دي ميستورا يرى "تقدما واضحا" في الهدنة السورية

 قال ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية امس الخميس إن وقف العمليات القتالية صامد بشكل عام لكنه ما زال هشا بعد ستة أيام على بدء سريانه وإن محافظات حمص وحماة واللاذقية ودمشق شهدت وقائع تم احتواؤها.
وقال دي ميستورا إن مكتبه يعمل بشكل وثيق مع روسيا والولايات المتحدة للتحقيق في أي قتال "والتدخل سريعا لضمان أن الأطراف على الأرض ستهدئ الموقف".
وأضاف دي ميستورا للصحفيين في جنيف "للأسف يجب أن نعترف -مثل أي وقف للاقتتال أو وقف إطلاق نار لاسيما في ذلك - مازال هناك عدد من الأماكن التي استمر فيها القتال بما يشمل أجزاء من حماه وحمص واللاذقية ودمشق ولذلك الوضع هش والنجاح غير مضمون لكن التقدم ملحوظ".
وأضاف أن وقف القتال وتسريع وتيرة إيصال المساعدات في سورية خاصة لما يقرب من نصف مليون شخص محاصرين أمور أساسية لتمهيد السبيل لعقد محادثات سلام.
ويعتزم دي ميستورا الذي علق أول جولة من المفاوضات الشهر الماضي بدء جولة محادثات سلام يوم التاسع من الشهر الحالي. لكنه قال إن شكل المحادثات غير المباشرة مرن وبعض الأطراف قد تتأخر بضعة أيام.
وقال "المهم الوصول للمرحلة التي يتم فيها مناقشة الجانب السياسي لأن هذا ما سيجعل من محاولات إنهاء الأزمة جهودا مستقرة في سورية".
وقال يان إيجلاند الذي يرأس مجموعة عمل للشؤون الإنسانية مؤلفة من القوى الكبرى والإقليمية التي تحاول تحسين إمكانية الوصول للمناطق المحاصرة إن هناك تقدما في توصيل نحو 236 شاحنة المساعدات لنحو 115 ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وأضاف "نعتقد أن وقف الأعمال القتالية سيؤدي لقفزة كبيرة للأمام للوصول للمزيد من الناس وهم مئات الآلاف من الأشخاص في المناطق التي يصعب الوصول إليها وباقي المناطق المحاصرة".
و تشهد محافظة درعا الجنوبية، نشاطا تفاوضيا ساعده وقف الأعمال القتالية، وذلك في إطار الإعداد لمصالحة تحيّد العديد من القرى عن العمليات العسكرية وإعادة الحياة والخدمات إليها. ونجحت المرحلة الأولى في المفاوضات بتسليم نحو 1000 مطلوب أنفسهم للدولة السورية، بينهم عشرات المقاتلين من فصائل مسلحة.
وقالت مصادر متطابقة انّ "الذين سلّموا أنفسهم هم من قرى أبطع ونوى والشيخ مسكين وانخل وكفرشمس"، مشيرةً إلى أن العشرات منهم كانوا يقاتلون إلى "جانب جبهة ثوار سورية ولواء حوران وفصائل أخرى".
وتحدثت المصادر عن مشروع تسوية يشمل عدة قرى في منطقة حوران، تبدأ مراحله عند انتهاء فترة من يقوم بتسليم نفسه مع سلاحه، مشيرةً إلى أنّ نجاح المفاوضات وبدء عملية التسوية يتوقفان بشكل أساسي على نجاح الهدنة المعلنة ومنع استغلالها من قبل تنظيم "جبهة النصرة" الذي يحاول عرقلة أي عملية مصالحة. وفي السياق، أفاد مصدر عسكري بأنّه في بادئ الأمر "قبل ساعات من موعد استقبال من يريد الدخول في المصالحة، منعت جبهة النصرة في بلدة أبطع من قرر تسليم نفسه للجيش السوري من الخروج من البلدة".
وأضاف "خلال الاتصالات بين المحتجزين والقائمين على ملف المفاوضات، تمكّن الجيش من فتح منفذ، استطاع من خلاله هؤلاء الخروج باتجاه الشيخ مسكين". وأشار إلى أن ملف المفاوضات في أبطع لم يُحسم بعد نتيجة قيام مسلحي "النصرة" بعرقلة العملية التفاوضية التي تتضمن انسحابهم من البلدة ودخول الجيش إليها وتحييد المدنيين. وتحدث المصدر عن وجود نية من قبل القيادة العسكرية للجيش لتقديم كافة التسهيلات للوجهاء الذين يبذلون جهودهم في إنجاح المفاوضات وإتمام المصالحات التي تجنّب القرى العمليات العسكرية.
