أمريكا استخدمت أطفال العراق حقل تجارب لأسلحتها المحرمة دوليا

وكاله جراءة نيوز - عمان - تواصل وسائل الاعلام المختلفة التي تراقب الشأن العراقي، تسليط الضوء على الجرائم الوحشية والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان التي ارتكبتها الادارة الامريكية ضد العراقيين الابرياء خلال السنوات التسع الماضية، ولا سيما جريمة الاسلحة المحرمة دوليا التي استخدمتها قوات الاحتلال الغازية ضد مدينة الفلوجة عام 2004 والتي ما زال اهالي هذه المدينة المنكوبة يعانون من آثار تلك الاسلحة الفتاكة التي طالت حتى الاجنة في بطون امهاتها، في الوقت الذي يتوقع الباحثون في هذا المجال استمرار الولادات المشوهة في هذه المدينة، وغيرها من مدن العراق الى الاف السنين . فقد أكد شبكة دولية ان استخدام قوات الاحتلال الامريكية للاسلحة المحظورة في الفلوجة كبرى مدن محافظة الانبار ما زالت تتسبب في ولادات مشوهة وامراض خطيرة ولا سيما في صفوف الاطفال حديثي الولادة.

ونقلت المصدر عن  شبكة ( الاتصالات والصحافة من اجل تغيير العالم ) قولها في تقرير اصدرته مؤخرا قولها : إن القائمين على مستشفى الفلوجة العام لا يستطيعون اعطاء احصاءات دقيقة باعداد الأطفال الذي ولدوا بتشوهات خلقية خلال الاعوام التي اعقبت الهجوم الامريكي على هذه المدينة، لكنهم يؤكدون إن أعدادهم كبيرة، في الوقت الذي يرفض فيه الآباء الحديث عن مأساة اطفالهم .

ونسبت الشبكة في تقريرها الى ( ناظم شكر الحديدي ) مدير مكتب إعلام مستشفى الفلوجة العام، قوله " أن العائلات المنكوبة تدفن مواليدها الجدد المشوهون بعد وفاتهم، دون الابلاغ تلك الحالات التي يعدونها مخجلة جدا بالنسبة لهم " .. موضحا ان المستشفى سجل في كانون الثاني الماضي (672) حالة، من الكثير من الحالات الكثيرة المشابهة التي لا تصل الى المستشفى .

واكد ( الحديدي ) ان قوات الاحتلال الامريكية الهمجية جربت في عام 2004، كل انواع المواد الكيمياوية والمتفجرات والاسلحة الحرارية على ابناء مدينة الفلوجة كما استخدمت الاسلحة المحرمة دوليا كالفوسفور الأبيض، واليورانيوم المنضّب، الى الحد الذي كان جميع سكان هذه المدينة المنكوبة بمثابة فئران مختبر بالنسبة لتلك القوات المسعورة التي ارتكبت ابشع الجرائم والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان التي تتشدق زورا وبهتانا بحمايتها .

واوضح التقرير ان ( الحديدي ) عرض صورا على جدار مكتبه، تظهر عددا من الاطفال حديثي الولادة المشوهون، بعضهم بدون دماغ، واخرين بدون عيون، أو ان أمعاءهم خارج بطونهم، كما عرض صورة نادرة لطفل ولد بدون اعضاء .. مشيرا الى انه من الصعوبة بمكان التحديق الدقيق في تلك الصور، التي حتى المسؤولين في المستشفى يغمضون عيونهم عند شرحهم لتلك الحالات .

واعادت الشبكة الدولية في تقريرها الى الاذهان التظاهرات المناهضة للاحتلال الغاشم ولا سيما خلال الاشهر القليلة التي اعقبت دخول القوات الامريكية الى العراق الجريح عام 2003، لكنها اكدت ان مدينة الفلوجة الواقعة على نهر الفرات، لم تشهد الأسوأ إلا في عام 2004، وتحديدا في الحادي والثلاثين من آذار، بعد اغتيال اربعة من عناصر شركة (بلاكووتر) سيئة الصيت المتعاقدة مع القوات الامريكية في المدينة ، والذين اعلنت ( القاعدة ) مسؤوليتها عن اغتيالهم، الا ان سكان هذه المدينة دفعوا الثمن غاليا خلال عملية اطلقت عليها وزارة الحرب الامريكية ( البنتاغون ) اسم ( الشبح الغاضب ) حيث شهدت مدينة الفلوجة أكبر معركة لم يشهدها العالم منذ معركة مدينة ( هيو ) الفيتنامية عام 1968.

