حكومة نتانياهو.. الأكثر فاشية في تاريخ الدولة العبرية

اتفق خبراء ومسؤولون فلسطينيون على انه بضم زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية السابق، إلى الحكومة الإسرائيلية فإنها ستكون الأكثر يمينية وفاشيةً في تاريخ الدولة العبرية.
ويجمع الخبراء والمسؤولون على أنه لا أفق لأي حل سياسي مع الفلسطينيين، بوجود حكومة يرأسها زعيم حزب «الليكود» بنيامين نتانياهو وتضم في عضويتها ليبرمان وزعيم حزب «البيت اليهودي» وزير التعليم نفتالي بنيت.
وكانت التطورات السياسية تسارعت في إسرائيل خلال الأيام الماضية، فبعد أن كان متوقعا ضم حزب «المعسكر الصهيوني» الوسطي إلى الحكومة، فضل نتانياهو ضم ليبرمان وعرض عليه حقيبة الدفاع لتكون هذه القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقته مع القيادي القوي في حزب «الليكود» موشيه يعالون الذي أعلن ، الجمعة، إستقالته من منصبه.

إلى ماذا تؤشر التطورات

الأخيرة في إسرائيل؟
قال د.سعيد زيداني، المحاضر في جامعة القدس والخبير في الشؤون الإسرائيلية، «كما هو واضح فإن إسرائيل على مستوى القيادة تنجرف نحو اليمين المتطرف، فهذه الحكومة التي توشك على إعادة تشكيل نفسها هي الحكومة الأكثر يمينية منذ قيام إسرائيل عام 1948».وبدوره قال أحمد المجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن «التطورات التي جرت في إسرائيل مؤخرا تدلل على أن هناك ميل كبير نحو الفاشية في الحكومة الإسرائيلية، كما وقع سابقا في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية بما فيها في ألمانيا، حيث إنتقلت العناصر المتطرفة والفاشية إلى السلطة».
وأضاف المجدلاني إن»المجتمع الإسرائيلي يميل منذ سنوات نحو التطرف والعنصرية ولكن النزوع نحو الفاشية بما في ذلك ضد اليهود من الجنسيات المختلفة مثل الأثيوبيين والشرقيين علاوة على العرب الفلسطينيين فإن هذا الأمر ينعكس في السياسات والتشريعات وأيضا في سياسة الإحتلال التي تميل أكثر نحو رفض أي حل سياسي والتنكر للإتفاقيات السابقة ومحاولة تدمير حل الدولتين من خلال الإستيطان ومصادرة الأراضي وهدم المنازل».
ويتفق وديع أبو نصار، الخبير في الشؤون الحزبية الإسرائيلية ، مع هذا التحليل وقال «هناك تعاظم للفاشية داخل أروقة الحكم في إسرائيل وهذا ما يقر به إسرائيليون أيضا بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق من حزب «العمل» إيهود باراك». وكان باراك قال في مقابلة مع القناة الإسرائيلية العاشرة مساء الجمعة إن الحكومة الإسرائيلية» تعاني بداية نزعات فاشية» معبرا عن أمله أن لا يسفر اسناد حقيبة الدفاع إلى ليبرمان عن «جباية ثمن باهظ جدا».

لماذا استقال يعالون؟
الحديث عن نزوح الحكومة الإسرائيلية نحو الفاشية عبر عنه بشكل واضح الوزير المستقيل يعالون الذي قال في مؤتمر صحفي الجمعة «هناك قوى متطرفة وخطيرة استولت على إسرائيل والليكود وزعزت الإستقرار في وطننا وتهدد بالمس بسكانه». وأضاف»حاربت بكل قوتي ضد التطرف والعنف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، والتي تهدد ثباته وتتسرب أيضا إلى داخل الجيش الإسرائيلي متسببة له بالضرر، حاربت بكل قوتي ضد محاولات المس بالمحكمة العليا وقضاة إسرائيل، وهي عمليات ستسبب نتيجتها ضررا كبيرا لسيادة القانون وقد تكون كارثية للبلاد». وكانت هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها يعالون صراحة عن المنحى الخطير في إسرائيل بعد خلافات في الرأي مع نتانياهو في الأشهر الأخيرة.

