الأردن - بعد ادمانه على المخدرات حرق ابنتيه والأم تكتب عبارة على شاهدي قبر الفتاتين

حسبي الله ونعم الوكيل'.. عبارة اختارت ام الطفلتين كتابتها على شاهدي قبري ابنتيها، اللتين قضيتا حرقا، بعد ان 'بقيتا لسنوات عرضة للعنف والإهمال' على يد والدهما.

وفاة الطفلتين وقعت بحادثين متباعدين زمنيا، واتهم والدهما بالتسبب بهما، الا ان الوالدة المكلومة، ما تزال تقرع الجرس، معتبرة انها عجزت عن انقاذ حياة ابنتيها، نظرا لان قانون الاحوال الشخصية يحرم الام من حضانة أطفالها في حال زواجها، فيما ينبه مختصون ان القصتين تعكسان 'فشل مؤسسات الدولة في حماية طفلتين رغم وجود مؤشرات ودلائل على تعرضهما للعنف'.

طفله (11 عاما) كانت توفيت العام 2008، ورغم اتهام والدها بقتلها حرقا، فان 'عدم كفاية الادلة' برأت الاب، حيث تم الإفراج عنه بعد عامين من الجريمة، في كانون الأول 'ديسمبر' الماضي، ليتهم مرة اخرى بقتل ابنته الثانية الكبرى (14 عاما)، 'بعد ان سكب عليها مادة التنر وأشعل بها النار' بحسب بيان صادر عن الامن العام.

الام، التي كانت تزوجت بسن مبكرة، 16 عاما، وامضت مع طليقها نحو 10 سنوات، انجبت خلالهما البنتين المرحومتين وولدا ثالثا، تقول 'كان طليقي مدمنا ومتاجرا بالمخدرات، وتم توقيفه أكثر من مرة في السجن، بتهم تتعلق بالمخدرات والسلب، حيث بلغت عدد الاسبقيات المسجلة ضده 45 أسبقية'.

تستذكر السيدة، التي طلبت عدم نشر اسمها في حديثها عن 'المعاملة القاسية' لها من طليقها، 'كما كان يعامل الأطفال بذات الأسلوب، وطلقت منه مرتين، وبعد الثانية تزوجت من رجل آخر، فخسرت حينها الحضانة على اطفالي، حيث اعطيت لعمة الأطفال، والتي تعيش بذات البناية مع زوجي واخوته'.

ذهبت محاولاتها للحصول على حضانة ابنائها ادراج الرياح، لكنها بقيت على تواصل دائم معهم، كما تقول، 'كنت اعلم الكم الهائل من العنف الذي يتعرضون له، حاولت التواصل مع اعمامهم لحل المشكلة دون فائدة'.

وتضيف 'كان طليقي يخبئ المخدرات في المنزل، ذات يوم اتهم حنين بانها اضاعت كيسا كان يحوي على مخدرات، قرر معاقبتها يومها بالحرق، امضت حنين 14 يوما في المستشفى بحالة موت سريري إلى أن توفاها الله'، الا ان محكمة الجنايات برأته لعدم كفاية الادلة.

وتسهب الام المكلومة في الحديث عن ظروف حياة ابنتيها خلال فترة حضانة عمتيهما لهما، وتقول 'لم يتغير الوضع حتى بعد خروج الاب من السجن، عمل الاب لفترة في شركة امن وحماية كحارس لاحدى المدارس الخاصة، لكن تم الاستغناء عن خدماته لسوء أدائه (...)'.

وتوضح ان بيان، بعد وفاة شقيقتها وخروج والدها من السجن، 'كانت تذهب للمدرسة بملابس مهترئة، بدون مصروف او ساندويش، اتفقت معها أن تأتي لمنزلي كل صباح حتى تتناول الافطار وتأخذ مصروفها، بعد أن علم والدها بذلك منعها من زيارتي'.

تقول الام: 'المعلمات تعاطفن مع بيان، كن يحضرن لها ساندويشات بشكل يومي .. لم تكن بيان فتاة مثيرة للمشاكل، باستثناء مرتين تشاجرت فيهما مع زميلاتها، والسبب كان شعورها بالنقص مقابل زميلاتها اللواتي يلبسن ملابس جديدة ويحملن مصروفا يوميا'.

تؤكد معلمات، طلبن عدم الافصاح عن هويتهن ما تقوله الام. وقالت احدى المعلمات إن 'بيان كانت ضحية للاهمال والعنف، وحاولت المعلمات مساعدتها لكن العمة كانت تهدد في كل مرة انها لن تسمح بالتدخل في شان عائلي'، واكدت انه كان يتم استغلال بيان 'في أعمال كالتسول والعمل في تنظيف المنازل'، الى حين انقطاع بيان عن المدرسة مطلع العام الدراسي الحالي.

