حرب شوارع بالفلوجة والعراق يحقق بإعدام 49 سنيا في الأنبار
تخوض القوات العراقية حرب شوارع مع المتطرفين في احياء مدينة الفلوجة حيث تتصاعد اعمدة الدخان من مختلف مناطقها وتسمع اصوات الانفجارات والاشتباكات بشكل مستمر.
في سياق آخر، يتحرى العراق مزاعم قيام مقاتلين شيعة يساعدون الجيش في انتزاع السيطرة على الفلوجة بإعدام عشرات السنة، إثر إعلان محافظ الأنبار عن إعدام 49 رجلا سنيا استسلموا لجماعة شيعية.
من جهته، يقف قائد العمليات الفريق عبد الوهاب الساعدي على مبنى مرتفع يشرف على حي الشهداء بشكل مباشر موجها اوامره الى القطاعات وطالبا من طائرات التحالف قصف اهداف داخل المدينة.
ويقول "نخوض الآن حرب شوارع مع مسلحي داعش، في بعض الاحيان يفصلنا عنهم عشرين مترا فقط" مشيرا إلى أن "المواجهات تدور بالاسلحة الخفيفة".
وتشن السلطات العراقية عملية عسكرية كبرى منذ 22 أيار(مايو) لاستعادة السيطرة على هذه المدينة التي سقطت منذ أكثر من عامين بيد المتطرفين.
ويعتمد جهاز مكافحة الارهاب على منظومة اتصالات متطورة تنسق العمل مع الاجهزة الأمنية التي تحاصر المدينة ومع قوات التحالف.
كما يملك الجهاز منظومة تنصت على الاتصالات بين عناصر تنظيم "داعش" الذين يتحدثون دائما عن نقص في العديد، بحسب الساعدي.
وقال الساعدي لفرانس برس وهو يحمل ثلاثة اجهزة اتصالات "نسمعهم دائما يطلبون دعما بالرجال، لديهم نقص كبير بالمقاتلين، لقد قتلنا منهم حتى الآن 600 مسلح خلال معارك الاقتحام فقط".
وخلال ساعة واحدة من مراقبة عناصر التنظيم في الخطوط الامامية، وجهت طائرات التحالف ثلاث ضربات جوية.
وقال ضابط آخر في جهاز مكافحة الارهاب رفض الكشف عن اسمه "لقد قتلنا 14 عنصرا من داعش يشكلون ثلاثة مفارز هاون بعد ان زودنا قوات التحالف بالمعلومات والاحداثيات".
ويستمع الساعدي عبر الاجهزة إلى الحوار بين قادته الميدانيين الذين يخوضون حرب شوارع، فيقول احدهم للعناصر "اتركوا العجلات وادخلوا المنازل وانصبوا القناصة وارفعوا العلم العراقي".
وبعد لحظات يتصل الضابط الميداني معلنا بسعادة عارمة "لقد رفعنا العلم العراقي فوق المباني".
لكن الساعدي يرد بشكل حازم، "نحن لا نسعى الى نصر معنوي نحن هنا لتحقيق نصر مادي".
وبدت مقاومة المسلحين ضعيفة جدا، واقتصرت على اطلاق عدد من قذائف الهاون ورشقات قليلة، يستطيع عناصر جهاز مكافحة الارهاب تمييزها.
وتعتبر هذه المدينة الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا غرب بغداد احد آخر أكبر معقلين ما تزال بيد التنظيم إلى جانب مدينة الموصل الواقعة في شمال البلاد.
في غضون ذلك، بدا المحور الجنوبي حيث يقود جهاز مكافحة الارهاب عملية الاقتحام خاليا تماما من السكان في حين تبدو آثار الدمار واضحة على المباني.
وقال الفريق الساعدي ان "حماية المدنيين تشكل إحدى اولولياتنا، وسكان هذه المناطق انسحبوا منها" مؤكدا ان "الفلوجة اصبحت في متناول اليد ونحتاج بعض الوقت لتنتهي العملية".
ولم يتوقع التنظيم ان تتمكن القوات العراقية اختراق الخطوط الدفاعية الاربعة التي اقامها في ضواحي الفلوجة.
واضاف الساعدي ان "التنظيم وضع اربعة خطوط للصد، عبارة عن خنادق وانفاق وعبوات وقناصة، لم يرغبوا ان تصل المعركة الى مركز الفلوجة، لكننا تمكنا من اقتحام كل هذه المعوقات واصبحنا داخلها".
