القضاء الأردني يرفض إزالة المخيمات الفلسطينية من المملكة

رفض القضاء الأردني إزالة المخيمات الفلسطينية من المملكة. جاء ذلك في قرار لقاضي محكمة بداية حقوق جرش راتب الطعاني، حيث رفض إزالة المخيمات المقامة على اراضي مواطنين او الحكم بتكاليف تلك الازالة، وقرر الزام الحكومة بدفع اجرة المثل لهؤلاء المواطنين.

ورد القاضي طلب اعادة الحال لما كان عليه الى هذه القطع قبل انشاء المخيمات فيها.ويعتبر القرار من أهم القرارات القضائية في تاريخ الأردن، فهو ينسحب على 13 مخيما يقطنها ما يزيد على مليون لاجئ فلسطيني، هجّرهم الاحتلال الاسرائيلي إلى الاردن في عام 1967.

وكان مواطن اقام دعوى ضد الحكومة للمطالبة باعادة الحال لقطع الاراضي التي يملك حصصاً فيها وبدل أجر المثل عن هذه الحصص التي تقع في مخيم سوف من اراضي محافظة جرش.

وجاء في نص قرار المحكمة ان اعادة الحال لما كان عليه قبل الاعتداء او الغصب امر يتطلب ازالة مئات الابنية والوحدات السكنية التجارية والتي تشغل من قبل مواطنين نزحوا من الضفة الغربية إلى المملكة الاردنية الهاشمية التي كانت تعتبر وبموجب قرارات مؤتمر اريحا الذي عقد في عام 1949 جزءاً من المملكة الاردنية الهاشمية وقبل ان ينظم دستور المملكة الاردنية الهاشمية في عام 1952 والذي اعتبر المملكة الاردنية الهاشمية دولة ذات سيادة على اقليمها (الضفتين الشرقية والغربية).

وقال القرار ان ازالة تلك الابنية والمنشآت سيؤدي بالضرورة وبالنظر الى كثافة ساكني تلك المخيمات الى ازمة انسانية وطنية، الامر الذي قد ينعكس سلبا على الامن والسلم المجتمعي وحدوث قلاقل وبلابل وفتن لكون ساكني هذا المخيم هم جزء ومكون رئيس من النسيج الوطني الذي هو اساس الامن والسلم المجتمعي للمملكة الاردنية الهاشمية وعروة من عرواته الوثقى، اذا "اخذت الامور بالاجمال بالنظر الى ساكني تلك المخيمات ممن يحمل منهم الجنسية الاردنية بالنظر الى الوطن الام ومن لا يحملها ويحمل الجنسية الفلسطينية وحتى اذا اخذ ذلك الطلب باعادة الحال وازالة التعدي و/او الحكم بتكاليفها واذا تمنعت الدولة عن اعادة الحال بالتفصيل واستثنينا من هم غير اردنيين فان المحكمة تجد في ظل انعدام حق العودة للاخوة الفلسطينيين على ضوء ما تشهده المنطقة العربية والعالم من عدم التزام دولة الاحتلال الاسرائيلي في هذا الجانب وحتى الوقت الراهن، وفي ظل سعي اليهود لتهويد فلسطين بما فيها الاراضي المحتلة في عام 1967 وخاصة القدس وجعلها حكرا على ابناء الديانة اليهودية واستمرار دولة الاحتلال الاسرائيلي في سياساتها الاستيطانية التوسعية واستحواذ الاراضي المحتلة عام 1967 ،وتناقض كل ذلك وتنافيه مع هذا الحق بالعودة وحق الشعوب في تقرير مصيرها ومنها الشعب الفلسطيني، الذي يعتبر اساسا هاما وركيزة اساسية من ركائز جل الاتفاقية والمواثيق الدولية العامة الموقعة عليها المملكة الاردنية الهاشمية".

وتجد هذه المحكمة كذلك بأن رعاية المخيمات باشكالها القائمة حاليا من قبل الجهة المدعى عليها حكومة المملكة الاردنية الهاشمية ومن قبل وكالة الغوث وتنمية اللاجئين التي هي احدى مؤسسات الامم المتحدة الموقعة المملكة الاردنية الهاشمية على ميثاقها كعضو مؤسس ممثلة بحكومتها ملزمة بما ورد به ، وعليه فان اتخاذ اي قرار بازالة هذا المخيم من قبل الحكومة يتنافى مع هذا الالتزام.

