من كان يملك سيارة سواء اكانت خاصة ام عامة الا ويتذكر ابرز واشهر وانشط رقيب سير شهدته ادارات السير المتعاقبة .

رقيب السير هذا كان اسرع من اي اشارة ضوئية في ذلك الوقت .. مطلع الثمانينيات من القرن الماضي .

اتذكر انني كنت اعمل في صحيفة صوت الشعب في عام 1982 وكان هزاع الذنيبات الشرطي الشهير في تنظيم السير يقف دوما عند اشارة النشا الموصلة الى شارع المحطة باتجاه الزرقاء وكانت الطريق الوحيدة حيث كان شارع الزرقاء الحالي المعروف بالاوتستراد قيد الانشاء . واذكر انني رافقت المصور الصحافي المرحوم عبدربه حواجرة لاجراء لقاء صحافي مع هزاع وبقينا اكثر من ساعتين ونحن نستمتع بحركاته في تنظيم المرور والناس كلها تتفرج ..

هزاع عبد الحميد ذنيبات خدم في الامن العام منذ 1966 حتى عام 1984 مراقب سير مثلث جسر النشا - المحطة.

لم يكن عاديا والمنطقة التي يخدم فيها غيرعادية ، ذلك التقاطع الذي يربط عمان الشرقية بوسط البلد.

وبدا هزاع مشواره شرطيا عاديا اسندت اليه مهمة تنظيم المرور على احدى منصات العاصمة التي تشهد كثافة مرورية تضيق عن احتمالها حتى الاشارات الضوئية ، وكان على الرجل ان يتعامل مع الموقف ولم يكن يملك سوى ساعديه فكانا عونا له وادى مهمته من الوهلة الاولى بمهارة حيث وجد في هذا البحر من المركبات فرصة لاختبار قدراته بالمقارنة مع الاشارات الضوئية التي تتكفل عادة بهذه المهمة وقبل التحدي على الفور وكان عليه ان يطوع امواج السيارات الى حركات سريعة يؤديها بخفة ورشاقة وتطلب منه ذلك ان يجند جميع حواسه ويضع عقله وتفكيره في ساعديه وقد كان له ذلك حتى اصبح يؤدي حركاته بطريقة ديناميكية يستجيب له السائقون الذين كانت بينهم وبينه الفة ومودة ومع الزمن اصبح الشرطي هزاع العلاج الناجح والفعال لتنظيم السير في اي منطقة تعاني اختناقا مروريا ..

وكان وجوده في مثل هذه المناطق كفيلا بمعالجة الوضع وطمأنة اصحاب المصالح من سواقين وركاب على وقتهم من الضياع هدرا حتى اصبح وجوده في منطقة مدعاة لانتظام السير على النحو الملفت للنظر مهما كانت حجم الكثافة المرورية واصبح اسم هزاع مرادفا لعملية ضبط وتنظيم السير دون ارباك وكثيرا ماكنت تسمع من الكافة عندما كانوا يمرون ببعض الاماكن المكتظة"وينك ياهزاع" وذاع صيت هزاع في العاصمة وخارجها بل اصبحت تجد من ياتي الى مكان عمله بحثا عنه ليرى كيف يزاول هذا الشرطي الماهر عمله باقتدار ، وبعضهم ياتي بالسياح الاجانب ليريهم مهارة هذا الرجل الذي تمكن بعشقه لعمله من لفت انظار الكثيرين حتى اصبح معلما سياحيا فلا يستغرب احد اذا جاء من يسال عن هزاع ليلتقط معه صورا تذكارية.

هزاع لم يتمكن التقاعد من تثبيط عزيمته لخدمة وطنه ومواطنيه فاستمر حتى بعد احالته الى التقاعد في تنظيم السير في بلدة الربة في محافظة الكرك .

ووردت معلومات الى مدير الامن العام الفريق الركن محمد العيطان عن اوضاع هزاع فاتصل معه طالبا منه العودة الى الخدمة في الجهاز الذي اخلص فيه وقدم فيه خدمات جليلة للمواطنين واعيد الى العمل في جهاز الامن العام بعقد مدني لتدريب دورات لعدد من رجال ونساء شرطة السير في كيفية التعامل مع العملية المرورية واعطاء الاشارات بالايدي على التقاطعات العامة .

