عودة المغتربين.. شوق لقضاء أجمل أيام العيد مع العائلة
في الأعياد، تجذب الأوطان أبناءها المتشوقين للعودة لقضاء أجمل أيام العمر وذكريات العيد التي لطالما انتظرها المغتربون وأبناؤهم لمشاركة الأهل والأحبة والأقارب الفرحة.
ومنذ أيام وقبل حلول أول أيام العيد، تستقبل عائلة أبو سليمان ابنهم المغترب في الإمارات العربية منذ عدة سنوات، ليكون العيد عيدين، بلقاء الأحبة. إذ استعدت الوالدة لاستقبال ابنها مع عائلته، من خلال تجهيز "حلويات العيد" والمعمول الذي تصنعه بيديها، فهو يطلبه منها باستمرار قبل مجيئه.
وتقول أم سليمان إن ابنها لم يأت لزيارة الأردن منذ وقت طويل، لذلك قدومه في هذه الفترة ليعيش أيام العيد بين إخوته وعائلته، وبين أحضان وطنه، يجعلها تعتني بكل تفاصيل العيد الذي له فرحة خاصة، لافتة إلى أن الأجواء بقدومه ستضفي البهجة وستعود اللمات العائلية كما كانت في السابق بضحكات جميلة تخرج من القلب.
الستينية أم يزيد تتحدث بشوق عن عودة أشقائها الثلاثة من كندا لقضاء العيد، إذ ترى أن وجودهم في الأردن يُشعرها بالفرح والسعادة، فهم قدموا قبل العيد بأيام وينوون قضاء العطلة، ومشاركة إخوتهم فرحة العيد وتناول الأكلات التي قد يكونون حُرموا منها لسنوات.
لذلك تعمدت أم يزيد أن تجهز لهذا العيد قبل فترة من الوقت، فهي تنوي أن تقيم لهم ولائم الغداء التي تتضمن كل ما يطلبونه من أكلات أردنية قد لا يكون لها ذات الطعم والمذاق في بلاد الغربة.
"العيد مختلف تماماً بوجود المغتربين وقد كنا نعد الأيام لتواجدهم معنا منذ أشهر"، تقول أم يزيد التي تؤكد أنها وبمشاركة باقي أخواتها قامت بتحضير معمول العيد لهم، وقد قامت بتحضير كميات كبيرة، كما تنوي أن تقوم خلال العيد بتحضير كمية أخرى حتى يتنسى لإخوتها أخذ كميات منه عند عودتهم إلى كندا.
وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة على طفولتها، إلا أن أم يزيد ما تزال تشعر بذات الفرح القديم عند رؤية إخوتها القادمين من الغربة، ليعيشوا معا أيام العيد، إذ أنهم هاجروا منذ عدة سنوات، ولا يتمكنون من القدوم سنوياً لقضاء العيد في الأردن كباقي المغتربين، مما يجعل
قدومهم الآن فرحة لا توصف.
ويرى أخصائي علم الاجتماع الدكتور سري ناصر أن وجود المغتربين مع الأهل، وتحديدا فترة الأعياد، يساهم في تقوية الروابط الأسرية والمجتمعية، ويجعل من وجودهم سبباً في التواصل والتراحم.
وهذا ما تؤكده الأربعينية نجاح مريد من أن وجود إخوتها القادمين من "بلاد الغربة" على حد تعبيرها، يجعل هذه الأيام مميزة بالنسبة لها، فهم يزورونها في العيد ويقومون بإحضار الهدايا لها ولأبنائها، وهذه الفرحة تنعكس عليهم، فهم ينتظرون عودة أخوالهم في هذا الوقت من كل عام.
وتعتقد نجاح أن تجمع باقي أفراد العائلة المقيمين في الأردن في بيت العائلة الكبير بحضور إخوتهم المغتربين والسهر حتى ساعات الصباح الأولى سواءً في أيام رمضان أو في العيد، يجعل تلك الأيام لا تنسى، مع حديث ذكريات الطفولة في العيد وتناول المعمول، وفرحة والديها كبار السن بالتفاف أبنائهم حولهم في مثل هذه الأيام.
وشهدت الأردن خلال الأسبوعين الماضيين توافد عشرات الآلاف من أبنائها المغتربين، سواءَ من خلال الطرق البرية أو الجوية، ما يُظهر مدى الحب والشوق الذي يتملك المغتربين الأردنيين لقضاء أجمل أيام العيد مع عائلاتهم في ظل الأقارب وكنف الوالدين، والإخوة وباقي الأرحام.
وفي كل عام، تتفاجأ عائلة أبو ثائر بقدوم ابنها المقيم في السعودية قبل العيد بيوم أو يومين، إلا أن ظروف عمله لم تساعده على القدوم في هذه الأيام، إلا أنه ينوي كما تقول شقيقته نادين، أن يأتي بعد العيد مباشرةً لقضاء تلك الفترة مع عائلته.
تقول نادين "قمت منذ أيام بتحضير المعجنات ومعمول العيد وتخزينها إلى حين قدوم أخي"، مبينة أن فرحة لقاء الأحبة والإخوة المغتربين يلقي بظلاله على العيد، والشوق للأقارب المغتربين يزداد مع كل يوم يقترب فيه شهر رمضان المبارك والعيد.
وتبين نادين بأن أخاها يحرص خلال أيام العيد على التجول في عمان والسير فيها لساعات طويلة سيراً على الأقدام حتى يستمتع بتك الأجواء بشكل أكبر، ويحمل معه كماً من ذكريات الوطن والعيد إلى بلاد الغربة أياً كانت.
وينوّه ناصر إلى أن لعودة المغتربين تأثيرا إيجابيا من عدة نواح أسرية واجتماعية واقتصادية في ذات الوقت، وهم يحدثون حراكاً اجتماعياً مبهجاً على الأغلب لفرحة أهاليهم باستقبالهم وحضورهم، خاصة في مثل هذه الأيام.