البخيت: الأردن ملتزم بكافة المعايير الدولية لإنجاح برنامجه النووي

قال رئيس الوزراء الأسبق/ رئيس اللجنة الاستشارية الدولية للبرنامج النووي الأردني، الدكتور معروف البخيت، أن الأردن ملتزم بكافة المعايير الدولية المطلوبة لانجاح برنامجه النووي السلمي، بما يحقق هدف ايجاد مصدر مستدام ومستقل للطاقة الكهربائية، في ظل الطلب المتزايد عليها وبنسبة تبلغ 6 % سنويا حتى الآن.
وقال البخيت، في مؤتمر صحفي استعرض فيه نتائج التقرير الأول الذي اصدرته اللجنة، أن اللجنة اشادت فيه بمدى التقدم في البرنامج النووي والتزامه بالمعايير الدولية ذات العلاقة، إلا أنه وبالرغم ذلك، تضمن تقريرها بعض المآخذ وأهمها دمج مجموعة من الهيئات التنظيمية في القطاع، وإنشاء هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن التي أصبحت تتكون من 5 مفوضين يتولى احدهم المسؤولية الرئيسية عن المسائل النووية، معتبرة ان هذا الامر اضعاف للاولوية الوطنية في تنظيم اقوى للمجال النووي، لانه في حالات خاصة قد ينشأ تضارب مصالح، فيما كان في الأردن حتى العام 2014 منظم نووي مستقل.
وضمت اللجنة في عضويتها 7 شخصيات معروفة من جنسيات متعددة وذوي مكانات علمية مرموقة على المستوى العالمي هم الرئيس السابق السلطة النووية البريطانية السابقة/ بريطانيا باربرا جدج، ومدير العام المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن)/ ألمانيا، رولف هوير، وكبير مفتشي المنشآت النووية السابق والرئيس التنفيذي السابق لمكتب التنظيم النووي/ بريطانيا، مايك ويتمان، ونائب المدير العام السابق لشؤون التطبيقات النووية/ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيرنر بوركارت، والرئيس السابق في هيئة التنظيم النووي الاميركية والرئيس الفخري لمعهد كارنيجي للعلوم / الولايات المتحدة الأميركية، ريتشارد مزيرف، والمساعد السابق لوزير الطاقة الاميركي / الولايات المتحدة، بيتر ليونز، ومفوض سابق في هيئة الطاقة الذرية اليابانية/ اليابان، اكيرا اوموتو، كما ضمت أيضاً في عضويتها وزيرالطاقة والثروة المعدنية الاسبق الدكتور خالد الشريدة.
واسست اللجنة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وفقا للبخيت، لغاية التحقق من سلمية المشروع وفوائده ولوضع الرأي العام في الصورة الحقيقية للبرنامج، وبهدف تقديم استشارة مستقلة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والحكومة والبرلمان فيما يتعلق ببرنامج الطاقة النووية الأردني.
وبين البخيت، خلال استعراضه نتائج التقرير الذي أطلقة رسميا في مؤتمر صحفي في مبنى هيئة الطاقة الذرية الخميس الماضي، أن اللجنة رأت أن جميع عناصر البرنامج النووي وهي هيئة الطاقة الذرية الأردنية، الشركة الأردنية للطاقة النووية، وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن تعاني من نقص في كوادرها، وجميعها تحتاج الى خبرات بمهارات مناسبة، وانه قد لايكون لدى الأردن حالياً ما يكفي من كبار الخبراء في هذه المراحل الاولية الحرجة من برنامج الطاقة النووية، وان توظيف خبراء عالميين الآن اساسياً للاشراف على خريجي جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وتوجيههم وتدريبهم إلى حين انتقالهم إلى العمل في هذه المؤسسات.
وقال البخيت إن التقرير لاحظ ان ترتيبات التمويل لشراء محطة الطاقة النووية "تبدو ضبابية بعض الشيء" للمجموعة الاستشارية الدولية، فقد كان هناك اعتماد قوي على التمويل من روسيا، ولم يكن واضحاً كيف سيتم اكمال الجانب الأردني في الصفقة المالية وتوصي اللجنة بإضفاء مزيد من الوضوح على حصة الأردن من التمويل اذا لم يتم اكمالها حتى الآن.
إلى ذلك، قال رئيس هيئة الطاقة الذرية، الدكتور خالد طوقان، ان العام الحالي سيكون مميزا على صعيد الطاقة النووية؛ حيث سيتم الافتتاح الرسمي للمفاعل البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وسيتم تسلم الإدارة الكاملة لهذا المفاعل من الجانب الكوري مع نهاية العام الحالي.
وسيتم خلال الاسابيع المقبلة، وفقا لطوقان، انتاج الكعكة الصفراء من اليورانيوم رسميا، كما سيتم بحلول الصيف المقبل تشغيل مسارع السنكوترون، مؤكدا أن هذه الانجازات سوف تضع الأردن على الخريطة الدولية في المجال النووي.
