في الاردن هل وصلت العلاقة بين آباء وأبناء لكراهية تفضي للقتل ؟
حين يتجرد الإنسان من المشاعر، وتموت الرحمة بداخله، قد يصبح قاتلا لأقرب الناس إليه، فجرائم القتل التي شهدتها المملكة خلال السنوات الماضية، مفجعة ومفزعة لأن القتلة الآباء والضحايا هم الأبناء، وقد يكون العكس.
عكست جريمة الهاشمي الشمالي التي أقدم فيها سبعيني على قتل ابنه وابنته وزوجته ببندقية (بومبكشن) وفي نهار رمضان، العلاقة التي افتقرت للرحمة والمشاعر بين القاتل والضحية.
الشواهد التي وثقتها المحاكم النظامية كثيرة، فهذا شاب في الثامنة عشرة، أعد اداة القتل(مسدس) اختار المكان (بوابة المنزل) تلقى دعما وتأييدا من رفيق السوء .. سدد مسدسه وضغط على الزناد دون ان يرف له جفن، فقتل أباه في (طبربور) .. نعم؛ لقد قتل اقرب الناس اليه.
شاب آخر يترصد والده ليقتله بمسدس، فباغته بعدة طلقات امام منزله في (الشميساني).
وفي (صويلح) شمال عمان، قتل شاب في السابعة عشرة من عمره، عائلته المكونة من خمسة افراد، والده، ووالدته، وشقيقه وشقيقته، وايضا عمه برصاصة غدر في الرأس. وفي مأدبا قتل شاب والدته المقعدة طعنا بوحشية؛ وآخر قطع رأس والده بساطور شرق العاصمة.
مسلسل القتل بحق الأبناء طويل؛ فقد قتلت سيدة في طبربور بناتها الثلاثة، بسكين المطبخ وهن نيام. وأب آخر أجهز على اطفاله الأربعة وطعنهم حتى الموت، بمنطقة سحاب.
تلك جرائم واقعية حصلت في الأردن عبر السنوات الماضية، ومثلها عشرات الجرائم المشابهة، المسجلة لدى المحاكم، منها ما تم الفصل فيه، وأخرى في إجراءات التقاضي.
مشاهد القتل المروعة الواقعة بين الآباء والأبناء، لها أسبابها، لكنها تقع بعد أن يفقد كل من الطرفين، المشاعر الإنسانية، فيصبح القتل هو الوسيلة الوحيدة للإنتقام، فتسقط حينها الأحاسيس الأبوية، وتتحول العلاقة الى كراهية؛ تنمو مع الوقت، لتصل في نهاية المطاف، لجريمة قتل مهما كانت نتائجها.
المختصون في علم الجريمة، يرون أن معظم الجرائم لها أسباب مادية، وأخرى نفسية، نتيجة صدمة ما، واحيانا يكون الكره للعائلة؛ للأب وللأم من الاسباب، نتيجة ممارسة الضغوط على الأبناء، لتوجيههم، دون النظر الى مستوى تفكيرهم، وطريقة التوجيه السليم.
إن أنماط التربية الأسرية للأبناء، ما تزال تتجه إلى الطريقة التقليدية، التي تستخدم فيها القوة، والتوجيه المبني على اللوم والتوبيخ؛ ما يولد عند الأبناء شعور، بأن الأسرة تتعامل معهم بكراهية، ولا تنسجم معهم في التفكير والأدراك، وفق المرشد الإجتماعي مصطفى عبوي.
الأبناء في سن المراهقة يحتاجون إلى تغير نمط التربية، القائم على مبدأ الزجر، والإتهام، وإشعار الأبناء بأنهم لا يتمتعون بمستوى من التفكير، الذي يمكنهم من تحديد مساراتهم في الحياة، وهو من الأسباب الحقيقية لتولد الكراهية، التي تفضي للتفكير بقتل الآباء باعتبارهم عقبة في طريق تحررهم، وإتجاهاتهم.
تغيير الإسلوب في التعامل مع الأبناء، بما يتماشى مع العصر، والطريقة التي يفكر بها فلذات الأكباد، خير وسيلة لكسبهم، وبالتالي؛ الوصول إلى لغة مناسبة للتفاهم، حسب ما يرى متخصصون في علم النفس التربوي.
كثير من العارفين بالقضايا الأسرية، يدركون بأن التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الإجتماعي، ساهمت بتغيير تفكير الشباب، بحيث يتم النظر إلى الآباء بأنهم في عصر متخلف، وهذا برأيهم؛ مؤشر خطير، لا بد من التنبه إليه؛ لأن الإختلاف في الرأي داخل الأسرة تراكمي، وقد يصل إلى مرحلة يصبح الحوار فيها عقيما.
يمكن القول إننا بحاجة إلى إعادة مراجعة، في كيفية التعامل من الأبناء، والإهتمام بنمط تفكيرهم، ومحاولة استيعابهم بالفكر .. حتى لا نخسرهم او نولد لديهم الشعور بالكراهية، فهل تتحقق الرؤى