واشار التقرير الى ان الهجوم الثاني الذي شنتها قوات الاحتلال الامريكية في تشرين الثاني عام 2004، كان اسوأ بكثير من الهجوم الاول الذي شهدته الفلوجة في نيسان من العام نفسه، اذ شنت تلك القوات الغازية عمليات دهم وتفتيش طالت معظم منازل المواطنين، قبل ان تنفذ عمليات القصف الليلي المكثف، الذي تسبب بتدمير هائل لم تزل آثاره شاهدة على تلك الجريمة النكراء.

وفندت الشبكة المزاعم التي اطلقها المسؤولون في الادارة الامريكية التي ادعوا فيها ان قوات الاحتلال استخدمت الفسفور الابيض لإضاءة الاهداف خلال الليل، .. مشيرة الى ان مجموعة من الصحفيين الايطاليين سرعان ما قدمت دليلا وثائقيا على ان الفسفور الابيض كان نوع آخر من الاسلحة المحظورة التي استخدمتها تلك القوات ضد المدنيين في مدينة الفلوجة.

كما نسبت الشبكة الدولية الى ( عبد القادر الراوي ) احد الاطباء العاملين في مستشفى الفلوجة العام، ـ الذي كان عائدا للتو من فحص حالة ولادة جديدة مثيرة للاعصاب ـ قوله " ان هذه البنت ولدت بمتلازمة (داندي وولكر) حيث ان دماغها منقسم الى نصفين، وأشك في انها ستعيش " .. موضحا ان متلازمة ( داندي وولكر ) هي تشوه دماغ ولادي يشمل المخيخ، مع وجود سائل يملأ الفراغات المحيطة به.

واشارت الشبكة إلى ان  تتخذ من سويسرا مقرا لها، في تموز عام 2010، جاء فيها ان ( زيادة معدلات الاصابة بالسرطان، واللوكيميا ووفيات الرضع ونسبة اضطرابات الجنس لدى المواليد بين صفوف الناس العاديين في الفلوجة، اكبر بكثير من تلك التي شهدها الناجون من القنبلتين النوويتين اللتين القتهما امريكا على مدينتي ( هيروشيما وناغازاكي ) خلال عام 1945" .. موضحة ان الباحثين اكتشفوا بان هناك زيادة في الإصابة بامراض اللوكيميا في الفلوجة بنحو ( 38 ) مرة مما شهدته المدينيتين اليابانيتين المذكورتين، كما وصف محللون سياسيون معروفون هذه الاستنتاجات بأنها اكثر اثارة للحرج مما سربه موقع ويكيليكس عن افغانستان.

من جهتها كشفت الدكتورة ( سميرة العاني ) رئيسة اطباء في مستشفى الفلوجة العام ـ اشتركت في دراسة اجريت بتعاون وثيق مع منظمة الصحة العالمية ـ في تصريح للشبكة الدولية النقاب عن وجود كميات كبيرة من اليورانيوم والزئبق، في جذور شعر المصابين من ابناء الفلوجة خلال الفحوصات التي اجريت في لندن، ما يؤكد اتساع نسبة المشكلات الخلقية الولادية في هذه المدينة التي تعرضت لاسلحة محظورة دوليا .

وشددت الشبكة في ختام تقريرها على إن استخدام قوات الاحتلال الامريكية لليوانيوم المنضب (DU)، وهو من العناصر المشعة، اضافة الى الفسفور الابيض، الذي يزيد كثيرا من قدرة تغلغل الشظايا في الجسم، سيبقى فعالا لمدة تصل الى اربعة مليارات و (500) عام .. لافتة الانتباه الى ان المهندسين العسكريين وصفوا هذا السلاح الفتاك بانه القاتل الصامت الذي لا يتوقف ابدا عن القتل.

الجدير بالذكر ان شبكة ( الاتصالات والصحافة من اجل تغيير العالم)، هي منظمة صحفية دولية تركز على التنمية، والتعريف بالشعوب وقضاياهم، وتحفيز الحوار والتعاون، وبث أصوات الأهالي والمجتمع المدني، والدفاع عن الحقوق الأساسية والمساواة، كما تصدر نشرات دورية متخصصة بهذه القضايا.