جنيف السوري3 لن يشهد جدلا عقيما وقوة دفع دولية لهدنة دائمة
لا يعرف ما اذا كان قرار الموفد الاممي الى سورية ستيفان دي مستورا متسرعا في تحديد يوم التاسع من الشهر موعدا لاجراء جولة جديدة من مفاوضات جنيف لحل الازمة السورية، على الرغم من ان دي مستورا طلب قبيل اعلانه الموعد، من موسكو وواشنطن، العمل على إنجاح اتفاق وقف الاقتتال.
بيد انه لم يكن مفاجئا تصريح دي ميستورا حول تأجيل الجولة الثانية من مفاوضات "جنيف-3"، في ظل الهدنة العسكرية، التي ما زالت مهددة بالانهيار في أي لحظة.
ويرى المراقبون ان دي ميستورا لن يخاطر بعقد جولة مفاوضات جديدة من دون تثبيت الواقع الميداني على الأرض، وضمان ألا يكون نقطة تفجير للمفاوضات السياسية، والعودة إلى المربع الأول.
ويلفت المراقبون الى ان ايصال المساعدات الى المناطق المحاصرة، توازي في اهميتها وقف الاقتتال، اذ تصر "المعارضة" بناء على المادتين 12 و 13 من القرار الدولي 2254، على قيام الحكومة السورية بإجراءات بناء الثقة تشمل إطلاق سراح معتقلين ولا سيما النساء والأطفال والشيوخ، وفك الحصار عن المدن المحاصرة.
وفي هذا الاطار، أكد المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا أنه لا يمكن بدء مناقشات جادة قبل إطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار المفروض على عدد من المناطق. المراقبون قراوا في تصريح آغا، ما يؤكد أن "المعارضة غير مستعجلة للعودة إلى جنيف ما لم تجهز الأرضية لذلك، على عكس دي ميستورا، الذي يبدو مستعجلا لإطلاق المفاوضات، والاستفادة من الزخم السياسي الروسي-الأميركي".
واذ تقوم خطة دي ميستورا على تحييد النقاش العسكري في جنيف، بمعنى أن وقف الأعمال العدائية سيستمر، يرى المراقبون ان ذلك يعني أن "الستاتيكو" العسكري بين الجيش السوري وخصومه سيتحول إلى واقع قائم، لا يمكن تغييره إلا بعد حدوث اختراق سياسي من شأنه إعادة ترتيب الواقع الميداني.
هذه المقاربة، يؤكد المراقبون انه تم التوافق عليها روسيًا وأميركيا، أي أنه "ليس المطلوب دوليا انتصار كاسح لدمشق ولا انتصار كاسح للمعارضة، وهذا ما قالته موسكو صراحة للقيادة السورية، من أن هدف عمليتها العسكرية ليس من أجل تحقيق انتصار كاسح لدمشق، بل لتدعيم موقفها العسكري من أجل تدعيم موقفها السياسي".
وتبعا لذلك، يرجح المراقبون ان "الجولة الثانية من مفاوضات "جنيف-3" لن تشهد ذلك الجدل البيزنطي، الذي استمر طوال العامين الماضيين: أيهما له الأولية؛ المستوى العسكري أم المستوى السياسي؟ واضاف المراقبون، ان عملية الفصل هذه بين المستويين تتيح للطرفين وللدول الراعية البدء بمناقشة القضايا الجوهرية في كل مستوى على حدة؛ وفي حين أن القضايا العسكرية ستكون تحت إشراف روسي-أميركي مباشر، فإن القضايا السياسية ستكون تحت إشراف الأمم المتحدة بدعم روسي-أميركي. ولهذا السبب، يعتقد المراقبون ان المبعوث الأممي يصر على إنهاء أي مشكلة تواجه الهدنة العسكرية وتهددها، قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ويؤكد المراقبون ان هذه الطريقة تسحب البساط من تحت أقدام الحكومة السورية والمعارضة، بحيث أن الفشل السياسي لا يمكن تعويضه في ساحة القتال، التي أُقفلت، بل إن حل القضايا العالقة يتم عبر الحوار والتفاهمات الدولية-الإقليمية.