واضاف القرار، انه في عام 1967 الجأت الحرب وهي قوة قاهرة سكان الضفة الغربية وحكومة المملكة الاردنية الهاشمية التي وقعت بين الدول العربية ومن ضمنها المملكة الاردنية الهاشمية ودول الاحتلال الاسرائيلي الى نزحهم من الضفة الغربية بسبب احتلال اراضي الضفة الغربية من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي واجبرت الدولة الاردنية على تأمين الملاذ الآمن لهم في وقتها كمواطنين لها قبل ان يتحول جزء من قاطني تلك المخيمات الى لاجئين باعتبارهم من دولة اخرى على ضوء قرار فك الارتباط الذي بقي سياسيا دون ان يقونن او يدستر بين الضفتين الغربية والشرقية للمملكة الاردنية الهاشمية الذي اتخذه جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله في عام 1988 حفاظا على الهوية الفلسطينية وعلى بقاء فلسطين على الخارطة كدولة بمفهوم الدولة السياسي والجغرافي والديمغرافي دون افراغها من المضمون الدستوري لتعريف الدولة.

وقال القرار "كلنا يعلم ان دولة الشهيد هزاع المجالي ودولة الشهيد وصفي التل دفعا حياتهما ثمنا لهذا الفكر وهذا النهج وذلك ايضا على ضوء اعتراف الدول العربية في عام 1974 وهو عام انعقاد مؤتمر الرباط بمنظمة التحرير الفلسطينية كمثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وكذلك وفي وقت لاحق اعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رحمه الله قيام دولة فلسطين على ضوء مخرجات اتفاقية السلام في اوسلو الموقعة من الفلسطينيين والدولة الاحتلال الاسرائيليين على ان تقام الدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967 مع تأجيل مناقشة وضع القدس وعودة اللاجئين الى مفاوضات الحل النهائي".

واكد القرار ان الحكومة قامت بوضع يدها على قطع اراضي المدعي بموجب قرار اللجنة العليا للاغاثة غير المشكلة بناء على قرار من رئيس الوزراء في حينه عام 1967 لتقوم بالصلاحية الممنوحة لها بموجب نظام الدفاع رقم 2 لسنة 1939 او بموجب قانون الدفاع عن شرق الاردن لسنة 1935 واو اعطت الصلاحية لهذه اللجنة.
وانها صوبت القرار بموجب قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 او ان رئيس الوزراء فوض هذه الصلاحية الممنوحة له للجنة الوزارية العليا وعليه فان يد الحكومة على هذه القطع هي يد غاصبة وغير مشروعة لمالك هذه القطع المدعي اجر مثل حصصه المغصوبة فيها فيما يتعلق باجر المثل.

ولفت القرار إلى ان اعادة الحال لارض مخيم سوف ومنها ارض المدعي للحالة التي كانت عليها قبل وجوده يتطلب ارسال ساكني هذا المخيم الى المجهول في حال عدم توفر البديل الذي تتوافر فيه ادنى متطلبات العيش الانساني الكريم لهو لعب بالنار وعزف على امن الاردن واستقراره الداخلي وفيه اثارة لفتنة داخلية كبيرة دون اعمال الدولة الاردنية لحلول جدية لذلك تتضمن حلولا واستراتيجيات طويلة الامد لعلاج هذه الاشكالية.

وقال القرار ان "اشكالية اراضي المخيمات ومن ضمنها اراضي مخيم سوف ليست هي المشكلة الوحيدة التي وان عالجتها الحكومة انتهت فيها مشكلة اللاجئين والمخيمات واراضي هذه المخيمات في المملكة الاردنية الهاشمية فهناك اشكاليات اخرى مرتبطة بالتعليم والعمل والجانب الصحي العلاجي قد تشكل عبئا ثقيلا على خزينة المملكة الاردنية الهاشمية المرهقة اصلا بسبب المديونية والتي تعتمد بجانب كبير على المساعدات الدولية المقدمة من الدول والمنظمات المانحة من اجل هذه المخيمات ومنها مخيم سوف تستوجب اعادة اراضي المخيمات ومن ضمنها ارض المخيم موضوع هذه الدعوى الى الحالة التي كانت عليها بناء على طلب مالكيها".

