نتنياهو يشترط إقرار ميزانيات هشة لفلسطينيي 48
أعلن وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، مساء أول من أمس، وأمام الهيئة العامة للكنيست، أن الخطة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة من حيث المبدأ في نهاية العام الماضي، لدعم "الأقليات" بقصد فلسطينيي 48، ما تزال مجمّدة، لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يربط الخطة، بإقرار اجراءات لهدم البيوت العربية غير المرخصة، ما يعني تدمير عشرات آلاف البيوت. في حين أكد خبراء أن الخطة من أساسها هشّة، وأبعد ما تكون عن أن تفي بغرض وقف الغبن، حتى في حال تم تطبيقها بحذافيرها.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرت في اليوم الأخير من العام الماضي 2015، ما أسمتها "خطة لدعم الأقليات"، بقصد فلسطينيي 48، وتزعم الخطة أنها ترصد لمجتمع فلسطينيي 48 حوالي 3,8 مليار دولار تصرف على مدى خمس سنوات، مع أن الاحتياجات تصل الى 18 مليار دولا. إلا أن هذه الأرقام ليست حقيقية، لأن الوزير كحلون ذاته اعترف في خطابه مساء اول من امس، بأن المبلغ الاضافي الذي "سيحظى" به العرب لا يتجاوز 657 مليون دولار، في حين أن 3,1 مليار دولار، هو مجموع الميزانيات القائمة أصلا في صلب الميزانية السنوية لمدى خمس سنوات.
وكان خبراء اقتصاد قد أكدوا على هشاشة الخطة، وأبرزهم الدكتور سامي ميعاري، قد أجرى بحثا، كشف فيه زيف المعطيات الرسمية، ليتبين أن الخطة لا تتعدى 1,3 مليار دولار، وأن الميزانية الجديدة فيها، بالكاد تصل إلى 400 مليون دولار موزعة على خمس سنوات.
ولكن منذ يوم إقرارها كان واضحا توجهات نتنياهو ووزراء الليكود، وغالبية وزراء الحكومة معهم، ففي صلب هذه الخطة توسيع دفع الشبان العرب نحو ما يسمى "الخدمة المدنية" الموازية للخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، ووضع خطة لتدمير آلاف البيوت العربية بذريعة ما يسمى "البناء غير المرخص".
ولاحقا، تبين أن غالبية "الميزانية الجديدة" ستصرف على اقامة مراكز شرطة في غالبية البلدات العربية، وإقامة وحدة شرطية خاصة معززة من قوات ما يسمى "حرس الحدود"، التابع لجيش الاحتلال، غرضها تدمير آلاف البيوت العربية، القائمة من دون ترخيص، بسبب سياسة تضييق الخناق وحرمان العرب ومن أراضيهم المصادرة، ومنع توسيع مناطق نفوذ البلدات العربية. وحسب دراسة أعدها حقوقيون، فإن الحديث يجري عن 50 ألف بيت عربي، غالبيتها قائمة في بلدات صحراء النقب.
كما تتضمن الخطة مضامين سياسية في غاية الخطورة، مثل بند التعليم الذي يؤكد على سياسة "التدجين" التي تبثها وزارة التعليم، من خلال منهاج دراسي يسعى إلى فصل الطالب الفلسطيني عن هويته الهوية ورواية شعبه الحقيقية. وهذا ينطبق أيضا على بند ميزانيات الثقافة، الذي يؤكد على المقاييس العنصرية التي وضعتها وزيرة الثقافة العنصرية ميري ريغيف.
وتمتنع الخطة بشكل واضح، عن توسيع مناطق نفوذ البلدات العربية، التي صادرت منها الحكومات المتعاقبة ما يزيد على 85 % من مناطق نفوذها التي كانت قائمة حتى العام 1948، عدا الاستيلاء على أراض ومناطق نفوذ مئات القرى الفلسطينية التي تم تدميرها. وتدعو الخطة إلى إجبار أصحاب الأراضي الخاصة على بناء بنايات سكنية متعددة الطبقات على أراضيهم الخاصة، بما يتنافى مع حقوق الإنسان بملكيته الخاصة.
وجاءت تصريحات الوزير كحلون، ردا على استجواب تقدم به النائب د.يوسف جبارين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في القائمة المشتركة، الذي قال تعقيبا على تصريح الوزير، إنه "بعد عشرات السنوات من التمييز العنصري ضد فلسطينيي 48، فإن الميزانيات المخصصة للعرب هي بلا شك حق لنا وليست مِنّة من الحكومة، بل إن الأرقام التي تتحدث عنها الخطّة هي عبارة عن نقطة في بحر من احتياجات المجتمع العربي الاجتماعية والاقتصادية، ويبدو أن حتى هذه النقطة يستكثرونها علينا".
وحذَّر جبارين من تضييق الخناق على البلدات العربية ومواصلة محاصرتها اقتصاديا وسياسيا، الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق التمييز تّجاه المواطنين العرب وإلى تردّي أوضاعهم. كما حذَّر جبارين من نيَّة رئيس الحكومة تنفيذ أوامر هدم البيوت في البلدات العربية، الأمر الذي قد يشكل بمثابة إعلان حرب على الجماهير العربية وعلى حقوقها.