وأكد طوقان أن الأردن لن يوقع عقد بناء المحطة النووية إلا بعد تأمينه كامل حصته من المشروع، مشددا على أن الحصة الأكبر فيه سوف تبقى لصالح الأردن حفاظا على سيادته في المشروع، فيما اشترطت الحكومة على الجانب الروسي 20 % من كلف بناء المشروع سوف تذهب لمقاولين محليين.
وبين البخيت ان المجموعة قامت بأعمالها وفقاً للشروط المرجعية التي تضمنت تحديد التوجهات العالمية للطاقة النووية، وتقديم المشورة في عدة مجالات أهمها الاستراتيجية الأردنية للتعامل مع النفايات النووية، والخيارات الأفضل وآليات التمويل لمشروع محطة الطاقة النووية الأردنية، واعتماد نماذج وحدات المفاعلات النووية الصغيرة لمستقبل محطات الطاقة النووية في الأردن.
كما تضمنت الشروط المرجعية توفير تقييم موضوعي للاختيار الأردني للتكنولوجيا النووية، وبخاصة المفاعلات النووية من الجيل الثالث والتي سيتم بناؤها قريباً.
ومن هذه الشروط كذلك، التقييم في مجالات جاهزية وكفاءة الموارد البشرية لخريجي قسم الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، مقارنة بغيرها من أقسام الهندسة النووية في المعاهد والجامعات الدولية، ومدى استعدادهم لأداء الواجبات وتحمل المسؤوليات الموكلة إليهم في البرنامج النووي الأردني، والاطار القانوني التنظيمي الأردني ومدى ملاءمته لشمول جميع البرامج النووية وضمان الأمان والأمن النوويين لجميع العمليات ضمن البرنامج وبالأخص حماية البيئة، إضافة إلى كل من الاحتياجات من القوى البشرية لجميع مشاريع البرنامج النووي ومدى كفاية الخبرة التنظيمية لتنفيذ المراجعات الخاصة بالأمان والأمن النوويين، ومدى التقدم في كل مشروع من مشاريع البرنامج النووي الأردني الثلاثة وإعداد تقرير سنوي عن انجازات البرنامج وملاحظات الخبراء ورفعه لدولة رئيس الوزراء.
ومن الشروط التي التزمت بها اللجنة تعزيز الاتصالات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمات الدولية والوطنية ذات العلاقة بالطاقة النووية.
وبحسب البخيت، فإن المجموعة تجتمع مرة كل عام؛ حيث عقدت أولى اجتماعاتها بداية شهر شباط (فبراير) الماضي وتم ترتيب برنامج للزيارة التقى خلاله اعضاء المجموعة بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ورئيس الوزراء ورئيسي مجلسي الاعيان والنواب، واعضاء لجنتي الطاقة في كل من المجلسين، اضافة الى جولات ميدانية شملت زيارة لمشروع المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب، وقسم الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
وتضمن التقرير الأول للمجموعة 12 فصل، غطت كل جوانب المشروع؛ حيث تناول الفصل الأول التزام الأردن بأعلى المعايير الدولية في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية معتبرة اللجنة ان ذلك يشكل اساسا جيدا للبرنامج النووي الأردني.
أما الفصل الثاني فتناول الطاقة النووية من منظورعالمي، مبينة انه يوجد في العالم حاليا 439 مفاعلا عاملا بالإضافة الى 66 مفاعلا تحت الانشاء، و330 محطة نووية قيد التخطيط، و158 محطة قيد الدراسة، ما يبرهن على ان العالم لم يتراجع عن الطاقة النووية بعد حادثة فوكوشيما؛ حيث اشار البخيت إلى أن هذا المحور كان من اهم النقاط التي تم الاستناد اليها خلال الحوار مع معارضة البرنامج لاقناعهم بأن الطاقة النووية هي الحمل الاساس للطاقة وهي ذات جدوى اقتصادية نظرا لتخفيضها الاعتماد على استيراد النفط والغاز.
وتناول الفصل الثالث شرحاً عن أهمية الامان في المحطات النووية والدروس المستفادة من حادثة محطة فوكوشيما النووية، أما الفصل الرابع فقد تطرق إلى الحديث عن الأشعة المؤينة واستخداماتها في الاشعة العلاجية وعلاج السرطان.
وقدم الفصل الخامس نظرة عامة عن البرنامج النووي الأردني ومحاوره الاساسية الثلاثة وهي مشروع محطة الطاقة النووية؛ حيث يتطرق الى اختيار التكنولوجيا الروسية لمفاعلات الماء المضغوط من الجيل الثالث المبني على التصميم الروسي ASE 92 الذي يتميز بأعلى معايير الامان النووي، ومشروع استكشاف اليورانيوم وتعدينه الذي يضمن تزويد محطات الطاقة النووية بالوقود النووي اللازم لتشغيلها ومشروع تطوير الموارد البشرية الذي يتضمن انشاء برنامج الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية والتعاون الثنائي والاقليمي والدولي في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والبعثات الدراسية والتدريب المتخصص في مجال العلوم النووية والهندسة النووية.
واستعرض الفصل السادس الاطار التنظيمي والتشريعي للبرنامج النووي والاطار الرقابي حيث حبيت كل هذه العناصر بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ساهمت بدورها ايضا ببناء كوادر مدربة ومؤهلة.
