هل تقبلين الزواج هربا من العنوسة ؟؟؟

نظرا الى ارتفاع نسبة العنوسة في العالم العربي يلجأن بعض الفتيات الى القبول بالزواج من رجال يكبرهن بالسن حيث اصبحت هذه الظاهرة متزايده مما تشكل خطرا كبيرا على المجتمع .


 البحث عن الامان هو ما دفع آيات عبدالله (28 عاماً) للزواج برجل يكبرها بـ 35 عاما اعتقادا منها ان هذا الرجل سيوفر لها الحنان الذي افتقدته ولم تشعر به يوما.

سرعان ما «باء هذا الزواج بالفشل لأتحول الى مجرد امرأة تقوم بواجبات إعداد الطعام وتنظيف المنزل واعطاء الادوية والعيش معه بلا روح او احساس» تقول آيات.

حال آيات حال الكثير من فتيات لجأن للزواج من رجال يكبروهنّ بسنين عديدة للهروب من العنوسة وظلم المجتمع في النظر للفتاة التي لم تتزوج.

تقول ايمان ماضي (30 عاما): تزوجت وانا عمري «25» ولكني فشلت بعد عامين من الزواج فاضطررت الى المكوث بالبيت لان كلمة «مطلقة» لم يتحملها اهلي وبعد فترة اقنعت والدي ان اعمل لكن عند خروجي وعودتي كان اخي يضايقني ويقول لي الناس سوف تتكلم لانك «مطلقة»، لم استطع التحمل، فتقدم لي رجل عمره «55 عاما» وكان متزوجاً ومطلقاً وله اولاد متزوجون، عندما جلست معه اقتنعت بأنه هو الذي سيخرجني من ظلم اهلي والمجتمع لي، هو شخص طيب ولكن العيب الوحيد انه «يغار علي».

شعور آيات بالندم حال (مها 30) التي «تزوجت في عمر (25) من رجل اكبر مني بـ(20 عاما) رغم اعتراض اهلي، لكنني للاسف نظرت الى احواله المادية كونه رجلاً غنياً ولبى جميع طلباتي، فقلت في نفسي هذه هي الحياة، فهو سيؤمن لي كل احتياجاتي، بدل ان انتظر شاباً يريد البدء بتأسيس حياته، وبعد ثلاث سنوات بدأت اشعر بان عمري يضيع وان هذا الرجل لايوجد بيني وبينه شيء مشترك لا الافكار ولا المشاعر فبدأت بالندم فلم يعد تعنيني هذه الحياة المرفهة ولم يعد بنفسي شيء ففكرت وقررت الانفصال واهرب بشبابي، وانفصلنا وبدأت نظرتي للحياة مختلفة واتمنى من الله «ان يرزقني بشاب يشاركني احلامي ومشاعري واكوّن بيتاً سعيداً».

ابو محمد (60 عاماً) يؤكد أنه «لو تقدم لخطبة ابنتي شخص كبير بالعمر ارفض حتى لو كانت ابنتي راضية فانا عندما اوافق اضيع عمر ابنتي وشبابها، واقدمها له خادمة وممرضة ليس الا، لا المال ولا تأخر ابنتي بالزواج يجبرني ان افعل ذلك فهي «امانة برقبتي الى يوم الدين».

ورغم معارضة «ابو محمد» الا ان «ابو ابراهيم» يقول «اذا تقدم لابنتي رجل حتى لو كبير بالعمر وباستطاعته ان يفتح بيتاً لها ما العيب بذلك»، فـ»أنا اريد ان «استر على ابنتي».

«ابو اوس» يقول انا تزوجت زوجتي كانت «20 عاما» وانا» 35» ونحن الى الان متفاهمان ولديّ اربعة اولاد وبنتان، ولله الشكر». ومن جهة نظره «ان الرجل لا يعيبه العمر».

مستشار العلاقات الاسرية الدكتور محمد ابو شوك يرى «ان اقدام الفتيات على الزواج من رجال اكبر منهن سنا بكثير، هو بحث عن الامان، ظنا منهن ان هذا الشخص، لديه خبرة بالحياة، وكلمة تتكرر على لسانهن دائما (اريد شخصاً يساعدني لا شخصاً اريد تربيته) فالفتاة تبحث عن الاستقرار والامان اكثر.

ويلفت الى ان الفرق الشاسع بالعمر يؤدي الى فرق بين عمر الاب وابنه فعندما يكبر الطفل، يعي على وجود أب مسن لا يداعبه بروح الشباب، وأم متذمرة من الاب ما يؤدي الى نزاع وسوء فهم وصعوبة التواصل.