وأكد المصدر أنّ هناك قبولاً من قبل عشرات المقاتلين للدخول في تسوية، إلا أن هيمنة "النصرة" على مناطقهم تخيفهم من المبادرة حرصاً على حياة عائلاتهم. وبالعودة إلى ملف المصالحة في بلدتي أبطع وداعل، قال المصدر إنّ الوجهاء طلبوا فرصة لإقناع مسلحي "النصرة" بالخروج، وذلك بمساندة المسلحين من أبناء البلدتين الذين أيقنوا أنهم لم يعد بإمكانهم الحفاظ على مواقعهم في حال قرر الجيش البدء بعملية عسكرية نحوهما. وأكد المصدر أنّه في الأيام القادمة "سنشهد نتاج عمل المفاوضات الذي سيشكل انعطافاً في الساحة الميدانية لمصلحة الجيش السوري الذي يعمل على حقن دماء الأبرياء وتحييد المناطق عن العمليات العسكرية، وصولاً إلى الحدود الأردنية".
وفي سياق آخر، لم يشهد ريف اللاذقية الشمالي الشرقي هدوءاً حقيقياً منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ. وقال مصدر ميداني إنّ ""الواقع يشير إلى أنّ ريف اللاذقية لم يعد مشمولاً بالهدنة، بعد رفضها من قبل العديد من الفصائل المسلحة ودخول جبهة النصرة بشكل كبير على خط المعارك". وتحدث المصدر عن تقدم للجيش نحو المواقع التي يستخدمها المسلحون في قصف مواقعه، حيث سيطر على تل حدادة شمال كنسبا، والذي يشرف على قريتي المزعلي والسحاقين اللتين سقطتا نارياً، ومن ثم دخلهما الجيش السوري. إلا أن عملية التثبيت لم تتمّ بعد، نتيجة استمرار المعارك ومحاولات المسلحين المستميتة لاستعادة النقاط التي خسروها.
وفي السياق، بدأ الجيش عملية عسكرية واسعة باتجاه تلال كباني الاستراتيجية المشرفة على سهل الغاب، شمالي غربي حماة. وقال مصدر ميداني إنّ المسلحين يبدون مقاومة عنيفة لمنع تقدم الجيش نحو مواقعهم، مشيراً إلى أن مدفعية الجيش كثفت ضرباتها على مواقع "الحزب الاسلامي التركستاني" و"جبهة النصرة" المحصّنة في تلال كباني.
وفي القنيطرة، قتل وجرح العشرات من قيادات ومقاتلي "جبهة ثوار سوريا"، في انفجار سيارة مفخخة استهدف مقراً رئيسياً لهم في منطقة العشة جنوبي القنيطرة. وذكرت "تنسيقيات" معارضة أن التفجير استهدف مقراً إداريّاً للجبهة، ما أدى إلى مقتل "القائد العام" أبو حمزة النعيمي، إضافة إلى مقتل عدد من قادة الصف الأول. وذكرت "تنسيقيات" وقوع تفجير آخر بسيارة مفخخة استهدف مستودعاً للذخيرة بالقرب من المبنى نفسه، مشيرة إلى أن عدد القتلى تخطّى ثلاثين شخصاً.
ومع إعلان الهدنة في سورية بعد خمس سنوات دامية تتناقل بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أنباء تتحدث عن استغلال السوريين الهدنة في بعض المدن وتسيير مظاهرات تطالب بـ"إسقاط النظام".
وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء ذكرت أن "اليومين الماضيين شهدا في سورية عودة التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، بما يعيد إلى الأذهان بدايات الأزمة السورية قبل خمس سنوات".
وأشارت إلى أن مدينة داريا في ريف دمشق شهدت العودة لما وصفته "آكي" بـ"التظاهر السلمي" للمطالبة بإسقاط النظام، مشيرة إلى انبعاث مظاهر الحياة إلى المدينة فيما نقلت عن المواطنين "قلقهم حيال أن يخرق النظام الهدنة الهشة" المعلنة هناك مؤخرا.
وأفاد التقرير الذي نشرته الوكالة، بأن المظاهرات والاعتصامات قد عادت إلى مدينة دوما غرب دمشق، للمطالبة برحيل النظام، فيما "رفع المتظاهرون لافتات تطالب بمحاكمة رموز النظام".
وأكدت "آكي" في تقريرها أن المظاهرات تتسم بالسلمية، وتشبه الاعتصامات والتجمعات التي كانت تحتشد بدايات الأزمة في سورية.
وقالت "آكي" إن المظاهرات امتدت إلى مناطق متعددة من محافظة حلب شمال البلاد إضافة إلى "تحركات شعبية" في درعا ومناطق متفرقة في محافظة إدلب.
ويرى مراقبون في هذه الأنباء أنها، إذا صحت، قد تكون خطوة "لعودة الحراك الشعبي"، وأن المعارضة السورية سوف تسخر الهدنة ووقف إطلاق النار بهدف المناداة بمطالبها من جديد، فيما يرى آخرون أن التظاهرات ربما تكون خطوة من المعارضة للضغط على الحكومة السورية عشية التحركات الدولية قبل استئناف مشاورات السوريين في الـ9 الشهر الجاري في جنيف في إطار تسوية أزمة بلادهم.