حب الشباب
باتت مشكلة حب الشباب مشكلة تثير قلق المراهقين من كلا الجنسينوتؤرقهم
كونها تسبب لهم الحرج أحياناً، ولكنها لا تقتصر فقط على المراهقين حسب
الاعتقاد السائد والشائع بين الناس، بل تظهر أيضاً لدى كبار السن وبشكل
مفاجئ وغالباً لدى السيدات في أعمار تتراوح بين 25-45 عاماً، وللأسف لم
تتوصل العلوم الطبية حتى الآن إلى الأسباب الحقيقية وراء هذه التغيرات
الجلدية المزعجة والتي لا تتسبب فقط في حدوث التهابات الجلد وطبقاته بل
لها أبعاد نفسية سلبية على الأفراد فيتولد لديهم الشعور بالنقص والحرج .
إن حب الشباب يصيب عادةً جذور الشعر والغدد العرقية في مراحل مختلفة من
التغييرات الهرمونية التي تتخلل حياتنا، ومن المرجح ان للهرمونات دوراً
حاسماً في ظهورها، حيث تقوم التغيرات الهرمونية بتحفيز الغدد الدهنية
الموجودة في الجلد وبالتالي تزداد الإفرازات الدهنية التي تؤدي إلى
انسداد مسامات الجلد، وبوجود خلايا الجلد الميتة تتكون نتوءات خارجية على
الجلد مما يؤدي إلى ظهور حب الشباب، كما ان نشوئها يعتمد أيضاً على وجود
فائض من الهرمونات الذكرية الأندروجينات " Androgens " لدى المرأة أو
الرجل .
حب الشباب يصيب 70-90% من كلا الجنسين في سن المراهقة، وبنسبة 20% في سن
25-45 عاماً، ففي مراحله الأولى تبدأ الحبوب بالظهور دون التهابات ولكنها
تتطور فيما بعد لتشكل التهابات وبثور وتغيرات جلدية مزعجة وفي بعض
الأحيان قد تؤدي إلى تسمم عند انتقال البكتيريا إلى الدم .
ومن المعروف أن حب الشباب يصيب أجزاء كبيرة من الجلد والوجه والرقبة
وأعلى الظهر والكتفين والذراعين و الأجزاء القريبة من الابط والصدر وبين
الفخذين، هذه المناطق الجلدية تحتوي على اكبر عدد من الغدد الدهنية، كما
يزداد تكونها لدى السيدات بعد إيقاف تناول حبوب منع الحمل وذلك بسبب
التغير المفاجئ على الهرمونات الذكرية والتي تكون منتظمة نوعاً ما تحت
تأثير مانع الحمل والذي يجعل هرمون الاستروجين أقوى وهذا بدوره يؤدي إلى
ضعف الهرمونات الذكرية، فتأثير الهرمونات الذكرية يأتي من خلال إغلاق
وتضيّق الفتحات اللمفاوية لغدد العرق مما يؤدي إلى اختزان السوائل فيها
وعدم انسيابها وبالتالي تصبح هذه الخلية عرضة لتجمع الميكروبات وخاصة
البكتيرية، فالعبث بها والحكة يؤدي إلى تهيج الجلد وحدوث الالتهابات وهذا
بدوره يزيد الأمور سوءاً وتعقيداً ويؤخر مسألة الشفاء منها كونه يساعد في
انتشار الميكروبات .
ومن المعتقد بأن وجود عوامل أخرى إلى جانب التغيرات الهرمونية تساهم في
ظهور هذه المشكلة فعلى سبيل المثال قد يؤدي تناول بعض المواد الغذائية
إلى نشوء حب الشباب كالحليب والزبدة والمكسرات مثلاً، ويُعتَقَد أيضاً
بأن استخدام بعض أنواع الكريمات ومستحضرات التجميل قد يساعد في انتشار حب
الشباب، كما ان تأثير الشمس يساهم بشكل سلبي في تفاقم هذه المشكلة،
بالإضافة إلى ان تناول فيتامين B وبعض الأدوية خاصة الكورتيزون
(Cortizone) قد يؤدي إلى ظهور حب الشباب .
إن أساليب العلاج ترتبط ارتباط وثيق بمدى انتشار الحب وحدته، كما ان
ايجاد العلاج المناسب يستغرق بعض الوقت لاختلاف انواع البشرة، وقد يحتاج
الطبيب احياناً استخدام اكثر من طريقة علاج في نفس الوقت ، فإلى جانب
استخدام مضادات حيوية، قد يتطرق الطبيب إلى العلاج بالليزر والتقشير
"Peeling" وذلك باستخدام مواد معقمة خاصة كالأحماض ازيلاين و ريتينويد،
فهي تعتمد على تحفيز تجدد الخلايا وتمنع تكون الانسدادات في بصيلات
الشعر، ولكن يجب ان لا ننسى بأن هذه العلاجات تجعل الجلد أكثر تأثراً
بأشعة الشمس لذلك يجب الحذر من التعرض المباشر لأشعة الشمس .
ومن ناحية أخرى فهناك الكثير من الإجراءات الوقائية التي نستطيع القيام
بها لتسهيل مسألة العلاج ولمنع عودة ظهور حب الشباب مرة أخرى ولعل من
أهمها المواظبة على تنظيف الجلد يومياً لإزالة الشوائب والافرازات
الدهنية على سطح الجلد، والتقليل من استخدام مساحيق التجميل وخاصة فترة
العلاج، والاستحمام عقب التمارين الرياضية والأنشطة الجسدية المختلفة،
وعدم ارتداء ملابس ضيقة كونها تزيد الاحتكاك بالجلد وبالتالي تسبب تهيج
في المنطقة المصابة، بالإضافة إلى تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس لمدة
طويلة لأنها تزيد من التهاب وأحمرار الجلد لأن بعض الأدوية المستخدمة
لعلاج حب الشباب قد تجعل الجلد أكثر حساسية وتأثراً بأشعة الشمس لذا
يتوجب هنا استخدام واقي شمس غير دهني ذو نسبة حماية جيدة، ولن نغفل عن
عامل هام جداً وهو تجنب خدش هذه الحبوب أو حكها والعبث بها لكي لا تترك
ندبات وتصبغات أماكن تواجدها .