت، حيث كان بعضها سيصوت لصالح القرار لولا الضغوط الأميركية، يبشر بإمكانية كسب تأييد العالم وحشده إلى جانب القضية الفلسطينية".
وطالب "اليونسكو بإرسال بعثة خبراء إلى الاماكن المقدسة لرصد التدمير الذي ألحقته سلطات الاحتلال بالمواقع التاريخية ومواقع التراث الثقافي، من تدمير وتهويد"، داعياً إلى "تعيين مندوب دائم للمنظمة في القدس المحتلة لمتابعة الأنشطة الإسرائيلية التدميرية".
وفي الأثناء؛ فرضت سلطات الاحتلال إغلاقاً أمنياً شاملاً على الأراضي الفلسطينية المحتلة اعتباراً من الليلة الماضية بمناسبة حلول ما يسمى بعيد "المظلة-السوكوت" اليهودي .
ووفقاً للمواقع الإسرائيلية، أمس، فقد جرى إغلاق المعابر الحدودية مع قطاع غزة ومنع حركة وتنقل الفلسطينيين عبر الضفة الغربية والأراضي المحتلة العام 1948.
كما انتشرت قوات معززة من شرطة الاحتلال في مختلف الأراضي المحتلة، كما توزعت في محيط "حائط البراق" والمسجد الأقصى وأحياء القدس القديمة، لقمع أي محاولة للتجمهر الفلسطيني أو تنفيذ عمليات ضدها.
على صعيد متصل؛ قال السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور، إنه "أعد عناصر لمشروع قرار يدين الإستيطان الإسرائيلي بهدف طرحه في مجلس الأمن، وذلك عقب الحصول على دعم المجلس الوزاري العربي الذي سيطلع على عناصر المشروع في وقت لاحق من الشهر الجاري".
ووفقاً للسفير منصور؛ الذي تحدث خلال جلسة غير رسمية لمجلس الأمن الدولي حول الاستيطان، فإن أبرز عناصر المشروع تؤكد بأن المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 غير شرعية وتشكل عقبة رئيسة أمام تحقيق حل الدولتين والسلام العادل والشامل والدائم".
ويطالب الجانب الفلسطيني بوقف الأنشطة الاستيطانية، وكف عدوان المستوطنين و"كل أعمال العنف والإرهاب والتدمير والاستفزاز من جانبهم ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأراضيه، ومحاسبتهم على ارتكاب هذه الأعمال غير القانونية".
ويدعو المشروع إلى ضرورة "تكثيف الجهود الدولية والإقليمية وتسريعها بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من دون تأخير"، مع تأكيد "أهمية مبادرة السلام العربية".
وكان نائب السفيرة الأميركية، ديفيد غروسمان، أعرب خلال الجلسة عن "قلق الولايات المتحدة حيال استمرار سياسة الاستيطان" والذي "يقوض جهود السلام وحل الدولتين".
وأضاف أن الموقف الأمريكي يؤكد أن "على "إسرائيل" أن تختار بين الاستمرار في الاستيطان أو حل الدولتين"، معتبراً أن قرارات توسيع المستوطنات تؤدي الى "تأبيد الاحتلال".
واعتبر أن اتفاق الحل النهائي "لن يتحقق من دون مفاوضات مباشرة، لكن التقدم الحقيقي يمكن أن نحرزه الآن، وأن نمهد الطريق الى المفاوضات الفعلية، وان نمتنع عن خطوات تقوض حل الدولتين".
فيما جددت فرنسا تأكيد التزامها العمل على عقد المؤتمر الدولي في وقت لاحق من العام الحالي لجمع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بما يؤدي إلى استئناف المفاوضات المباشرة.
وقال السفير الفرنسي، فرنسوا ديلاتر، إن "العدو الأكبر لحل الدولتين هو غياب الحوار، حيث ترى فرنسا أن الطريق السياسي المسدود حالياً خطير وغير مقبول، ويؤدي الى إمعان الإحباط وتعميق الفجوة بين الجانبين"، الفلسطيني والإسرائيلي.