وفي محور تطوير الموارد البشرية والذي كان موضوع الفصل السابع، بين التقرير اهمية الكوادر البشرية المؤهلة لتنفيذ البرنامج النووي الاردني بالشكل الصحيح، فيما تطرق الفصل الثامن على المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب مبينا ان الأردن يتبنى خريطة طريق واضحة لبرنامجه النووي ويسعى إلى اتاحة المجال لاستقطاب وتدريب وتعليم المختصين وبالتالي تهيئة البنية التحتية لانجاح البرنامج النووي.
اما الفصل التاسع من التقرير، تطرق إلى مشروع استكشاف وتعدين اليورانيوم خاصة في منطقة وسط الاردن، حيث أثنت اللجنة على الادارة الجيدة لهيئة الطاقة الذرية الأردنية للمشروع والتزامها بالمعايير الدولية في تنفيذه.
وتناول التقرير في الفصل العاشر دورة الوقود النووي والفضلات المشعة واتباع هيئة الطاقة الذرية الأردنية منهجية منطقية لضمان أمن التزود بالوقود النووي على المدى البعيد واستراتيجيتها الوطنية في ايجاد جدوى تجارية واقتصادية لاستغلال اليورانيوم المحلي وادارة الوقود المستهلك.
اما مشروع المحطة النووية فقد تمت مناقشته في الفصل الحادي عشر؛ حيث أشارت اللجنة إلى أن الأردن حرص على اتباع نهج الوكالة الدولية للطاقة الذرية في كافة جوانب المشروع، فقد قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساعدات عديدة من خلال مهمات الخبراء التي ساهمت في انشاء البنية التحتية اللازمة من الموارد البشرية والجوانب التشريعية والانظمة والقوانين النووية اللازمة لتنفيذ مشروع محطة الطاقة النووية الأردنية.
وتناول الفصل الأخير من التقرير موضوع التوعية في البرنامج النووي الأردني واشراك الأطراف ذات العلاقة، للتعريف بالطاقة النووية وجوانب الامان النووي والتعريف بالتطبيقات النووية والاستفادة منها في كافة المجالات الطبية والصناعية والزراعية والبحثية.
إلى ذلك، قدمت اللجنة عدة توصيات في مجالات عدة منها الإطار التنظيمي؛ حيث أوصت بإنشاء منظم مستقلّ ومموّل بالشكل الملائم لمسؤولياته المتوسعة، بحيث يتكون من هيئة مؤلفة من أشخاص ذوي خبرة مميزة يتشاركون المسؤولية عن القرارات التنظيمية.
وفي مجال تنمية الموارد البشرية قالت اللجنة ان الامر يتطلب المزيد من العمل لتعزيز تنمية الموارد البشرية ونشر الثقافة النووية، لا سيما في صناعة الإنشاء والتزويد الأردنية، كما انه على الأردن أن يقِّيم الحاجة إلى توظيف خبراء عالميين متفرغين في المراحل المبكرة من البرنامج في التخصصات الأساسية؛ من أجل تقديم نظرة شاملة للمجالات الحرجة وتوظيف خريجين أردنيين حديثي التدريب.
وفي مجال مفاعل البحوث والتدريب، أوصت اللجنة بتكثيف التعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ومستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي، وتأسيس لتعاون مع جامعات أخرى ومؤسسات داخل الأردن وخارجه، والبحث في موضوع التعاون مع مركز السنكروترون (SESAME)، سيما وانه في السنوات الأولى يجب إعطاء إنتاج النظائر المشعة لاستخدامها في المستشفيات الأردنية الأولوية على الإنتاج للأغراض التجارية.
وفي مشروع اليورانيوم، أوصت اللجنة باتباع المسارالمخطط له من جانب هيئة الطاقة الذرية في تطوير مصادر اليورانيوم الطبيعية، واستكشاف مصادر إضافية بما في ذلك خامات الفوسفات الضخمة.
وفي مجال دورة الوقود والنفايات، قالت اللجنة أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار عدم وجود أسباب تقنية تحول دون الحصول على إمدادات جديدة من الوقود لمدة (10) سنوات في الموقع واما في مجال الوقود المستنفذ شددت اللجنة على وجوب التفكير في إنشاء مستودع محلي أوإقليمي كخيارِ بديل للتخزين.
وفيما يخص مشروع محطة الطاقة النووية، اوصت الجنة بعدة امور اهمها تطوير المشروع بشكل كامل ومناقشته بعناية مع المواطنين وتسليط الضوء على السلامة في محطات الطاقة النووية الحديثة أثناء النقاشات مع الجمهور.
كما اوصت اللجنة باعطاء الصورة النهائية لعقد العطاء الهندسي، جميع جوانب تشغيل المحطة وتزويدها بالوقود وان أن يبدأ الأردن مساراً ثانياً يركز على مفاعلات الوحدات الصغيرة (SMRs) لضمان أن تكون الكهرباء متوافرة في إطار الخط الزمني اللازم لتلبية المتطلبات الوطنية.