دولة الملقي .. الشعبية تتأتى من وراء الانجازات لا من الاستعراضات "والعيديات" !!

بقبولٍ مشوب بالترقب والحذر، اكتفى الأردنيون بالوقوف على مسافة واحدة من رئيس الوزراء د. هاني الملقي لأسباب عديدة، يتعلق بعضها بعدم معرفتهم المسبقة به كرجل دولة، أو كنجل لرئيس وزراء اسبق في ستينيات القرن الماضي، بالاضافة الى ركون البعض الى فكرة عدم اطلاق الاحكام الاستباقية على الرجل وفريقه الحكومي، من باب الاحتمالات المشرعة على نافذة الأمل نحو اردن افضل حالاً وأقل بؤساً !

د. هاني الملقي، والذي يعد من الأسماء "غير المطروقة" أو المتداولة في واجهة الدولة الرسمية، رجلٌ متدين ملتزم، هادئ الطباع واثق الحضور، ولا شبهات تدور حول نزاهته الوطنية وإلتزامه الإخلاقي، وهو الذي يروي بعض مقربيه حادثة تؤشر لمدى غيرته الدينية والاخلاقية والتي حصلت أبان توليه عمله كسفير بالقاهرة، حين دعا رجال اعمال اردنيين لحفل غداء بأحد فنادق القاهرة، وتزامن ذلك مع بث مبارة لكرة القدم بين المنتخب الهولندي ومنتخب اخر، حينها بدأ شبان مصريون بالهتاف لدولة هولندا مشجعين مؤازرين، ومصفقين، الأمر الذي أخرج الملقي وقتها عن طوره ليلتفت نحوهم مخاطباً إياهم بالقول " ما تخافوا الله ؟ تدعموا من اساءوا للرسول"، ليخبو الهتاف ويتوقف التصفيق ويلوذ الشبان المصريين بالصمت خجلاً وحياء من فعلتهم.

هو صاحب موقف عروبي قومي وطني ديني يترجمه الى افعال ومواقف، لتؤكد اننا أمام رجل واعي مثقف واسع الحنكة السياسية، ابن بيئة سياسية وطنية عاركها وخبرها خلال سنوات عمره بأكثر من دولة منذ نعومة اظفاره بوصفه ابنا لرئيس وزراء.

الملقي، وقبل أن يدلف الى سدة الرابع كرئيس حكومة، قاد ثورة اصلاح وانجاز خلال توليه رئاسة سلطة منطقة العقبة الاقتصادية، حارب اصحاب الصوت العالي من المتسلقين والمتكسبين بغير وجه حق، كافح لاجل تطبيق القانون رغم الضغوطات التي مورست ضده من قبل "متنفذين"، يرفض وصفه بـ "القاسي " وقد يقبل بها اذا كانت لحساب المصلحة العامة والوطن، أسس لخروج الميناء الجديد والذي سيكون جاهزا في نهاية العام 2017، بعد أن كانت الترتيبات تتحدث عن البدء في عمليات التوسعة العام 2025، أي قام بمباشرة العمل قبل 8 سنوات مما كان مخططاً له وذلك لتوظيف عامل الوقت بالاستثمار لا بالاستنزاف.

صان أمانة سلطة العقبة حتى الرمق الاخير من توليه رئاسة سلطتها، ويذكر عنه انه عقد عشاء عمل في احد الفنادق مع فريق حكومي يتبع حكومة عبد الله النسور، ليقوم بتحويل فاتورة العشاء الى الجهة صاحبة الاختصاص بالحكومة وليس لسلطة العقبة معتبرها مصروفات تخص الحكومة اكثر ما تخص سلطة العقبة.

ولأنه صاحب قرار وطني في ادارته لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، اسهمت سيرته المهنية بما تخللها من انتماء ومسؤولية وطنية في وصوله للرابع، لم يُزكى ولم تُعقد كولسات او مفاوضات في تسلمه لرئاسة الحكومة.


الا ان الملقي والذي خرج من الواجهة البحرية الرسمية بزهو النجاحات الانجازات، ودخوله الواجهة الرسمية لسدة الرئاسة ، على ما يبدو افتقد الناصحين والمستشارين الذين يتوجب ان يؤازرونه ويدعمونه في مهمة الحفاظ على ارث النجاح الذي حققه، وبدت جعبة الرجل خاوية خلافا لكل التوقعات المحتملة، وقد تبدى ذلك واصحا من خلال جملة من التحركات "البروتوكولية" التي خلت تماما من اية سمات رسمية رفيعة، فالرجل الذي اعتمد على "شخوص" لا دراية لهم او خبرة في التخطيط والتنفيذ بدأ في اتخاذ طرق لا تتناسب مع منصبه كرئيس وزراء ، وظهر خلالها كرئيس علاقات عامة لا أكثر، يحاول ان يحصد شعبية جماهيرية بأساليب "مبتورة" أودت به - رعم احترامنا لها - الى أن يأوم المصلين ، وهو ما حدث خلال لقائه الفعاليات التجارية في غرفة تجارة عمان، حين قام بإمامة ممثلي القطاع التجاري الذين كانوا ينتظرون رئيس وزراء صاحب خطاب واجندة اصلاح اقتصادي وليس إمام مسجد !

"الشحوص اللامستشارون" الذين دفعت نصائحهم بالملقي لأن يكون إماما لا رئيس وزراء ، هم أنفسهم الذين دفعوا به لتنفيذ "استعراض العيديات" عندما قام يوم امس، اول أيام عيد الفطر، بالنزول الى وسط البلد بالعاصمة عمان بسيارته وتوزيع "العيديات" على كبار السن والاطفال الفقراء.