ولفت القرار إلى "ان مصلحة الدولة هي الاولى بالرعاية والدولة هي الاقدر على تنظيم شؤون اقليمها وممارسة سيادتها على ذلك الاقليم الذي هو جزء وركن اساسي من اركان الدولة الاردنية وكون القوة القاهرة (حالة الحرب وبقاء دولة الاحتلال الاسرائيلي محتلة لهذه الاراضي (اراضي عام 1967) تحل حكومة المملكة الاردنية الهاشمية من التزامها باعادة الحال لاراضي المواطنين المقام عليها المخيمات ومن ضمنها قطع الاراضي المقام عليها المخيم".

واضاف القرار انه اعادة الحال في الاجل المنظور هو ليس ممكنا فان الحكم بتكاليفه امر لا ينسجم وواقع المنطق اذ ان الحكم بتلك التكاليف دون امكانية استخدامها بسبب استحالة ذلك يصبح من قبيل الاثراء بلا سبب شرعي لمالك قطع الاراضي المقام عليها المخيم وفيه استعجال للشيء قبل اوانه وكونه يصبح تعويضا مضافا الى تعويض (اجر المثل) وفي ذلك هدم لغاية المشرع الاسمى من فرض التعويض وتناقض مع المفهوم الاساسيس للتعويض نفسه.

وأضاف القرار "ان الدولة بمفهومها الخادم والحارس لمصلحة الوطن والمواطن وكونها هي الاقدر على ادارة شؤونها واستثمار المال العام في مشاريع تهم الوطن والمواطن وتعود بالنفع للجميع هي اولى ببقاء هذه التكاليف من اموال تحت يدها كون الغاية منها مستحال الوصول اليها وهو اعادة الحال حتى يقضي الله امرا كان مفعولا بامكانية عودة قاطني تلك المخيمات الى فلسطين توأم روح الاردن و/او خروجهم منها بحلول جذرية من الدولة الاردنية".

وقال القرار ان "تصرف حكومة المملكة الاردنية الهاشمية على الرعية منوط بالمصلحة العامة إعمالا لنص المادة 233 من القانون المدني وانه اذا تعارض المانع من اعادة الحال مع مقتضى اعادة الحال يقدم المانع تطبيقا لنص المادة 227 من ذات القانون المدني ولكونها الجأتها الضرورة الى انشاء هذا المخيم القائم على جزء من ارض المدعي تماشيا مع رسالة المملكة التي هي امتداد للثورة العربية الكبرى التي تغيث الملهوف وتحمي الضعيف المظلوم واباحت المحظورات ملكيات الافراد واعمالا لما ورد في المادة 222 من القانون المدني ولكون الضرر العام بدفع الخاص والاشد بالاخف ودرء المضار اولى عن اردننا من كسب المنافع لاشخاص طبيعيين".

لذا فان المحكمة تجد ان "الدعوى في جانب طلب اعادة الحال لقطع الاراضي التي تم عليها مخيم سوف ومن ضمنها ارض المدعي وحصصه فيها او الحكم بتكاليفها مستوجب للرد".

واقرت المحكمة بذات الوقت باستحقاقه باجر مثل حصصه من اراضيه منذ تاريخ 9/7/2012 وحتى تاريخ اقامة هذه الدعوى في 10/9/2013 اي انه يستحق اجر المثل عن سنة وشهرين ويوم، ويستوجب الرد عن باقي المدة الزمنية.

وعلى الصعيد ذاته، أكد مصدر قضائي اكد انه بحدود 15 قضية بذات الموضوع معروضة امام القضاء بالطلب باعادة الحال لاراضيهم الى ما كان عليه وهذا القرار هو اول قرار يصدر بذات الموضوع.

وبين المصدر ان القرار قابل للطعن امام محكمة استئناف اربد.