خبراء: العجز والمديونية يقودان العربة الحكومية إلى رفع الأسعار
وكاله جراءة نيوز - عمان - قال خبراء اقتصاديون إن الحكومة المكلفة لا تملك عصا سحرية لمعالجة مشكلة المالية العامة والتي تتجسد بالعجز والمديونية، بالإضافة لملف الطاقة بشقيه الكهرباء وأسعار المحروقات ما سيجعلها رهينة لاتخاذ قرارات صعبة تتمثل برفع الأسعار للتخفيف من النزيف الذي تشهده الخزقاسمينة العامة.
وبين الخبراء أنه بأرقام العجز والمديونية المتوقعة حتى نهاية العام الحالي تبرز المعضلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد كنتيجة لسياسات خاطئة انتهجت من حكومات متعاقبة وما تزال سارية حتى هذا الوقت تتمثل بتوجيه سياسات الدعم العشوائية.
ويتوقع أن يصل مجموع عجز الموازنة العامة والوحدات الحكومية المستقلة الى 3 مليارات دينار حتى نهاية العام الحالي.
من جهته، رأى وزير الصناعة والتجارة السابق واصف عازر أن تدني الإنتاجية وعدم وجود معدلات نمو اقتصادي جيدة من أبرز المشكلات التي يواجهها الاقتصاد الوطني في مختلف القطاعات مما يمكنه أن يسهم في التخفيف من العجز والمديونية.
وكانت دائرة الإحصاءات العامة أعلنت بأن النمو في الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع من 2011 بلغ 3.1 % مقارنة بالربع الرابع من العام 2010، وعليه بلغ معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة للعام 2011، ما نسبته 2.6 % مقارنة بنسبة 2.3 % في العام 2010، علما بأن تلك النسب متواضعة مقارنة بالنمو السكاني.
وقال عازر إن تحسن معدلات النمو الاقتصادي يعني انخفاض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي وإمكانية التسديد وخدمة الدين العام، لكن استمرار العجوزات يعني حكما الاقتراض لتمويل العجز.
وتابع قائلا “إن استمرار السلوك الاستهلاكي وعدم ثقة المواطنين بالاستثمار في بلدهم يزيد من الفجوة في العجز في الميزان التجاري، ما يستوجب انتهاج سياسات منضبطة في مختلف مناحي الحياة”.
وحول سبل معالجة العجز والمديونية، يعتبر عازر أنهما نتيجة وليسا سببا، حيث مردهما الى سياسات الدعم الخاطئة واستفادة الأغنياء أكثر 5 مرات من الفقراء أو ذوي الدخل المحدود خصوصا في قطاع الطاقة.
وأوضح أن الدولة تنفق نحو ملياري دينار على الدعم لكن ما يصل منها لمستحقيها لا يتجاوز النصف مليار دينار من إجمالي فاتورة الدعم مما يستوجب توجيه الدعم لمستحقيه والتوقف عن التوسع في السياسات الخاطئة.
وبين عازر أن الكاز يذهب 80 % من دعمه الى الفقراء وذوي الدخل المحدود فيما أصناف أخرى كالبنزين تذهب لأصحاب السيارات الفارهة ذات المحركات الكبيرة أكثر من المواطن الذي يقود سيارة 2000 سي سي فأقل، ما يظهر الأخطاء في السياسات الراهنة.
وتطرق عازر الى القطاع الصناعي وما يعانيه من منافسة شرسة نتيجة السماح بدخول سلع مدعومة في بلدانها وتنافس منتجات محلية ما يجعل حكما أن الصانع الأردني غير قادر على المواجهة.
الى ذلك، قال وزير المالية الأسبق سليمان الحافظ إن التباطؤ الاقتصادي الذي تمر به البلاد وتناقص الإيرادات عن المقدر سيصل بالعجز الى مستوى 3 مليارات دينار لأول مرة في تاريخ المملكة.
وبين أن استمرار الاعتماد على سد الفجوة التمويلية في الاقتراض الداخلي سيشكل أداة ضغط إضافية على القطاع الخاص ما يزيد من التباطؤ في النمو الاقتصادي.
وبحسب موازنة التمويل فإن مجموع الاقتراض الحكومي خلال العام الحالي سيبلغ 5.04 مليار دينار مقابل إطفاء دين داخلي بقيمة 3.8 مليار دينار، فيما سيتم تسديد عجز موازنة السنة المالية المقبلة البالغ 1.02 مليار دينار من قروض داخلية خارجية.
