سكن البشابشة: "لاجئ" أردني في بلاده وسعودي يحاول الانتحار وأطفال هاربون بدون ذويهم
وكاله جراءة نيوز - عمان - ثلاث مفارقات غريبة ودراماتيكية تتصدر مشهد سكن البشابشة في الرمثا، المخصص لاستقبال اللاجئين السوريين، الهاربين من العنف في بلادهم.
داخل السكن يعيش "أردني" تحول إلى "لاجئ" في الوطن رغما عنه، فيما تروى قصة عن "لاجئ" سعودي حاول الانتحار، وتسرد حكايا أطفال سوريين يمكثون وحيدين لفترات تطول أحيانا لتصل أسبوعين كاملين قبل أن تلحق بهم عائلاتهم.
ورغم توفر سائر الخدمات الصحية والغذائية، إلا أن اللاجئين في السكن يعيشون معاناة كبيرة، وسط ما يشبه حجزا للحرية، فهم ممنوعون من مغادرة "البشابشة"، إلا بكفالة أردني يضمن تسليمهم في أي لحظة.
وفي السكن يعيش شاب أردني كان مقيما في دمشق، بحكم عمله مصورا في التلفزيون السوري، قبل أن يفر عائدا إلى الوطن، هربا بحياته.
ويقول الشاب زياد داود إنه تسلل بطريقة "غير مشروعة" إلى المملكة، لكنه فوجئ بأن المسؤولين في متصرفية الرمثا يمنعون كفالته من السكن، رغم أنه أردني ويحمل رقما وطنيا.
وعن سبب فراره من سورية، يوضح داود أن المسؤولين في التلفزيون السوري طلبوا منه مرافقة قوات الأمن أثناء قمعها للمسيرات، على أن يكون دوره تصوير المتظاهرين، تمهيدا لملاحقتهم من قبل تلك القوات فيما بعد.
ويضيف أنه عندما رفض الانصياع لمسؤوليه، فوجئ بقوات الأمن تداهم منزله، فأدرك أنه أصبح على قائمة المطلوبين، ما دفعه للفرار إلى المملكة بطريقة غير مشروعة، "من تحت الشيك".
وبتدقيق اسم زياد داود، تبين أنه أردني الجنسية، ومطلوب للشرطة العربية بتهمة السرقة. وفي ذلك يشرح شقيقه محمد بأن أخاه زياد "تعرض لمشكلة" في سورية اتهم على إثرها بالسرقة، لكنه حصل على قرار ببراءته.
ويلفت محمد إلى أن متصرفية الرمثا رفضت ثلاث مرات طلب كفالة شقيقه زياد، دون تحديد الأسباب.
وتتعدد الحكايا لكن واقع معاناة "لاجئي البشابشة" تتشابه وإن اختلفت التفاصيل. وتروي اللاجئة الفلسطينية "أم سلطان" قصتها، فهي تعيش على وقع خشية الأم من إقدام ولدها "سعود" على تنفيذ تهديده بالانتحار، احتجاجا على "سلب حريته" داخل السكن.
وأم سلطان تعيش مع سعود وشقيقه الأصغر "أحمد"، داخل السكن منذ هروبها من باب عمرو في حمص بعد مقتل أحد أبنائها، الذي كان متطوعا مع "الجيش الحر" في اشتباكات مع الجيش السوري النظامي.
وتحمل أم سلطان تحمل وثيقة سفر سورية، وكانت متزوجة من مواطن سعودي توفي قبل سنوات، وبقيت تعيش مع أبنائها في بابا عمرو "المنكوبة"، إلى حين فرارها مع ولديها (سعود وأحمد)، بحثا عن ملاذ آمن.
وتضيف إنها عندما وصلت الأردن بـ"طريقة غير مشروعة من خلال ثوار مدينة درعا"، دخلت إلى سكن البشابشة، وعندما قدمت وثائقها، فوجئت برفض تكفيلها وأسرتها.
وتقول "لا نستطيع العودة إلى سورية، فهناك الموت ينتظرنا، بخاصة وأنه في بداية الثورة اعتقلت أجهزة الأمن السوري أبنائي (الشهيد سلطان، وسعود) ودفعت أموالا طائلة حتى تمكنت من الإفراج عنهما". وتؤكد أن جميع وثائق أولادها "سعودية"، باستثنائها فهي تحمل وثيقة سفر سورية فلسطينية.
ووفق أم سلطان، فإن ابنها سعود، وبسبب رفض تكفيلهم منذ قرابة الشهر، حاول الانتحار أكثر من مرة، حيث كان ينوي إلقاء نفسه من سطح السكن.
وبحسب مصادر من داخل السكن، فإن أربعة أطفال صغار مكثوا قرابة الأسبوع داخل سكن البشابشة، بدون ذويهم.
وتوضح المصادر أن هؤلاء الأطفال كانوا برفقة ذويهم يحاولون التسلل من منطقة نصيب السورية إلى الأراضي الأردنية، ليفاجأوا بكمين أعدته قوات النظام السوري، ما أدى إلى مقتل 20 لاجئا وإصابة العشرات. وكانت النتيجة أن دخل هؤلاء الأطفال مع لاجئين آخرين، وتسلمتهم قوات الأمن لتودعهم سكن البشابشة.
وبحسب المصادر، فإن محسنا من منطقة سما السرحان في مدينة المفرق، تكفّل الأطفال الأربعة الذين تشردوا بسبب وتيرة العنف في سورية.
ويوجد داخل سكن البشابشة حاليا زهاء 99 لاجئا سورياً من أصول فلسطينية، كانوا يقطنون في مخيم بمدينة درعا، وذلك من أصل نحو ألف لاجئ يقيمون في السكن، إضافة إلى لاجئين سوريين من منطقة الجولان المحتل، كانوا شاركوا في مظاهرات ومسيرات تطالب بتغيير النظام السوري.