أمّا تكلفة خرق هذا التفاهم الروسي-الأميركي، الذي ترجم بقرار دولي (2268)، من الأطراف السورية ستجعله خارج اتفاق الهدنة وسيتلقى ضربات عسكرية، حسب المراقبينن الذين استعادوا ما عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في معرض رده على الإجراءات الخاصة بكشف الحوادث وانتهاكات اتفاق وقف الأعمال القتالية، ".. إنها واردة في اتفاقات مجموعة "دعم سورية"، وكذلك في الاتفاقات، التي وافق عليها الرئيسان الروسي والأميركي، والتي أصبحت فيما بعد جزءا من نص قرار مجلس الأمن الدولي.. الوثائق المذكورة تحدد هذه الإجراءات بالتفصيل، وأنه في حال ارتكاب طرف انتهاكات منتظمة يتم إقصاؤه من نظام الهدنة".
وامس الاربعاء، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الهدنة في سورية يجب تكون مفتوحة زمنيا، نافية ما أعلنته بعض الأطراف حول تحديد مدة الهدنة بأسبوعين.
وقالت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الوزارة : "ان الحديث يدور ليس عن هدنة مدتها أسبوعان، بل عن ضرورة إضفاء طابع مفتوح زمنيا على وقف إطلاق النار". زاخاروفا لم تغفل ما يوصف بالخطة "ب" الاميركية، معبرة عن أملها في أن تبقى هذه التصريحات الأميركية "كلاما فقط".
وقالت زخاروفا، إن وقف العمليات القتالية في سورية انتُهك 31 مرة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، بينما اعلن المتحدث باسم البيت الأبيض، ان الأيام الماضية شهدت تراجعا في الضربات الجوية "ضد المعارضين والمدنيين" في سورية.
كما جددت الناطقة الروسية، موقف روسيا المبدئي حول حق السوريين في أن يحددوا بأنفسهم النظام الداخلي المستقبلي لدولتهم.
وجاء هذا التأكيد ردا على سؤال صحفي حول تصريحات سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الذي قال مؤخرا إن موسكو سترحب بأي اتفاق تتوصل إليه أطراف الحوار السوري بشأن الشكل المستقبلي للدولة، ولا مانع لديها إن توصلوا إلى فكرة جمهورية فدرالية.
وأكدت زاخاروفا بهذا الشأن: "يعد الشكل المستقبلي للدولة السورية من مسائل جدول أعمال الحوار السوري-السوري، ويجب إجراء مناقشات واتخاذ قرار بالإجماع بهذا الشأن. ولا شك في أن السوريين أنفسهم يجب أن يتولوا هذه المهمة".
كما جددت زاخاروفا إصرار موسكو على ضرورة إشراك ممثلي أكراد سورية في المفاوضات، لكنها أكدت أن الأمم المتحدة وليس موسكو تتولى توجيه الدعوات إلى الأطراف للمشاركة في الحوار.
وشددت على أن الأحاديث عن إمكانية إعطاء جزء من الأراضي السورية لـ"داعش" في إطار عملية تسوية الأزمة السورية، تمثل إساءة إلى موقف روسيا وكافة الدول الأخرى التي تشارك في المفاوضات حول سورية.
وشددت على أن التنظيم الإرهابي لم يحصل حتى على شبر واحد من الأراضي السورية موضحة: "يعد تسليم حتى شبر واحد من الأراضي لـ"داعش" بصفة رسمية أو غير رسمية، مساهمة في إنشاء دولة خاصة بالتنظيم الإرهابي ستصبح قاعدة ومنتجعا للإرهابيين من كافة أنحاء العالم".
ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع امس، أن إجمالي عدد الاتفاقات التي وقعت خلال فترة الهدنة المؤقتة في سورية يبلغ 40 اتفاقا وإن محادثات لا تزال تجري مع فصائل أخرى. وقالت وكالة الإعلام الروسية نقلا عن الوزارة "بفضل وساطة روسيا يواصل المفاوضون التفاهم مع زعماء 11 فصيلا مسلحا آخر.