ومن المقرر أن يتم استخدام موازنة التمويل للسنة المالية الحالية من خلال تسديد عجز الموازنة البالغ 1.02 مليار دينار لتشكل ما نسبته 19 % من إجمالي مصادر التمويل التي سيتم استخدامها، وكذلك سيتم استخدام 700 ألف دينار لتسديد قروض داخلية مستحقة لتشكل 0.01 % من إجمالي مصادر التمويل التي سيتم استخدامها، فيما سيتم استخدام 80 مليون دينار لإطفاء سندات دين للبنك المركزي مشكلة ما نسبته 8.27 % من إجمالي استخدامات موازنة التمويل.
ويستخدم الجزء الأكبر من التمويل لإطفاء دين داخلي يبلغ 3.83 مليار دينار مستحوذا على 71.1 % من إجمالي موازنة التمويل.
ولفت الحافظ الى أن ما يجري على الساحة من احتجاجات وإضرابات واعتصامات سيبقي الصورة ضبابية أمام المستثمرين ما يعيق ويعمق التباطؤ الاقتصادي وبالتالي التأثير بزيادة الفقر والبطالة، مشيرا الى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار القرارات الاقتصادية الصعبة الضرورية فيما يتعلق برفع أسعار الكهرباء والمحروقات.
وأضاف “لا يوجد خيارات أخرى لكن على الحكومة المكلفة أن تتخذ قرارات في منتهى الجرأة لتقليل النفقات الجارية ونسيان الإجراءات التجميلية المتعلقة بنفقات السفر والسيارات على سبيل المثال”.
كما طالب الحافظ الحكومة المكلفة والمواطنين بضرورة ترشيد الإنفاق الاستهلاكي وخصوصا في قطاع الطاقة للتخفيف من تداعيات الأزمة التي تمر بها البلاد.
وشدد على ضرورة إيجاد برنامج وطني مالي بطابع أردني بدلا من أن يفرض علينا برنامج اقتصادي بطابع دولي من صندوق النقد الدولي، مؤيدا دخول صندوق النقد الدولي لما فيه مصلحة الأردن.
وأشار الى وجوب تخفيض النفقات الحكومية بمبالغ كبيرة وليست بسيطة لتقليل حجم الموازنة العامة.
وحول الحكومة المكلفة، قال الحافظ “لن تستطيع أن تفعل الشيء الكثير، نظرا لقصر عمرها المفترض وضخامة الملفات التي تواجهها حيث سينصب جهدها الرئيسي في التركيز على التشريعات ذات الطابع الإصلاحي السياسي كما طلب جلالة الملك عبدالله الثاني”.
ودعا الحافظ الدول الخليجية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية لمد يد العون والمساعد للاقتصاد الوطني لمواجهة التداعيات الخارجية وما نتج عنها من صعوبات اقتصادية كبيرة.
ولفت هؤلاء الى الصعوبات التي ستواجهها الحكومة المكلفة بتخفيض معدلات الفقر والبطالة واتخاذ قرارات صعبة كرفع أسعار الكهرباء والمحروقات مما سيفضي إلى رفع كلف معيشة المواطنين.
من جهته، قال رئيس جمعية المحاسبين السابق محمد البشير حول إمكانية السير في تخفيض معدلات الفقر والبطالة والسير في القرارات الصعبة التي ستقود الى رفع أسعار المحروقات والكهرباء، قال إن “الحكومة المكلفة لن تختلف عن سابقاتها لأن فريقها السياسي والاقتصادي سيكون ممن قادوا الاقتصاد الوطني في مراحل سابقة”.
يشار الى أن دائرة الإحصاءات العامة أصدرت أرقاما عن البطالة تتعلق في الربع الأول تظهر انخفاضا، حيث بلغ معدل البطالة 11.4 %، بلغ المعدل للذكور 10 %، مقابل 18 % للإناث لنفس الفترة.
وشكك خبراء اقتصاديون في وقت سابق بأرقام معدلات البطالة التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة أخيرا، وذلك بمخالفتها للنظريات الاقتصادية التي تؤكد ارتفاع معدلات البطالة في ظل انخفاض معدلات النمو الاقتصادي.
وأشار هؤلاء إلى أن إحدى الدراسات أوضحت وصول معدلات البطالة إلى 28 %، في حين إن عامل الإحباط قد يساهم في تخفيض معدلات البطالة إن “صحت”، بعد تراجع طالبي الوظائف عن التقدم لديوان الخدمة المدنية بسبب عدم الثقة بالحصول على الوظيفة.