فحوى خلافات نتانياهو- يعالون
وبدأت الخلافات عندما أصر يعالون على وجوب محاكمة الجندي الإسرائيلي الذي أطلق النار على رأس عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل في آذار الماضي ما أدى إلى استشهاده.
وكان نتانياهو رد على دعوات محاكمة الجندي الإسرائيلي بالقول «جنودنا ليسوا قتلة، وهم يعملون ضد قتلة وآمل أن يجدوا الطريق لإجراء توازن بين العمل الذي ارتكب والسياق الشامل للحدث» فيما دعا ليبرمان إلى إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي خلال تظاهرة تضامن معه.
وفي الخامس عشر من الشهر الجاري دعا يعالون، خلال حفل استقبال في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل ابيب، قادة الجيش الى «القول بصراحة كل ما يريدونه حتى ولو كانت اقوالهم لا تتماشى ومواقف القيادة العسكرية الرفيعة أو المستوى السياسي».
ورد نتانياهو فورا على ذلك في تصريح مكتوب قال فيه « رئيس الوزراء يدعم الجيش الإسرائيلي ضباطا وجنودا بصورة مطلقة «مستدركا» الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب وينبغي أن يبقى خارج الخلافات السياسية».
يذكر أن لا خلافات بين نتانياهو ويعالون حول قطاع غزة او حل الدولتين، فكلاهما قادا الحرب على غزة وكلاهما يتخذان موقفا رافضا لحل الدولتين.
هل طوي ملف يعالون على الرغم من استقالته فإن يعالون أبقى الباب مفتوحا أمام عودته ولكن هذه المرة لربما لمنافسة نتانياهو نفسه وقال في مؤتمره الصحفي الجمعة «لا أنوي ترك الحياة العامة، وفي المستقبل سأعود كمرشح لقيادة وطنية».
ويعتبر يعالون من كبار قادة «الليكود» الذي يقوده نتانياهو حيث يسود الإعتقاد بأن نتانياهو تعمد إبعاده لمنعه مستقبلا من منافسته على رئاسة «الليكود».
وقال ابو نصار» التطورات الداخلية الإسرائيلية تعني بالأساس أمرين، الأول وهو أن نتانياهو لن يتردد بخداع أي شخص من أجل الحفاظ ليس فقط على منصبه وإنما أيضا ضمان عدم وجود أي منافس قوي له».
وأضاف» أما الأمر الثاني فهو أن نتانياهو لا يكترث لا بالوضع الداخلي ولا الإقليمي ولا الدولي فأهم شيء بالنسبة له هو نتانياهو نفسه وهو مستعد لضرب أصدقاءه قبل خصومه في سبيل ذلك».

هل ينافس يعالون نتنياهو مستقبلاً؟
يرى أبو نصار أن الإنشقاق في داخل «االيكود» هو أمر وارد وقال» هناك الكثير من قادة «الليكود» غير راضين عن نتانياهو ومنهم الوزير السابق جدعون ساعر الذي استقال واعتزل الحياة السياسية مؤقتا «.
ولكنه استدرك»في مواجهة أي حراك ضده فإن نتانياهو يراهن على أمرين: الأول، غياب أي حراك ضده والثاني وهو الأهم أن خصومه يكرهون بعضهم البعض أكثر من كرههم لنتنياهو».

