هل تخيلتم المجلس النيابي القادم بدون هؤلاء؟

أخذ الحديث عن التغيير وضرورة تجديد الوجوه حيزا وافرا في احاديث الانتخابات التي تعج بها الصالونات الاجتماعية لاسيما العشائرية، وهو كلام حق ولكنها ينتصف الحقيقة ولا يتمها.

فتنحي الاشخاص الذين نالوا فرصا كافية في الاستحقاقات الانتخابية السابقة لمصلحة الشباب امر مستحب من حيث المبدأ ولكن ليس كل فكرة نبيلة صالحة للتطبيق في كل ظرف ، وحتى ان طبقت فلا يمكن ضمان نتائجها، فلكل مقام مقال ، وفي هذا المقال نحاول أن يصوب الانطباع الذي السائد حول فكرة التغيير فيما يتعلق بالمجلس النيابي .

بداية لابد من التنويه بان مجلس النواب يمثل السلطة التشريعية التي يناط بها مناقشة واقرار التشريعات التي تنظم العلاقة بين الدولة والشعب في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية ...، كما يناط بها مراقبة وضبط إيقاع السلطة التنفيذية، وحتى يكتضطلع السلطة التشريعية بمسؤولياتها لابد أن يتمتع أعضاؤها بحد أدنى من الثقافة القانونية والدستورية والسياسية والاقتصادية ، والا فإننا سنعيد تكرار مجالس نيابية سيئة الذكر، كان لجهل غالبية أعضائها وحداثة عهدهم بالتجربة السياسية التشريعية، الأثر السلبي على حياة الاردنيين .

ولم تزل الذاكرة تحتفظ بمواقف لنواب مخضرمين كان لمداخلاتهم وملاحظاتهم ومقترحاتهم التي تنم عن وعي دستوري وخبرة تشريعية دور بارز في إنقاذ كثير من التشريعات من مصيدة العوار الدستوري ولو كانت المجالس النيابية تضم نسبة وازنة من هؤلاء لكان حالنا غير هذا الحال.

وعلى أي حال، يتضح من فهمنا لقانون الانتخاب أن المشرع سعى دون أن يقصد (أو قد يكون) لإعادة هيبة السلطة التشريعية من خلال تشجيع المخضرمين اصحاب السمعة الطيبة والخبرة القديرة من رجالات الدولة للترشح واستعادة المقاعد النيابية من مستحدثي العمل العام، مع اعطاء الشباب حصة لا بأس بها حتى ينهلوا ويتشربوا (الصنعة) من رجالات الخبرة ونؤسس لمنهج الإحلال والإبدال وهكذا نضمن انتاج مجلس نيابي متوازن وذي ثقل سياسي وتشريعي ليستعيد هيبته ودوره الحقيقي، كما نعد للمجالس اللاحقة جيلا من النواب الشباب اصحاب للخبرة .

تخيلوا المجلس النيابي الاخير دون نواب بحجم عبدالكريم الدغمي ومحمود الخرابشة وسعد هايل السرور وعبدالهادي المجالي .. وغيرهم ( مع حفظ الألقاب وبصرف النظر عن اختلافنا السياسي معهم) ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر القيمة التي أضافها وجودهم في المجلس رغم كل مساوئ الاخير.

وكذلك نتمنى أن لا يخلوا المجلس القادم من اسماء وازنة مخضرمة وذات ثقل سياسي وفكري ودستوري ، وحقيقة أن تسريبات عن نية البعض الترشح تُشعرنا بالطمأنينة على شكل المجلس المرتقب ونذكر على سبيل المثال الحصر ما تسرب عن نية العين المخضرم سميح المومني الترشح عن دائرته الأم في عجلون، والوزير والنائب الأسبق القدير عبدالله العكايلة، ونتمنى أن تصدق النوايا، كما وصلت أنباء عن ترشح اسماء اخرى من أهل الخبرة والحكمة لم تتأكد بعد .

غاية القول ، لا يسعنا الا أن نحلم بمجلس حكماء يشتغلون ويحترفون العمل العام، ليتفرغ المجلس للقضايا والسياسات العامة والكبرى ، فالوطن بحاجة الى جنود السياسة بقدر حاجته لجنود السلاح.