ويدعو ابوشوك الفتيات اللواتي يفكرن بمثل هذا الزواج ان يسألن انفسهن «ماذا سيكون حالنا بعد عشرين سنة، ما هو فرق الجيل بيننا وبين اولادنا؟».

استاذ علم الاجتماع في جامعة الحسين بن طلال الدكتور هاشم الطويل يرى من المفاهيم السائدة في المجتمع ان شرط (القبول) من شروط الزواج وان هذا القبول هو قبول الوالدين وليس القبول النهائي للعروسين، والمؤلم هنا ما يتعلق برأي الفتاة اذا كان فرق العمر كبيراً، فهذا يجعلهما من جيلين مختلفين، ما يعني أن اهتماماتهما ليست متشابهة بل قد تكون متضاربة ومتعارضة في الوقت نفسه، بحسب الطبيعة والمجتمعات والمفاهيم والقيم والعادات السائدة وقد يؤدي ذلك الى ظهور حالات من الشك وعدم الارتياح بينهما.

وبين الطويل إن للسن قيمة مهمة جداً في إسعاد الزواج وسلامة استمراريته ويعد التعاون بين الزوجين شرطاً أساسياً لتحقيق الهدف من هذا الزواج واستمراريته بالحالة الطبيعية من خلال التفاهم الفكري والجسمي، (المادة والروح).

ويوضح ان من الامور الاساسية لنجاح اي حاله زواجية (النضوج المتبادل والمتناسق، فارق السن الطبيعي، الجهاد المشترك في امور الحياة) فالزواج بين من هم في سن متقارب مؤشر على نضوج المجتمع، فافكارهما ونظرتهما للحياة تكون متقاربة وكذلك في تربية اطفالهما.

بدوره ينوه الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم القاضي «اننا مررنا بحقبة سريعة التغيرات في كل المجالات بدءاً من تسعينيات القرن الماضي ومن هذه التغيرات زواج الفتيات برجال اكبر منهن سنا وهذه ظاهرة لها اسباب كثيرة فيما البعد الاقتصادي هو احد الاسباب الرئيسية».

ويقول «شبابنا اليوم ليس لديهم القدرة على تحمل مسؤولية الزواج وما يتبعه من اعباء وذلك بسبب عدم وجود فرص عمل مشبعة لحاجاتهم الاساسية وبالتالي هناك عزوف عن الزواج، وحتى الفتاة تغيرت أولوياتها بحيث تنازلت الى حد كبير عن جزء كبير من احلامها واصبحت اكثر واقعية وزاد مستوى استعدادها للارتباط بزوج يفوقها عمرا بكثير يستطيع ان يحقق لها الحاجات الاساسية حتى لو كان هناك فارق بالسن والسبب الرئيس ان الشباب في بداية عمرهم الوظيفي يحتاجون وقتاً طويلاً لتحقيق بعض الحاجات الاساسية ولهذا وخوفا من تأخرها في الزواج وضياع عمرها اصبح من الممكن ان تقبل بزوج يفوقها عمرا بخمسة عشر الى عشرين عاما او اكثر حتى يحقق لها الاستقرار والسكينة وقدرة على العيش بمستوى مقبول». وبحسب باحث الشريعة الاسلامية الدكتور يحيى معابدة فانه لا يمكن الحكم على هذه المسألة إلا بالنظر إلى مقصد الزواج وصحة العقد. ولأن المؤمن يهتدي بهدي الاسلام فإذا كان مقصد الزواج بنائياً لتأسيس أسرة تحقق السكن النفسي بين الزوجين وبناء نسل صالح فلا يمكن ان يتحقق ذلك بوجود فارق كبير بين الزوجين ويؤثر سلبا على الأبعاد النفسية للزوجين والاولاد. ويقول «هناك مقاصد أخرى للزواج منها الإيواء والذي له صور عديدة، فهو لا يقوم اصلا على مبدأ الكفاءة ويكون احيانا قائما على الاضطرار. وهنا يقدِّر كل من الزوجين مصلحته في إتمام عقد الزواج ووجود شروط أخرى منها على الا يكون فيه اكراه. وان يكون كلا الزوجين في سن الرشد وهنا لا بد من التأكيد على حرمة زواج الصغيرة التي لم تبلغ سن الرشد لانه زواج محرم لدلالة قوله تعالى (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)، وذلك لان عقد الزواج يترتب عليه حقوق مالية ومعنوية والصغيرة لا تدرك حقوقها المالية المستحقة بعقد الزواج ولا الأبعاد المعنوية.