السعودية والحوثيون: تبادل أسرى وتهدئة حدودية
قلّل مصدر مطلع في الحكومة، من شأن المعلومات، التي تحدثت عن "وساطة أردنية" لاجراء لقاء ومباحثات مباشرة، بين مسؤولين سعوديين وممثلين عن حركة انصار الله(الحوثيون). وقال المصدر، ردا على استفسار لـ"الغد" أمس، إن المباحثات المتعلقة بالأزمة اليمنية "ستعقد في جنيف، وستكون "بوساطة أممية".
وكانت وسائل إعلام نقلت أمس، ما قالت انه رسالة مسربة قبل أيام، من المبعوث الدولي لليمن اسماعيل ولد الشيخ إلى الأمم المتحدة، كشفت عن وساطة الأخير لعقد "لقاء سري بين السعودية و"أنصار الله" في العاصمة الأردنية عمّان"، كما تحدثت تقارير اخرى عن وساطة أردنية.
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء السعودية أمس بيانا عن قيادة قوات التحالف العربي في اليمن، أعلن أن شخصيات قبلية واجتماعية يمنية سعت لايجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية، المتاخمة للمملكة العربية السعودية، لافساح المجال لادخال مواد طبية وإغاثية للقرى اليمنية القريبة من مناطق العمليات، وان قوات التحالف استجابت لذلك عبر منفذ "علب" الحدودي.
وأضاف البيان، أنه تم استعادة المعتقل السعودي العريف "جابر أسعد الكعبي" وتسليم 7 يمنيين تم القبض عليهم في مناطق العمليات بالقرب من الحدود السعودية الجنوبية.
وقالت الوكالة الرسمية السعودية إن قيادة التحالف اعربت عن ترحيبها باستمرار حالة التهدئة، في إطار تطبيقها لخطة "إعادة الأمل"، بما يسهم في الوصول إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وفق قرارات مجلس الأمن الدولي.
وأمس، أعلن التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، عن اتمام عملية تبادل أسرى بين السعودية والمتمردين، وأكد تجاوبه مع "تهدئة" حدودية، في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع هذا النزاع قبل نحو عام.
ويأتي التبادل الذي شمل جنديا سعوديا وسبعة يمنيين، غداة تأكيد مصادر لوكالة فرانس برس تواجد وفد حوثي في جنوب المملكة للبحث في تهدئة عند الحدود السعودية، حيث قتل العشرات خلال الاشهر الماضية جراء سقوط قذائف وصواريخ وهجمات مصدرها الاراضي اليمنية.
ورأى محللون ان هذه الخطوة مهمة، الا انها لا تعني ان الحل بات سهلا، مرجحين ان يكون دافعها تزايد الضغط جراء الكلفة البشرية والانسانية للنزاع، واستغلاله من قبل المتطرفين لتعزيز نفوذهم.
واوردت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) "أعلنت قيادة قوات التحالف أن شخصيات قبلية واجتماعية يمنية سعت لإيجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية المتاخمة للمملكة لإفساح المجال لإدخال مواد طبية وإغاثية للقرى اليمنية القريبة من مناطق العمليات، وقد استجابت قوات التحالف لذلك عبر منفذ علب الحدودي".
ويصل المعبر الحدود الجنوبية للسعودية بشمال اليمن حيث يسيطر الحوثيون على مناطق واسعة، بينها ابرز معاقلهم محافظة صعدة.
واضاف البيان "كما تم استعادة المعتقل السعودي العريف جابر أسعد الكعبي وتسليم سبعة أشخاص يمنيين تم القبض عليهم في مناطق العمليات بالقرب من الحدود السعودية الجنوبية".
ولم يحدد البيان ما اذا كان اليمنيون اسروا داخل اليمن، او في الجانب السعودي من الحدود، حيث أعلن الحوثيون مرارا في الاشهر الماضية انهم نفذوا هجمات ضد نقاط عسكرية ومواقع سعودية.
واعربت قيادة التحالف عن "ترحيبها باستمرار حالة التهدئة في اطار تطبيقها لخطة (اعادة الامل) بما يسهم في الوصول إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وفق قرار مجلس الأمن رقم 2216" الذي ينص على خروج الحوثيين من المدن وتسليم الاسلحة ومسار انتقال سياسي.