وتابع ان "التنظيم يأمر مقاتليه بتصفية الجرحى لان الجريح يشكل عبئا عليهم وليس لديهم وسيلة نقل، كما يقومون بقطع رؤس قتلاهم من المقاتلين المحليين حتى لا تتعرف عليهم شرطة الانبار التي تشاركنا القتال".
والدراجة الهواية هي الوسيلة التي يستخدمها مقاتلو التنظيم في عمليات التنقل لنقص الوقود وتجنبا للقصف الجوي.
ويشارك في العملية مقاتلون من العشائر ووحدات من شرطة الانبار.
من جهته، قال اللواء هادي رزيج قائد شرطة الانبار لفرانس برس ان "افواج طوارىء تنتشر في لقواطع التي تم تحريرها في الفلوجة".
وأكد "فتح مسالك أمنية للسكان الفارين من الفلوجة" موضحا أن عدد النازحين الذين غادروا المدينة "حتى أمس بلغ 12346 شخصا".
واشار إلى أن "التحقيقات التي اجراها قسم المعلومات تؤكد وجود الكثير من عناصر "داعش" الذين يفرون من المدينة مستغلين خروج النازحين".
واوضح رزيج "قبضنا على 546 شخصا متهما بالارهاب نزحوا ضمن العائلات النازحة، بهويات مزورة، خلال الاسبوعين الماضيين حتى الاحد".
وكان ما يزال 50 ألف مدني عالقين في الفلوجة حتى الاسبوع الماضي لكن الجيش العراقي فتح معبرا آمنا في جنوب غرب المدينة اتاح خروج آلاف المدنيين منها وايوائهم في مخيمات اعدتها القوات الحكومية.
ويقدر عدد مقاتلي التنظيم المتطرف داخل المدينة بما بين الف و2500 عنصر.
تحقيقات عراقية
في سياق آخر، يتحرى العراق مزاعم قيام مقاتلين شيعة يساعدون الجيش في انتزاع السيطرة على الفلوجة بإعدام عشرات السنة من المدينة الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش".
وقال سعد الحديثي المتحدث باسم الحكومة امس إثر إعلان محافظ الأنبار عن إعدام 49 رجلا سنيا بعد أن استسلموا لجماعة شيعية "تتم متابعة الخروقات وتم إيقاف عدد من المشتبه بهم."
وقال صهيب الراوي محافظ الأنبار حيث تقع الفلوجة إن 643 رجلا فقدوا بين الثالث والخامس من حزيران(يونيو) وأضاف "تعرض جميع المحتجزين الناجين إلى تعذيب جماعي شديد بمختلف الوسائل".
وأثارت مشاركة جماعات مسلحة في معركة الفلوجة إلى الغرب مباشرة من بغداد مع الجيش العراقي مخاوف بالفعل من حوادث قتل طائفية.
وقال الحديثي "إن القيادة أصدرت أوامر مشددة لجميع القطاعات بضرورة حماية المدنيين" مضيفا أن هذه الأوامر وجهت أيضا لقوات الحشد الشعبي التي تضم جماعات شيعية مسلحة تدعمها إيران وتشارك في القتال.
وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إنها علمت "بتقارير محزنة للغاية وذات مصداقية" بتعرض رجال وصبية لانتهاكات على يد جماعات مسلحة تعمل مع قوات الأمن بعد الفرار من الفلوجة. وتفصل السلطات العراقية بشكل روتيني الذكور الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما عن عائلاتهم عندما يتمكنون من الفرار من الفلوجة لفحصهم والتأكد من أنهم لا يمثلون خطرا أمنيا وتتحرى لمعرفة ما إذا كانوا ضالعين في جرائم حرب.
وقال الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن الفحص الأمني مشروع ولكن يجب ألا تقوم به جماعات مسلحة.
وقال زيد إن المدنيين في الفلوجة عانوا من "عامين ونصف العام من الجحيم" وهم تحت سيطرة "داعش" ولم يواجهوا خطرا هائلا فقط أثناء الفرار ولكن أيضا "خطرا مزدوجا في شكل انتهاكات كبيرة لحقوق
الإنسان".
وقال متحدث باسم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الذي يقاتل تنظيم "داعش" إن حكومة بغداد على علم بالانتهاكات.
وقال الكولونيل كريس جارفر "نعلم أن رئيس الوزراء خرج وقال إنه يعتقد أن هذه الانتهاكات وقعت وأنه... طالب بمحاسبة الجناة.... نعتقد أن هذا هو التصرف السليم."
وشن الجيش العراقي الهجوم على الفلوجة في 23 أيار(مايو) بدعم جوي من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وقالت الأمم المتحدة إن ما يصل إلى 90 ألف شخص محاصرون داخل المدينة دون طعام أو ماء تقريبا.