اليمن: إطاحة بحاح تفجر صراعا متشعبا داخل معسكر الرئيس
بإطاحة نائبه خالد بحاح من منصبيه في رئاسة الحكومة والرئاسة، فتح الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، جبهات صراع جديدة داخل معسكره، وفت في عضد فريقه التفاوضي الذي سيتوجه إلى الكويت قريبا، للقاء خصوم السياسة وميدان القتال من جماعة أنصار الله (الحوثيون) وحزب المؤتمر بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
خالد بحاح اصدر بيانا سياسيا مطولا أعلن فيه رفضه لقرار الإقالة، لكنه في ختام عملية الرفض علل أساس رفضه لها، مؤكدا ان "القوى السياسية الداعمة للشرعية أعلنت عدم القبول بالانقلاب على المشروعية القائمة على تلك المرجعيات، ودعت لإسقاطه وعودة العملية السياسية وفقا لمضامينها"؛ متسائلا: كيف ستبرر قبولها بانقلاب الرئيس هادي عليها بهذه التعيينات، وبحكومة لم تأت وفق الأحكام الواردة والمقررة فيها؟
ويعتقد المحللون ان قرارات الرئيس اليمني كانت مفاجئة للجميع إلا ان رفض بحاح لها كانت الخطوة الأكثر إثارة على صعيد المواقف السياسية .
ويرى المحللون انه يمكن لخطوة نائب الرئيس خالد بحاح ان تحدث الكثير من التبعات السياسية التي كانت حكومة "هادي" في غنى عنها وأولى هذه التبعات هو نقل معركة الاتهامات المتبادلة باختراق الشرعية وتنفيذ الانقلاب من معركة بين حكومة هادي والحوثيين إلى معركة سياسية تدور فصولها بين أقطاب إدارة هادي نفسه.
التغييرات التي أصدرها الرئيس اليمني جاءت عشية وقف إطلاق نار مفترض له ان يكون في الـ 10 من هذا الشهر وهو مقدمة للذهاب صوب مفاوضات سياسية مع الحوثيين وصالح في الـ18 نيسان(ابريل) الجاري .
ويؤكد المحللون ان حالة الإرباك التي وضع "هادي" فيها حكومته ستؤثر على تشكيلة الوفد المفاوض ومطالبه وإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية مع الحوثيين وصالح .
من جهتها، التزمت جماعة الحوثي ومؤيدو صالح "الصمت" حيال القرارات التي أصدرها "هادي" وعلى مايبدو انهم كانوا ينتظرون نتيجة نهائية لهذه القرارات لكي يتخذون موقفا حيالها، لكن بحاح سارع إلى إعلان رفضه للقرارات التي أصدرها "هادي".
وكان الرئيس عبدربه منصور هادي عين في شباط(فبراير) من العام 2012 رئيسا لليمن ضمن خطة سياسية لنقل السلطة عقب تنحي الرئيس اليمني السابق علي صالح من منصبه. بينما نصت المبادرة الخليجية على ان يكون "هادي" رئيسا لليمن لمدة عامين تعقبها عملية سياسية تتضمن إجراء انتخابات رئاسية .
ومنذ العام 2014 تعالت أصوات سياسية معارضة لهادي تدعوه للتنحي عن السلطة استنادا للمبادرة الخليجية .
كانت ابرز الدعاوى التي أطلقها الرئيس اليمني السابق "علي صالح" خلال لقاءات صحفية وتلفزيونية معه تستند إلى انتهاء شرعية "هادي".
ورغم معارضة الحوثيين وصالح لبقاء هادي رئيسا في اليمن وتأكيدهم على ان بقاء "هادي" ليس شرعيا إلا ان كل القوى السياسية اليمنية الأخرى ظلت تقف إلى جانب هادي وتؤكد انه رئاسته شرعية .
ويرى المحللون أن رد فعل خالد بحاح، على قرارات الرئيس هادي مثّل أول تمرد من نوعه داخل معسكر "الشرعية" ومن شأنه سياسيا ان يعزز مواقف الأطراف المناوئة لهادي ويوجه ضربة في الصميم لشرعية "هادي".
