وما شأن وادي عربه ..!

ليس الحراك الشعبي الاردني الاصلاحي من يريد اسقاط ( اتفاقية وادي عربة) وانما المحفزين لشكل آخر من الاحتجاج لغايات توسيع مبررات التظاهر كل يوم جمعة لتشمل كل شيء وأي شيء بما في ذلك اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية ,فقد نضبت عناوين الاحتجاج ومواضيعه ولم يتبق غير اتفاقية السلام لرفعها شعارا بوجه الحكومة الجديدة, هنا ايضا سبب آخر يدفع وعاظ الفوضى للبحث عن سبب تعجيزي للاحتجاج ,فهذه الحكومة جاءت لمهمة واضحة محددة وسوف تنجزها بالوقت المناسب ,ولانها كذلك اذن لا بد من البحث عن مبرر آخر للعمل ضدها لتعطيل جهودها وتأخيرها عن اعداد الاردن لانتخابات نيابية مبكرة .
ثورة الشعب المصري لم ترفع شعار اسقاط اتفاقية كامب ديفيد ,والآن بعد أكثر من سنة على انتصار الثورة المصرية وانتخاب مجلس شعب يغلب عليه الطابع الاسلامي لا احد يطالب بالغاء الاتفاقية بل اعلنت مصر التزامها بجميع الاتفاقيات الدولية ولم يعترض لا مجلس الشعب ولا الاحزاب الاسلامية على ذلك,والسبب اختلاف المنظرين في الجانبين ,ففي مصر مصلحة المصريين اولا وهي هم الاسلاميين والقوميين وحتى عبدة الشياطين ,اما وعاظ الفوضى عندنا ومن يسير خلفهم - دون فهم حقيقي لدوافعهم - فمصالح الاردنيين والاردنيين هي آخر اهتماماتهم ,ولنسأل الآن عن السبب ,فلماذا تكون اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية في هذه المرحلة عقبة بوجه الاصلاح ,ثم لماذا تثار قضية الغائها في هذه المرحلة الزمنية الحرجة بالنسبة للأردن ,ثم لماذا تتغير شعارات حراكات الجمعة صعودا نحو التعجيز ,ولماذا اوقضت القضايا النائمة ,هل الهدف وضع العصي في دواليب الحراك الوطني الاصلاحي المنتج ,ام ان الهدف شيء آخر يبلغ في حده الادنى اثارة الفتن وتشتيت الجهود واشعال حرائق صغيرة حول البيدر الوطني .!
مرة اقترح احد المنظرين قيام الاردن بتهريب البضائع للعراق وخرق الحصار الذي فرض عليه في العام 1991 كي تشملنا الدول الغربية بهذا الحصار ونوضع مع الاشقاء العراقيين في خندق واحد ,والصمود بوجه الحصار ولو بدون مقاومة ,كان الهدف في ذلك الوقت تركيع الاردن كليا وجعلنا قيمة مضافة للعراق فيشملنا حصار دولي لا شأن لنا باسبابه ,عانينا مع العراقيين وما زلنا نعاني مع غيرهم من العرب ,واصبحنا بلد لجوء لحسن حظنا ,اما اليوم فالمطالب بالغاء اتفاقية وادي عربه يراد لها نفس المصير وإن على جبهة أخرى ,فمتى انكشف ظهر الاردن سهل تفكيكه ,ومتى عطش سهل الانقضاض عليه من الداخل ,ومتى فقد علاقاته بالمجتمع الدولي سقط بلا مقاومة ,ومتى لعبنا بالضمانات التي بين ايدينا دخلنا نفق التيه والضياع ,وفي كل هذه الاحوال المطلوب قلب المعادلة ,فبدلا من ان يكون الاردن بلدا آمنا مستقرا يلجأ اليه الاشقاء العرب ضحايا الحروب والمحن ,يراد لنا ان نخوض التجربة بانفسنا وأن نصبح لاجئين كي يشملنا المصير الواحد مع الاشقاء السوريين والعراقيين.
لا شأن لاتفاقية السلام الأردنية الاسرائيلية بالعثرات التي تواجه مسيرة الاصلاح ,فالعثرات من داخل البيت لم تصدرها لنا جهة او دولة رغم خشيتنا أن يكون اللعب بمقومات الدولة الاردنية وقواه وركائز بقائه مشروعا خارجيا يرتبط بالفكرة الخلاقة نفسها الا وهي شمول الاردن بمصائب المنطقة ليكون مستوعبا لعمليات ايواء لفصائل مسلحة بدلا من ان يكون ملجأ للهاربين من جحيم الحروب ,يراد للاردن ان يفقد كل اسرار صموده العجيب بوجه اسرائيل كخصم أول ,وبوجه المؤامرات العربية وما أكثرها .,اما مؤامرات الداخل فالاكثر خطرا وحضورا وتكبر كل يوم امام اعيننا .