استمرار المعارك الشرسة بين الجيش السوري والمسلحين على تخوم حلب
بدأ الجيش السوري أمس في خامس أيام المعارك الشرسة ضد المسلحين في جنوب غرب مدينة حلب، هجوما معاكسا استعاد خلاله بلدتي الحويز والعامرية وتلة المحروقات. لكن المعارك في المجمل أخذت طابع الكر والفر.
وقالت بيانات عسكرية رسمية إن القوات الحكومية دمرت ثلاث عربات مفخخة في محيط خان العسل. كما شنّ الطيران السوري والطيران الروسي أكثر من 100 ضربة جوية على مواقع المسلحين، وأرتال آلياتهم في خان طومان والزربة وقبتان الجبل وخان العسل والمنصورة.
وقالت مصادر روسية إنّ أكثر من 370 مدنيا خرجوا من أحياء حلب الشرقية، عبر المعابر الآمنة، إلى الجزء الغربي من حلب.
واوضح اللواء في الجيش السوري، حسن حسن، أن "الجيش تمكن من صد الهجوم الواسع للإرهابيين، الذين أعلنوا عن بدء عملية خرق الحصار، الذي تفرضه القوات الحكومية على حلب. بيد أن العسكريين السوريين يؤكدون أنه لإحراز النصر النهائي على الإرهابيين في هذه المنطقة، فإنهم بحاجة إلى مساعدة القوات الجو–فضائية الروسية".
وقال حسن ان "القوات السورية تمكنت من صد الهجمات الأولى العنيفة، وتفريق الإرهابيين"، لافتا الى ان القصف الجوي استهدف تشكيلات المسلحين وخطوطهم الخلفية، وحرمانهم من الإمدادات، ما جعل القضاء عليهم سهلا. ولكن هذا أمر مؤقت، وذلك لاستمرار تدفق الأسلحة والمسلحين عبر الحدود السورية-التركية. في حين أن غلق الحدود يعني أن القضاء على الإرهابيين في حلب وضواحيها يصبح مسألة وقت".
ويشارك في هجوم المسلحين مسلحو "جبهة فتح الشام"(النصرة) و"أحرار الشام" و"جيش سوريا الحر"، والحزب الإسلامي التركستاني وفيلق الشام وحركة نور الدين الزنكي وجيش السنة وجيش الإسلام والجبهة الشامية وأجناد الشام ولواء الحق وجبهة أنصار الدين وكتائب الصفوة وجيش التحرير.
كما اعلنت ما تسمى غرفة عمليات ريف حمص الشمالي ان معركة "اليوم يومك يا حلب” دعماً لمعارك كسر الحصار وملحمة حلب الكبرى التي انطلقت قبل يومين في مدينة حلب" بحسب ما ذكرت مواقع تابعة للفصائل المسلحة.
وبعد استعادة الجيش السوري وحلفائه مزارع الملاح والسيطرة على الكاستيلو واحكام الطوق على مسلحي شرق حلب وقطع طرق الامداد من تركيا حاول المسلحون شن هجوم مضاد كبير على طريقة "إما قاتل إما مقتول"، حتى ان المرصد السوري المعارض قال "هذه المعركة هي الفرصة الاخيرة لمقاتلي المعارضة.. ان خسروها فسيكون من الصعب عليهم ان يشنوا هجوما آخر لفك الحصار".
يذكر أن روسيا وسورية أعلنتا في 28 تموز (يوليو) الماضي عن بدء العملية الإنسانية في حلب، تهدف إلى إيصال المواد الغذائية والأدوية إلى سكان المدينة. كما شملت الخطة فتح أربعة ممرات، ثلاثة منها لخروج المدنيين من المدينة، والرابع لخروج المسلحين الراغبين بالقاء سلاحهم والاستسلام إلى السلطة؛ حيث يجب أن تبدأ عمليات تطهير المدينة من المسلحين بعد انتهاء المدة المقررة.
وفي موسكو، دعت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، وسائل الإعلام الغربية للتحلي بالشجاعة، وكسر الصمت حول جرائم المعارضة السورية "المعتدلة" والخسائر البشرية جراء ضربات التحالف.
وفي معرض تعليقها على الهجوم الكيميائي الأخير في حلب، كتبت زاخاروفا على حسابها في موقع "فيسبوك" أمس الخميس، إن حركة "نور الدين زنكي" المدعومة من قبل واشنطن، واجهت اتهامات كثيرة بارتكاب مذابح بحق مدنيين بينهم نساء وأطفال في أحياء حلب خارج منطقة سيطرة المعارضة المسلحة.
وأعادت زاخاروفا إلى الأذهان أن فصائل تحالف قوات سوريا الديمقراطية تحاصر مدينة منبج في ريف حلب بالكامل، إذ تجري معارك عنيفة بين أفراد هذا التحالف وعناصر "داعش" داخل أحياء سكينة، ما يؤدي إلى سقوط خسائر كبيرة في صفوف المدنيين. وتابعت أن طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن يوجه ضربات جوية في معظم الحالات، ليس إلى مواقع للتنظيم الإرهابي تم التأكد من إحداثياتها، بل إلى مناطق مأهولة. وتابعت أن طائرات التحالف وجهت أكثر من 90 ضربة إلى أحياء المدينة بدءا من 19 الشهر الماضي، ما أدى إلى مقتل المئات وإصابة آلاف المدنيين.
وأضافت زاخاروفا: "تم إغلاق كافة الممرات الممكنة لخروج المدنيين من منبج. ولا توجد هناك أي مساعدات تقدم للسكان الذين يعانون من النقص الحاد في المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الأولية. وفي الوقت الراهن تشكلت في المدينة كافة الظروف لحدوث كارثة إنسانية".
وفي واشن، وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الأزمة السورية " بالحدث الأكثر إحباطا" الذي اصطدم به خلال تواجده في منصب الرئاسة.
أعلن أوباما ذلك يوم الأربعاء خلال رده على أسئلة المشاركين في لقاء مع القادة الأفارقة الشباب في واشنطن وقال:" على الأغلب أكثر التحديات التي أثارت خيبة الأمل كانت خارج الولايات المتحدة وسوريا تعتبر المثال الأكثر قسوة".
وشدد على أن بلاده لا تستطيع ضبط ودعم الانضباط في أي نقطة من العالم ولكن من ناحية أخرى " يطلب السكان أن نقدم الدعم والتأثير الإيجابي". ولفت الى أن هدف بلاده يتلخص في بذل المحاولات المطردة لنشر الوفاق بين الأطراف المتناحرة ودفعها للجلوس خلف طاولة المفاوضات لحل كل الخلافات عبر الحوار السياسي وليس بواسطة العنف.
وقال أوباما:" المصدر المستمر للإحباط اليومي بالنسبة لي يكمن في أننا لم نتمكن من حل بعض هذه النزاعات (الدولية). وفي الوقت الراهن أخذت تظهر أكثر في العالم المعاناة الكبيرة نتيجة للنزاعات العرقية أو الدينية أو بسبب تزعزع الاستقرار في بعض الدول.
والعواقب التي تترتب على ذلك بالنسبة للناس للعاديين في هذه البلدان، هائلة ". وأكد أوباما أن دحر جيش الدولة التي تعاني من الأزمة أسهل بكثير من وقف النزاعات هناك.