هذا الرجل كان لافتا للنظر اثناء خدمته على اشارة جسر النشا وكان يحرك يديه وكأنه يقود اوركسترا ويتفاعل معها طرباً ويلفت انتباه كل المارين.

«الدستور» التقت هزاع الذنيبات الذي بدا حديثه بتوجيه الشكر الى مدير الامن العام ومساعده للسير العميد ظاهر الغرايبة والعقيد حمدان السرحان مدير ادارة السير على تفهمهم لوضعه وخدمته بكل تفان للوطن ولجهاز الامن العام الذي افنى زهرة شبابه في خدمته .

ويقول الذنيبات: انه كلاعب كرة قدم انقطع عن اللعب فترة طويلة ويتوق للعودة للخدمة في الميدان والمساعدة في تنظيم حركة السير التي احبها منذ صغره وانه على استعداد للوقوف في اكثر الشوارع ازدحاما .

ويتذكر الذنيبات الخدمة في جهاز الامن العام في السنوات السابقة وشوارع العاصمة التي لم تكن تشهد الازدحامات المرورية التي تشهدها حاليا ويوعزذلك لكثرة اعداد السيارات في العاصمة .

موقف مع الحسين

ومن اطرف القصص والمواقف التي حصلت معه ولايمكن ان ينساها ان المغفور له جلالة الملك الحسين كان قادما باتجاه راس العين وكنت انظم المرور على اشارة راس العين وقمت بايقاف السير دون ان انتبه الى الموكب الملكي وفي هذه اللحظة نزل احد ضباط الحرس ليعلمني ان جلالة الملك في السيارة وفي هذه الاثناء قدمت سيارة اسعاف من مستشفى البشير الحكومي باتجاه جبل عمان فاعطيت الاولوية لها وكان سروره كبيرا لهذا التصرف الانساني .

واضاف الذنيبات قمت بعد ذلك بفتح الطريق امام الموكب الملكي وعندما وصل الحسين طيب الله ثراه اديت له التحية العسكرية وقال لي: شكلك تعبان من ازمة السير فقلت له من يراك ياسيدنا تذهب همومه ويذهب تعبه فانعم علي بهدية ملكية وامر بترفيعي الى رتبة رقيب حيث كنت برتبة عريف .

السرحان

«الدستور» تابعت قرار عودة هزاع الذنيبات للخدمة مع مدير ادارة السير العقيد حمدان السرحان الذي قال : اولا هزاع وامثاله من رجال الامن العام الاوفياء هم في الذاكرة لدى الجهاز ولدى المواطنين ، ونريد ان نتواصل مع امثاله سواء من كانوا في الخدمة او من المتقاعدين. وهزاع في ذاكرة المرور الاردني ، نراه في عدد كبير من رجال السير العاملين حاليا ، لكننا نريد الربط مننذ بدايات انتعاش السير في المرور وحاضره المشرق .

واضاف ان مديرية الامن العام ممثلة بالفريق الركن محمد العيطان مدير الامن العام ارتأت ان تعيده الى الخدمة كخبير مروري في مجال المرور الميداني والان يعود مدربا ولابد من متابعته للمتدربين في الميدان .

وعن امكانية ان يقوم هزاع بتنظيم المرور في العاصمة ؟ قال : نعم من الممكن ان يقوم بتنظيم حركة المرور في شوارع العاصمة المختلفة وهذا من منطلق اهتمام جهاز الامن العام بابنائه الاوفياء العاملين والمتقاعدين للا ستفادة من خبراتهم لتكون رافدا لتنظيم السير والحد من حوادث الطرق كما اراد قائد الوطن جلالة الملك عبدالله الثاني وهزاع واحد من هؤلاء .وقال اننا نريد الاستفادة من خبرة هزاع الميدانية في تنظيم حركة السير ايضا وسيقوم بتنمية مهاراته المرورية وتنمية مهارات الجيل الجديد من الضباط وضباط الصف والافراد في الميدان ليجمع بين الحاضر والماضي ويجمع ايضا العاملين حاليا بين الماضي والحاضر .

واشار ان مرور اليوم يعتمد كليا على الاشارات الالكترونية الحديثة لكن لابد من ايقاف هذه الاشارات احيانا والاعتماد على العنصر البشري حسب الحاجة والضغط المروري .

و هزاع متزوج من ثلاث نساء خطفت المنية اثنتين ، ويعيل 12 فردا ولا مصدر رزق له سوى راتبه التقاعدي.