مجازر مؤلمة في شوارعنا
أخبار امس مفجعة ، مجزرة جديدة يذهب ضحيتها سبع طالبات وسائقان هما المسؤولان عما حدث في المحصلة ، ندعو لهم جميعا بالرحمة ، ونرجو لنا جميعا من بعدهم العبرة ، فقد بات محزنا ومؤلما جدا ، ومُتعبا نفسيا كل هذا التوتر والخوف الذي نعيشه في شوارعنا ، جراء الطيش والاستهتار والعنتريات القيادية التي انتقلت من دوائر الحكومات الى مربعات المواطنين ، فـي» الكرك « المدينة والعشيرة التي طالما قدمت للوطن الأبطال والشهداء والقادة ، نقدم لها اليوم فجيعة بزهراتها البريئات وأبنائها الكادحين .
لن تتوقف مجازر الطرق عندنا ، وحصاد حوادث السير في الشوارع ، دون ثمن باهظ وقانون رادع يطيح بالتمرد الذي أصبح محل افتخار وإثبات رجولة لشباب طائش ، كي يكف السائق عن رعونته التي جعلت من المركبات المصنوعة لخدمة الإنسان الى مجرد « نعش طائر» على دواليب ، قد يحمل أرواح الناس معه في أي لحظة ، ودون أدنى مسؤولية .
الأسبوع الماضي اقترحت على الزميل « محمد الوكيل» صاحب الصوت الأكثر انتشارا عبر الأثير ، أن يخصص دقائق من برنامجه الصباحي ، ليخاطب السائقين وينصحهم ، وعلى جميع الزملاء أيضا في الإذاعات المحلية ايضا الاضطلاع بحملة توعية و نصائح وإرشادات للجحافل الهادرة التي تقود السيارات بطيش في شوارعنا دون أدنى شفقة ، علّ الناس تغير من عاداتها وسلوكياتها في الشوارع ، ومراعاة قواعد وأخلاق السير ، وأهمها الإلتزام بالسرعة في حدها الأدنى ، والسير ضمن المسرب الأيمن ، وعدم التقافز من مسرب لآخر دون إستخدام التنبيه الضوئي « غماز» ، والأهم توطين النفس على أن الشارع هو ملك للجميع ولا يحق لأحد أن يعّبر عن مرضه النفسي من خلف المقود .
هناك كثير من السلبيات التي يتعاطاها كثير من السائقين وخاصة الشباب منهم ، فهم يرون في إفساح الطريق لسيارة متجاوزة إهانة ، وهذه ليست لعبة سير فقط ، بل أصبحت لعبة مجتمع ، لم يعد أحد يفهم معنى التواضع وأخلاقيات السلوك واحترام الآخر ، بل يفهمون شيئا واحدا ، « الأنا البطولية» ، ولو دعينا للنفير في معركة ضد العدو ، لهرب نصفنا على ما أعتقد .
أسير يوميا عبر طريق المطار ، وأشاهد الحافلات المتوسطة التي تنقل الطلاب وهي في غالبيتها تابعة للجامعات ، فضلا عن الحافلات المتوسطة على الخطوط العامة الداخلية ، واستغرب كيف تتسابق هذه الحافلات بسرعة طائشة على طريق مليء بالمعيقات والمطبات غير الضرورية ، وكيف تترك الطرق الرئيسة مفتوحة أمام شاحنات كبيرة وقلابات وصهاريج لنقل الماء تسابق الريح ، وكل هذا يجري في ظل انعدام تام لأخلاقيات الشارع واحترام الآخر ، والشعور بالمسؤولية الشخصية تجاه الشارع والمركبة والمستخدم الآخر .
سنبقى نكتب ونصرخ في وجه القارىء ، ولن نخرج بنتيجة إن لم يساعدنا القانون ، فليس من المعقول أن تحول « التعليمات « رجال السير الى مجرد « محرري مخالفات « وان يبقى السائق دافعا للمخالفة ، ويعالجها بالشتم على المحرر والمسؤول ، ثم تكون ردة فعله ارتكاب مخالفات غير مضبوطة ، وشعورا باللا مبالاة ، فمعادلة العصا والجزرة فقدت أولوية الجزرة التي تؤكل دون شكر ، وعلى العصا القانونية أن تضبط الأمور ، قبل أن يعم الشعور بأن لكل مواطن قانونه الخاص .
من هنا يجب إعادة وضع قانون صارم للسير يعيد الأمور الى نصابها ، قانون رادع لا وادع ، قانون يحفظ حق المواطن السائق الملتزم ، ويحميه من السائق الطائش الذي يتعامل مع المركبة وكأنها « دراجة هوائية» ، وفي أقل من دقيقة يرتكب حادثا يخلف قتلى وجرحى ، أو مشاجرة تعطل السير ، أو حطاما يزيد في الخسائر المادية للاقتصاد الوطني ،، يجب أن ننتهي من عقلية الجباية والمشيخة والتباهي ، وننتقل الى «قوة ردع» تعيد لرجل السير وللطريق وللإشارة الضوئية وللشواخص المرورية وللأخلاق العامة هيبتها التي فقدت .
الرأي