الملقي الذي خلى حضوره ولغة فريقه الحكومي من اي خطاب اصلاحي، لم يستطع خلال الأربعين يوما الماضية من عمر حكومته ان يحظى ولو بالقليل من ثقة شرائح كبيرة من الاردنيين الذين استيقظ اطفالهم صبيحة العيد دون ملابس جديدة ودون "عيديات" نظرا لتردي الاحوال المعيشية والمالية لذويهم بفعل السياسات الاقتصادية الهالكة التي حطت على رؤوس الاردنيين خلال الحكومات المتعاقبة الماضية .

نقول للكتور الملقي الذي أثبت حرصه على المال العام ابان تسلمه سلطة العقبة، بأن الحرص لا يكفي أمام مستجد توليك رئاسة الوزراء، فأبن برنامج حكومتك صاحبة "الفريق الاقتصادي" للاصلاح الاقتصادي ؟ وأين برنامجها المقترح او المفترض لخطط العمل وتطوير الاستراتيجيات للخروج من الازمة الاقتصادية التي قفزت بالدين العام الى رقم فلكي، ام ان خروج حكومتك بمشروع "البطاقة الذكية" الى حيز الواقع اقصى الطروحات والانجازات، مع تحفظنا الى ان مشروع البطاقة الذكية توالت عليها حكومات وحقب وليس انجازا لحكومتك الراهنة !

واقع المديونية وعجز الخزينة والذي حدا بالاعلام العربي والغربي الى نشر شائعة "افلاس الخزينة الاردنية" وضع الاردن الرسمي على المحك الأخير إزاء قرارات اقتصادية حكومية لم تُفلح في ازاحة كابوس السياسات الحكومية السابقة التي تعتبر "جيب الأردني" الحل السحري الذي يصل لمستوى "المعجزة" في "الترقيع الفوري" لمآزق ومطبات حكوماتنا الرشيدة، وهو الامر الذي سينعكس "سوادا" على المقبل من الشهور والسنوات القادمة !


دولة الرئيس ..
هل كنت تعلم وأنت تدلف الى سدة الرابع والى مطبخ القرار الاردني بأننا في الاردن نعيش في إقليم ملتهب يتهدده "الإرهاب" والذي وصل لعقر دارنا مرتين خلال الشهر الفضيل، فعوضا عن "استعراض العيديات" كان الأجدى بك استخدام ذلك الوقت بالاجتماع مع كبار القيادات الأمنية للاطلاع على استراتيجياتها المعدّة والاطمئنان على مدى فاعليتها وتطبيقها على ارض الواقع الامني الذي لا نخفي حياله سراَ بأن الاردنيين الذين استيقضوا فجر الاول من رمضان على عملية مكتب مخابرات البقعة، وفجر منتصف رمضان على عملية "الرقبان" متخوفين من ان يستيقظوا ذات فجر - لا قدر الله - على عملية ثالثة !!

دولة الرئيس ..
ونحن أمام تحديات تعثر الاقتصاد، أمام مديونية مرشحة للارتفاع، أمام مجابهات أمنية وعسكرية على حدودنا الشمالية والشرقية، أمام قادم مجهول على كل الصعد الاقتصادية والامنية والسياسية، هل تعلم ان حكومتك ليست بأفضل حالا مما سبقتها من الحكومات، بل وقد وصلتم الى دفة الرابع بكثير من التعقيدات والتحديات والمجابهات فلا تدع طريق العشوائيات والمراهنات سبيلك لحصد شعبية الجماهير، فالشعبيات تتأتى من وراء الانجازات لا من وراء الاستعراضات والعيديات !

شعبنا يريد اكتفاءً ويحق له ان يطمع بالرخاء
شعبنا يريد الحفاظ على ارثه من الأمن والأمان ويحق له ان يطمع بالكثير والمزيد
شعبنا يريد تشاركية في صنع القرار، يريد مجلس نواب نهضوي يليق بنهضة مئوية ثورتنا العربية الكبرى، يريد قوته اليومي بكرامة، يريد مكتسبه الوطني والديمقراطي، يريد أن يصطف الى جانب قيادته ويهتف ملء القلب والروح ملء الولاء والانتماء مرددا خلف مليكه الشاب نعم "ارفع رأسك أنت اردني".

دولة الرئيس..
عندما نقول بأن حعبتك خاوية من اي مشروع اصلاحي فذلك لا يعني اننا نشكك بنزاهتك ووطنيتك، لكننا كدولة وشعب نريد الارتقاء بمفهوم مشروعنا الوطني ومصلحتنا الوطنية العليا، ولا سبيل لها الا بالاصلاح الاقتصادي والسياسي ، فذلك ما نريده كمؤسسات اعلامية تنويرية وطنية مسؤولة تماما كما يريده الأردنيون .. نحن معك والى جانبك نصطف عندما نرى حكومة افعال لا اقول، حكومة تنفيذ اجندات داخلية وطنية بحتة، حكومة ميدان لا حكومة مناصب ومكاتب مخملية !

دولة الرئيس .. للأردن أردنييّه .. وليس للأردنيين سوى أردن واحد

يستحق هذا الوطن .. وهذا الشعب ان تكون حكومتكم على قدر اهل العزم .. وعلى قدر ثقة سيد البلاد بكم