كيف ستؤثر التطورات
في إسرائيل على الفلسطينيين؟
يقول المجدلاني، المقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «بتقديرنا فإن الخطر يتمثل بانتقال التطرف في إسرائيل إلى مرحلة جديدة، وهي الفاشية، سيكون له أثر كبير على العملية السياسية وعلى عملية السلام «. وأضاف» ما سوف نلحظه هو أن هناك تصعيد عدواني ممنهج من قبل الإحتلال وسوف يواجه بصمود كبير من قبل الشعب الفلسطيني وبالتالي فإن من يتحمل مسؤولية تفجر الأوضاع في المنطقة هو نتانياهو وحكومة اليمين المتطرف والفاشي».
وتابع المجدلاني» نتانياهو يحاول استغلال إنسحاب الإدارة الأمريكية من العملية السياسية من أجل محاولة فرض حقائق على الأرض بهدف إنهاء حل الدولتين ويحاول تحدي المجتمع الدولي من خلال استباق خطواته السياسية الداخلية لإجتماع مجموعة العمل الدولية التي ستجتمع في باريس يوم 3 حزيران المقبل للتحضير لمؤتمر للسلام في المنطقة».
أما أبو نصار فقال إن» التطورات في إسرائيل سيكون لها تأثيرها السلبي على الفلسطينيين» وأضاف» الوضع لم يكن أفضل قبل توسيع الحكومة ولكنه على الأرجح سيكون أسوأ مما هو عليه الآن».
وأشار ابو نصار أن «نتانياهو لم يكن متحمسا لتقديم أي شيء للفلسطينيين بتهربه المستمر من كل المحاولات لإستئناف المفاوضات ولكن في هذه المرحلة لا رغبة لدى نتانياهو للتصعيد الميداني لأنه يدرك بأن كلفته ستكون باهظة».
بدوره قال د.زيداني «إستطلاعات الرأي العام الإسرائيلي تظهر أن الجمهور الإسرائيلي أيضا ينحرف نحو اليمين وهذا الإنجراف الواسع والشامل نحو اليمين لا يعطي أي أمل بشأن التقدم نحو السلام او الحل السياسي مع الطرف الفلسطيني وينذر بخلافات وصراعات ليس فقط مع الطرف الفلسطيني وإنما أيضا أطراف إقليمية ودولية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية». تطرف ليبرمان يخيف الفلسطينيين وأجمع المحللون والمسؤوليون على أن ليبرمان لا يختلف عن نتانياهو وحتى يعالون في مواقفه السياسية من الفلسطينيين ولكن عدم وجود خبرة عسكرية لليبرمان واندفاعه يجعله خطيرا.
وقال المجدلاني»إدخال ليبرمان إلى الحكومة كشريك في الحكومة وتسلمه منصب وزير الحرب (الدفاع) يعني المزيد من التطرف».
واستدرك عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية» ولكن سياسات الحكومة الإسرائيلية إن كان من خلال ضم ليبرمان او الممارسات على الأرض ستجعل إسرائيل تواجه عزلة دولية متزايدة ومقاومة عنيدة وقوية من الشعب الفلسطيني وقواه السياسية».
بدوره قال أبو نصار» لا اعتقد أن ليبرمان سيسارع إلى ضرب قطاع غزة ، كما يهدد دوما، إذ من المعلوم أن قرار السلم والحرب هو بيد القائد الأعلى للقوات العسكرية الإسرائيلية وهو نتانياهو الذي لا اراه يصدر قرارا بإجتياح غزة في المستقبل القريب ما لم تحدث تطورات غير قائمة اليوم». ولكن د.زيداني قال» ليبرمان شخصية مركبة ومعقدة ولكن الخلاف الدائر في إسرائيل هو حول صلاحياته كوزير (للدفاع)، فهذه الحقيبة هي الأهم بعد رئاسة الوزراء، وليبرمان كما هو معروف لا خبرة عسكرية له وعليه فإن ثمة مخاوف من أن يورط إسرائيل في مشاكل هي في غنى عنها ، أما في يتعلق بالمسار السياسي مع الفلسطينيين فإن مواقفه لا تختلف عن نتانياهو».