التذرع بالصيام ليس مبررا لسلوكيات منفرة

يتساءل مواطنون عن الأسباب التي تدفع بعض الأفراد الى ارتكاب سلوكيات تتسم بالعصبية والحدة، ويظهر ذلك على تصرفاتهم مع الغير وارتفاع نبرات أصواتهم، خصوصا في شهر رمضان المبارك معللين ذلك بالصوم.

وفي الوقت الذي يحرص معظم الناس على الاستفادة بركات هذا الشهر وفضائله الطيبة بالكلمة والموعظة الحسنة والدعوة لفعل الخير، يلجأ قلة من الناس الى ارتكاب تصرفات جراء عدم الصبر والتسرع.

وقال خطيب الجمعة في مسجد سلواد في عمان الشيخ سعد الدين زيدان 'اننا ندعو الله اذا اردنا ان يتقبل منا هذا الصيام ان نصوم ليس فقط عن الطعام والشراب، بل ان الصيام والعبادة الحقيقية هو انك حين تغضب في بحر النهار من بعض السلوكيات ان تقول دائما اللهم اني صائم، وتذكر هذا الامر فلا تحاول ان تخرج جام غضبك على الطرف الآخر الذي تسبب في اغضابك، وربما لا يكون متعمدا وربما يكون الشخص جاهلا أو غير ذلك' .

ودعا  الى ضرورة الحد من هذا الغضب الذي اعتاد عليه بعض الناس في الاسواق واماكن العمل وعلى الاشارات الضوئية والتحلي بخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله سبحانه وتعالى بـ 'انك على خلق عظيم'، فسيدنا محمدا عليه السلام كان طيب المعشر حلو اللسان ولم يكن لعانا ولا سبابا.

وأضاف ' نقول مرة أخرى للاخوة والاخوات والابناء والبنات لا تغضبوا.. لا تغضبوا.. لا تغضبوا، لان الغضب يفقد الانسان صواب التصرف ويدفع به للتسرع واتخاذ سلوك خاطيء في معظم الاوقات.

واكد استشاري جراحة الاعصاب والدماغ في مستشفى ابن الهيثم الدكتور سمير الفرح ان امراض الاعصاب ليس لها علاقة بالأمراض النفسية و'الخلق الضيق'، مبينا ان امراض الاعصاب تنحصر في الصرع واورام الدماغ والصداع النفسي والتهاب الاعصاب الطرفية وامراض التصلب اللويحي والتهابات الدماغ والتحاب السحايا.

واشار الى ان العصبية والخلق الضيق والتسرع في التصرف والسلوك العدواني ناتج في اغلبه عن التعب والارهاق وقلة الطعام والسوائل وعدم القدرة على التحمل، ما يتسبب في رفع منسوب الادرينالين بالجسم وبالتالي يساعد على تهيج صاحب السلوك.

من جانبه، أوضح أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور مجدي خمش أن بعض السلوكيات والأنماط ومن ضمنها الصراخ وقيادة السيارات بتهور و'النرفزة' تحدث غالبا بشكل مؤقت لدى البعض في الأيام الأولى من شهر رمضان، لكن الانسان يتأقلم بعد ذلك مع الوضع الجديد وتصبح أفضل مع مرور الوقت، مشيرا الى أن الشخص العصبي يدرك بالتأكيد مضار ومخاطر عصبيته على صحته.

وبين أنه يتعين في المقابل النظر الى الجوانب الايجابية التي تظهر خلال الشهر المبارك كالمبادرة لمساعدة الآخرين وتوزيع المياه والتمور على الشارات الضوئية، ما يعزز تماسك المجتمع والعلاقات بين أفراده ومكوناته.

وأوضح الخمسيني عيسى محمد أنه يحاول قدر الامكان خلال شهر رمضان المبارك تجنب الاحتكاك مع الناس أو الدخول في نقاشات مع أي كان خشية من تطورها ' الى ما لا يحمد عقباه'، معترفا أنه يعاني أساسا من 'عصبية'.. تزداد حدتها خلال الشهر الفضيل.

وقال باسما أنه يتفادى أيضا المكوث في المنزل لتجنب الصدام مع زوجته ووقوع المشاكل بينهما، ويحرص على العودة الى بيته قبل دقائق من موعد الافطار.

أما المهندس رائد ابو سيف فقال 'اننا نشهد يوميا الكثير من الممارسات غير الطبيعية التي تحدث خصوصا في رمضان، حيث قمت بالتوجه الى محل لبيع الفواكه الخضروات وبدأت بتعبئة كيس الشراء الا انني فوجئت بصاحب المتجر يتحدث معي بحدة وصوت عال 'انت خربت البضاعة' ولولا تدخل الحضور لحدثت مشاجرة.