وفيما اتهم الاب ابنته، خلال التحقيق بوفاتها، بانها تركت المدرسة لان 'مديرة المدرسة اشتكت من سلوك الطفلة'، تنفي الام ذلك، وهو ما نفته المعلمات ايضا.

تقول الام 'ابنتي طفلة بريئة كانت تعيش في منزل مع والد يدمن المخدرات، هي اجبرت على ترك المدرسة من قبل والدها كانت تتمنى العودة الى المدرسة'.

وتزيد 'والدها كان دائم التعنيف لها، كل مطلب لها كان يواجهه بالضرب والشتم، حتى جاءت تلك اللحظة التي قرر بها انهاء حياة ابنتي'.

وتضيف 'حاولت أن احتضنها وأسكنها في منزلي مع زوجي واخواتها لكن والدها كان يرفض رفضا قاطعا، كان همه الوحيد أن لا تسكن في بيتي'.

تقول: 'القانون ظالم، ليس لاني لم احظ بحضانة ابنائي بعد الطلاق، انما كذلك لاني لم اتمكن من دفن بناتي (..)'.

في السياق، تقول المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الانسان 'ميزان' ايفا أبو حلاوة أن 'قضية الطفلتين حنين وبيان 'تعكس الاختلالات بالتشريعات المتعلقة بحقوق الطفل وحمايته، كما تعكس ايضا الضعف في التطبيق'.

وتبين 'للاسف ما تزال التشريعات تتعامل مع الحق في الحضانة والوصاية على أنه حق لاحد الابوين، وتتجاهل انه في الاصل حق للطفل، وان من يستحق الحضانة أو الوصاية هو الطرف الاقدر على تحقيق مصلحة الطفل'.

وتضيف ابو حلاوة 'لا يوجد أي مبرر لحرمان الام من حضانة اطفالها، ان كانت متزوجة، طالما تتحقق مصلحة الاطفال الفضلى بتواجدهم مع امهم'.

كما تسجل ابو حلاوة ما تعتبره 'عدم التطبيق الفاعل للقوانين، حيث تعكس قضية حنين وبيان فشلا في منظومة حماية الطفل من الاساءة'، وتشرح 'رغم دخول الاب أكثر من مرة السجن بسبب المخدرات لم تتم متابعة حالة الاطفال، من قبل الجهات المعنية، حتى بعد تبرئة الاب من تهمة قتل طفلته، كان الواجب ان تستمر الدراسات الاجتماعية للعائلة والاستمرار بمتابعة حالة الاطفال'.

وتلفت الى ان قانون الاحداث الجديد 'يتضمن بندا صريحا حول الاطفال المحتاجين للحماية والرعاية، والتي تشمل الاطفال الذين يرعاهم شخص غير مؤهل'.

تنص المادة 33 من قانون الاحداث على انه يعتبر محتاجاً للحماية أو الرعاية إذا كان الحدث تحت رعاية شخص غير مؤهل للعناية به، لاعتياده الإجرام أو إدمانه السكر أو المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو انحلاله الخلقي أو أدين بارتكاب جرم مخل بالآداب مع أي من أبنائه أو أي من العهود إليه برعايتهم.

كما تنص على حالات 'إذا تعرض لإيذاء مقصود من والديه أو أي منهما بشكل تجاوز ضروب التأديب التي يبيحها القانون والعرف العام'.

ترى ابو حلاوة أن اصدار قانون حقوق الطفل من شأنه أن يعالج كل الفجوات القانونية ، وانه مطلوب ايضا 'ضرورة مراجعة الاجراءات المتبعة في حالات الاطفال الاكثر ضعفا'.

'بيان' واحدة من 6 أطفال، قضوا العام 2015، على ايدي آبائهم، منهم 3 أطفال قضوا حرقا على يد والدهم، الذي تبين انه مدمن مخدرات، كان اضرم النار بمركبته الخاصة، وقتل نفسه وزوجته الحامل، واطفاله الثلاثة في مكب الغباوي. كما منهم طفل ذو 9 سنوات، كان تعرض للضرب على يد والده، حتى لفظ أنفاسه الاخيرة، اضافة الى الطفلة نورا ذات العامين ونصف، التي ازهقت روحها نتيجة للضرب المتكرر والتجويع على يد والدها وزوجته.