ويضيف المحللون ان الرئيس هادي لم يكن بحاجة إلى شرخ سياسي في صفوف معسكر الشرعية يطال شرعيته السياسية إلا ان الرجل مضى قدما وبدلا من ان يواجه معركة سياسية مع اقتراب عملية تفاوض سياسية مع الحوثيين وصالح بات عليه ان يخوض عدد من المعارك بينها معركة ضد بحاح داخل معسكره الخاص.
واعتبر المحلون انه يمكن لهذه المعركة ان تدفع بخالد بحاح كشخصية سياسية قوية تتحصل على دعم سياسي من قبل عدد من الأطراف السياسية داخل معسكر "الشرعية" في حين ان ضغوطات سياسية أخرى يمكن ان تمارس على الحوثيين وصالح قد تجبرهم على القبول بتنصيب بحاح رئيسا خلفا "لهادي".
ويضيف المحللون انه في حال تمكن "خالد بحاح" من تعزيز جبهته السياسية داخل معسكر الشريعة يكون بذلك قد عزز موقفه من الوصول إلى منصب الرئيس في اليمن في حال التوصل إلى تسوية سياسية قادمة في اليمن .
بيد ان المحللين يرون ان الاخطر في قرارات الرئيس اليمني يكمن في انعكاساتها على مفاوضات الكويت، وقالوا انه "بدلا من ان يتوجه وفد الحكومة الى هذه المفاوضات متماسكا سيتوجه وهو يعاني حالة من التصدع في صفوفه، خصوصا وان الفترة الزمنية الفاصلة لهذه المفاوضات باتت "قصيرة".
ويعتقد المحللون ان قرارات الرئيس اليمني رفعت أسهم خالد بحاح جنوباً، اذ أعلنت قطاعات جنوبية واسعة رفضها لقرار هادي وبسبب ذلك خسر "هادي" الكثير من المواقف المتعاطفة معه منذ عام لصالح بحاح الذي حقق مكاسب سياسية إضافية .
وقالوا ان قطاع واسعا من الجنوبيين يدرك ان "بحاح" ليس من مؤيدي استقلال الجنوب المباشر لكن مواقف الرجل مؤخرا بدت أنها قريبة جدا من القضية الجنوبية، الأمر الذي يجعل "بحاح" في مواجهة محسن يكسب المواجهة جنوبا .
ولفتوا الى انه على الصعيد السياسي، يمكن لبحاح ان يقدم حالة التأييد التي سيتلقاها شعبيا في الجنوب كورقة ضغط في مواجهة الرئيس هادي خلال أي عملية تفاوض سياسية والأمر الذي سيجعل من بحاح قريبا من الحصول على منصب رئيس الجمهورية خلفا "لهادي".
واكد المحللون ان الجنرال علي محسن الاحمر المعين نائبا للرئيس بدل خالد بحاح وتيار حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون) هما أكثر الأطراف السياسية استفادة من حزمة القرارات التي أصدرها هادي ابتدأ بتعيين الأحمر نائبا في قيادة الجيش ووصولا إلى تعيينه نائبا للرئيس هادي .
فقرارات الرئيس اليمني، حسب المحللين، تعني عودة قوية للجنرال الأحمر ولتيار حزب الإصلاح بعد حالة الانتكاسة التي تعرض لها الحزب عقب سقوط العاصمة اليمنية صنعاء بيد الحوثيين أواخر العام 2014 .
وبينوا ان الجنرال الأحمر وحزب الإصلاح سيتصدون لخالد بحاح، اذ سيكرس الحزب وسائل إعلامه وحضور ناشطيه لمهاجمة "بحاح" ومحاولة إسقاطه مجددا، فالتعيينات الأخيرة التي تحصل عليها اللواء الأحمر ستمنحه حضورا سياسيا في مناطق اليمن والجنوب ايضا.
وحسب المحللين فان اليمن مقبل على صراع بين معسكري الجنرال الاحمر وخالد بحاح، الذي يتساءل المحللون عن قدرته على الإطاحة بأحلام الجنرال الأحمر في حكم اليمن