وبدأ التحالف في 26 آذار(مارس) 2015 توجيه ضربات جوية في اليمن دعما لقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، ضد الحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذين سيطروا على مناطق عدة في اليمن بدءا من صيف العام 2014، ابرزها العاصمة صنعاء.
ووسع التحالف في صيف 2015 عملياته في اليمن، لتشمل تقديم دعم ميداني بالجنود والمعدات والتدريب للقوات الحكومية اليمنية، ما مكنها من استعادة خمس محافظات جنوبية، مع تواصل المعارك في مناطق اخرى.
وقام الحوثيون خلال الاشهر الماضية، بقصف مناطق حدودية في جنوب السعودية، وتبادلوا اطلاق النار مع حرس الحدود. وادت هذه الهجمات الى مقتل أكثر من 90 شخصا في المملكة، معظمهم عسكريون، بحسب حصيلة مستندة الى بيانات رسمية سعودية.
وسبق للقوات الحكومية اليمنية والمتمردين ان تبادلوا في كانون الأول(ديسمبر) أكثر من 600 أسير بوساطة من الأمم المتحدة، الا انها المرة الأولى التي يجري فيها تبادل للأسرى بين السعودية والمتمردين.
وأتى الإعلان عن العملية غداة تأكيد مصادر قريبة من التفاوض رفضت كشف اسمها لفرانس برس، حصول مباحثات بين السعودية ووفد حوثي يزور جنوب المملكة.
وتتهم السعودية الحوثيين بتلقي الدعم من خصمها الاقليمي اللدود إيران. وأكدت مصادر عدة وجود وفد حوثي في جنوب السعودية، وان المحادثات "تتركز فقط على وقف لاطلاق النار على الحدود من دون أي التزام بشأن قصف المدن والمناطق التي تتواجد فيها الميليشيات الحوثية".
وبحسب المصادر، يضم الوفد الحوثي الناطق الرسمي باسم جماعة "انصار الله" محمد عبد السلام وعددا من العسكريين. وردا على سؤال حول المباحثات، اكتفى مسؤول حوثي بالقول "لا تعليق".
ورأى الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية آدم بارون ان الخطوة "هي من الاختراقات الأكثر أهمية" منذ بدء عمليات التحالف. واضاف ان من دوافع الخطوة "زيادة القلق لدى حلفاء اساسيين للسعودية من الازمة الانسانية المتعاظمة (...) وتوسع تنظيم القاعدة ومجموعات متطرفة اخرى في مناطق تم طرد الحوثيين منها".
وافادت الجماعات المتطرفة كالقاعدة وتنظيم داعش، من النزاع لتوسيع نفوذها لا سيما في جنوب اليمن، وبالاخص مدينة عدن حيث تبنى التنظيمان سلسلة من التفجيرات وعمليات الاغتيال في الاشهر الماضية.
وتحاول الأمم المتحدة من دون جدوى حتى الآن، استئناف المفاوضات بين اطراف النزاع الذي ادى، بحسب ارقامها، الى مقتل زهاء 6100 شخص نصفهم تقريبا من المدنيين، منذ آذار(مارس) 2015.
وعقدت جولة أولى بين وفدين يمثلان الحكومة والمتمردين برعاية المنظمة الدولية في سويسرا بين 15 كانون الأول(ديسمبر) الماضي و20 منه، لم تحقق نتيجة تذكر. وكان من المقرر استئناف المفاوضات في 14 كانون الثاني(يناير) الماضي، الا انها ارجئت إلى اجل غير مسمى. وقال مبعوث الأمين العام للامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد في شباط (فبراير) ان "انقسامات عميقة" تحول دون استئناف التفاوض.
واعتبر الباحث الزائر في مركز كارنيغي الشرق الاوسط فارع المسلمي ان السعودية "تبحث بشكل واضح عن مخرج" من النزاع اليمني. الا انه شكك في قرب التوصل الى حل، على رغم اعتباره التواصل مع الحوثيين والتهدئة الحدودية "بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح"