بريطانيا تتخلى عن رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في 2017

اتخذت المملكة المتحدة أمس خطوة أولى نحو تنفيذ الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بالإعلان عن تخليها عن الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد في 2017 قبل ساعات من زيارة رئيسة وزرائها تيريزا ماي إلى برلين.
وأعلنت ماي أول من أمس هذا القرار لرئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، انسجاما مع تصويت بلدها لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وأكدت ان بلادها "ستكون منشغلة جدا بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي" التي تشكل "أولوية" بحسب مكتبها.
وكان يفترض ان تتولى بريطانيا رئاسة المجلس بعد مالطا وقبل استونيا، التي ستقدم الموعد المقرر لتوليها الرئاسة الدورية ستة اشهر لتحل محل المملكة المتحدة، بحسب متحدث باسم المجلس الأوروبي.
واوضح المتحدث ان ممثلي الدول الاعضاء الـ28 اتفقوا على "تقديم موعد رئاسة استونيا ستة اشهر" لهذا الغرض، على ان تتبعها الرئاسات المتوالية "بالترتيب المحدد حاليا".
وتقوم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاربعاء والخميس بزيارتين رسميتين إلى المانيا وفرنسا في أول رحلة لها إلى الخارج منذ توليها مهامها يفترض ان تقوم خلالها ببحث البرنامج الزمني لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وقال مكتب رئيسة الحكومة ان ماي "ستحاول ارساء علاقات عمل متينة" مع اثنين من اهم الشركاء الأوروبيين وتوضيح لماذا "تحتاج (حكومتها) الى الوقت" قبل بدء مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وأكدت رئيسة الوزراء الجديدة التي تصل الاربعاء الى برلين حيث ستشارك في عشاء عمل مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، في بيان "انني مصممة على ان تجعل المملكة المتحدة من خروجها من الاتحاد الأوروبي نجاحا، لذلك قررت التوجه إلى برلين وباريس فور تولي مهامي".
بعد برلين، ستتوجه ماي الخميس إلى باريس حيث ستلتقي الرئيس فرنسوا هولاند.
واوضحت الرئاسة الفرنسية ان جدول الأعمال يشمل قضايا "مكافحة الارهاب ومسائل الأمن الخارجي وتنفيذ بريكست (الخروج من الاتحاد) وأهمية العلاقات الثنائية".
وقال البروفسور ايان بيغ من المعهد الأوروبي في كلية "لندن سكول اوف ايكونوميكس" للاقتصاد لوكالة فرانس برس ان "على تيريزا ماي بناء جسور مع نظرائها".
واضاف ان "وجهتها الأولى هما العاصمتان الاهم في أوروبا حيث ستقول بوضوح ما تريد وما تدافع عنه والبرنامج الزمني الذي تفكر به للخروج من الاتحاد الأوروبي وكيف تنوي القيام بذلك".
في البدء طلبت ميركل توضيحا "سريعا" للنوايا البريطانية لما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. لكنها بدت بعد ذلك أكثر ليونة من الآخرين وخصوصا من فرنسوا هولاند، في منح بعض الوقت لرئيسة الوزراء الجديدة لتوضيح خططها.
وقالت ميركل الثلاثاء الماضي لشبكة التلفزيون الالمانية "سات-1" انها "سعيدة بالتعرف على" ماي، مؤكدة استعدادها "لاعطاء الحكومة البريطانية وقتا للتفكير (...) في العلاقة التي يريدها مع الاتحاد الأوروبي". واضافت ان "الابلاغ (بطلب الخروج) سيأتي بالتأكيد في وقت لاحق".
كذلك صرح الرئيس الالماني يواكيم غاوك في مقابلة مع صحيفة بيلد ان معاقبة لندن والصدام معها بسبب بريكست "ليس الطريقة الفضلى التي يمكن ان نتبعها من اجل الاجيال المقبلة".
وهذه الليونة تمليها المصالح الاقتصادية الالمانية. إذ تمتص بريطانيا ثمانية بالمئة من الصادرات الالمانية وتستضيف على اراضيها عددا كبيرا من مصانع مجموعات المانية.
وقال ايان بيغ "بالنسبة إلى ميركل، ستكون هناك بشكل واضح فترة ستحاول خلالها التعرف على نظيرتها".
اما بالنسبة الى الرئيس الفرنسي، فتكمن الاولوية في تنظيم خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي "في اسرع وقت ممكن".
وقال ايان بيغ "في نظر هولاند، هناك خوف من انتقال عدوى الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى فرنسا".
واضاف "سيسعى الى افهام تيريزا ماي انه لا يمكنها التأخر الى ما لا نهاية او انتظار هدايا من فرنسا لان عليه التفكير في السياسة الداخلية وسيرغب في تجنب ان يتشجع الآخرون" على القيام بخطوة مماثلة.
وقالت مديرة الاتصال في المركز التحليل "اوبن يوروب" نينا شيك ان "باريس وبرلين منقسمتان بشكل كاف حول ما يجب ان يكون عليه مستقبل الاتحاد الأوروبي". واضافت لوكالة فرانس برس "انها لعبة توازن دقيقة يجب ان تنجح تيريزا ماي في القيام بها".
واضافت ان "الارادة الحسنة السياسية ستفقد اذا تأخرت بريطانيا كثيرا في تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة" التي تنص على آلية "الطلاق" مع الاتحاد والتي تعتبر بمثابة تبليغ رسمي للاتحاد بالقرار البريطاني.-