اجتماع دولي في جنيف لبحث خرق دمشق وموسكو للهدنة

اجتمعت مجموعة الدول التي تدعم عملية السلام في سورية في جنيف أمس الاثنين وسط شكاوى من تداعي اتفاق جديد لوقف العمليات القتالية سريعا بينما طلبت فرنسا معلومات عن تقارير أفادت باستمرار الهجمات على مواقع مقاتلي المعارضة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن اتفاق وقف العمليات القتالية صامد في المجمل لكن المجموعة المعنية بدعم عملية السلام التي تجتمع للمرة الأولى منذ بدء سريان الاتفاق في وقت مبكر يوم السبت الماضي تحاول أن تضمن ألا تنتشر اشتباكات جديدة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو للصحفيين بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف "تلقينا مؤشرات على أن هجمات بعضها جوية استمرت ضد مناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة."
وأضاف "كل هذا يحتاج إلى تحقق. لذلك طلبت فرنسا أن تجتمع قوة العمل المكلفة بالإشراف على وقف الأعمال القتالية دون تأخير."
وقال متحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض المدعومة من السعودية إن الحكومة السورية انتهكت الاتفاق 15 مرة في اليوم الأول وإنه حدثت انتهاكات أخرى من جانب روسيا وحزب الله اللبناني حليفي الرئيس السوري بشار الأسد.
ومن المفترض أن تراقب المجموعة الدولية لدعم سورية التي تقودها الولايات المتحدة وروسيا الالتزام بالاتفاق وتتصرف سريعا لوقف أي تجدد لإطلاق النار على أن تلجأ إلى استخدام القوة كملاذ أخير.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا إنه ستجري مناقشة الانتهاكات لكنه أحجم عن التعليق على تقارير عن هجمات بالغازات السامة.
ونقلت وكالة تاس للأنباء عن أليكسي بورودافكين سفير روسيا في جنيف قوله إن اجتماع قوة المهام كان مخططا له مسبقا وأضاف "جيشا روسيا والولايات المتحدة على اتصال مستمر وعقدا اجتماعات بالفعل مطلع الأسبوع."
وقال المتحدث باسم الهيئة سليم المسلط إنه لم يتضح بعد كيف من المفترض أن يعمل النظام.
وقال أسعد الزعبي رئيس وفد التفاوض التابع للهيئة العليا للتفاوض إن الهدنة التي بدأت السبت "انهارت قبل أن تبدأ."
وقال لتلفزيون العربية الحدث إن الوقف الهش للعمليات القتالية أصبح يواجه "إلغاء كاملا" بسبب هجمات القوات الحكومية.
وتابع الزعبي للعربية الحدث أن المعارضة لديها عدة بدائل لحماية الشعب السوري إذا لم يتمكن المجتمع الدولي من ذلك لكنه لم يسهب.
وقال دبلوماسي غربي إن دي ميستورا يقول إن عدد الضربات الجوية انخفض من 100 إلى نحو ما بين 6 و8 في اليوم وبالتالي كان لابد من أن تكون هناك رؤية للموقف.
وأضاف الدبلوماسي "نحتاج إلى الحصول على تفسير من الروس عن الضربات التي حدثت يوم الأحد(أول من أمس)."
وقال سفير غربي في جنيف إن "الحوادث" متوقعة دائما "لكن المجموعة الدولية لدعم سورية ستبحث الأمر اليوم(أمس). رؤيتها هي التي تهم."
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن وقف الأعمال القتالية متماسك إلى حد كبير مع تراجع أعداد القتلى والجرحى بشكل كبير مقارنة بالفترة التي سبقت دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
وقال الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي في الكويت "رأينا علامات مشجعة على ان وقف اطلاق النار صامد إلى حد كبير، لكن في الوقت نفسه راينا بعض التقارير عن انتهاكات".
وفي ابيدجان، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان "ان وقف اطلاق النار سار على ثلث الاراضي السورية وامل ان يتوسع ليشمل كافة الاراضي السورية"، مضيفا "للاسف تتواصل الهجمات كل يوم".
وتبدي كل من موسكو وواشنطن تفاؤلا حذرا ازاء استمرار الهدنة.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف ان "الاجراءات الاساسية قد اتخذت والعملية ما تزال جارية"، موضحا في الوقت ذاته "اننا نعلم مسبقا ان ذلك لن يكون سهلا".
وأبدى مسؤول أميركي تفاؤلا نسبيا باستمرار تطبيق وقف اطلاق النار. وقال في رسالة الكترونية لوكالة فرانس برس "سيكون اتفاقا صعب التطبيق ونحن نعلم ان العقبات كثيرة".
وتعرضت قرية حربنفسه التي تسيطر عليها فصائل معارضة في ريف حماة الجنوبي (وسط) لأكثر من ثلاثين غارة روسية لليوم الثاني على التوالي، وفق المرصد.
وتبادلت كل من روسيا والهيئة العليا للتفاوض الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية الاتهامات بخرق تطبيق الاتفاق.
لكن السكان ومراسلي فرانس برس تحدثوا عن اجواء هادئة اجمالا في المناطق الرئيسية المشمولة باتفاق الهدنة.
ونعم السكان في احياء حلب الشرقية بصباح هادئ اجمالا بعد ليلة خلت من دوي القصف والمعارك. واشار مراسل فرانس برس الى حركة اعتيادية وتنقل التلاميذ بحرية في الشوارع خلال توجههم الى المدارس بعدما اعتادوا السير بحذر وقرب الابنية خشية من القصف.
وتقول رنيم (10 اعوام) وهي تلميذة في مدرسة في حي بستان القصر "سمح لنا الاساتذة بالخروج واللهو في الملعب بخلاف الايام الماضية حين كانوا يمنعوننا من الخروج بسبب تحليق الطيران في الاجواء".
كما ساد الهدوء اطراف العاصمة، وضجت الشوارع بحركة المارة، وفق مراسلة فرانس برس في دمشق.
ويعتبر وقف الأعمال القتالية وهو الأول من نوعه منذ بدء الحرب في 2011 ترتيبا رسميا أقل من وقف إطلاق النار. ويهدف إلى استئناف محادثات السلام ووصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة.
وكانت محادثات السلام التي أجريت في جنيف في أوائل شباط(فبراير) قد انهارت قبل أن تبدأ بشكل جاد عندما رفضت المعارضة التفاوض تحت القصف.
ولم يتسن الوصول إلى مسؤولين سوريين للتعليق على مزاعم انتهاك قوات الحكومة لوقف الأعمال القتالية. وقالت الحكومة التي تتلقى قواتها الدعم من سلاح الجو الروسي إنها تلتزم بالاتفاق.
جماعات متطرفة
لا يشمل الاتفاق جماعات متطرفة مثل تنظيم "داعش" وجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سورية وأوضحت روسيا أنها تعتزم مواصلة قصف تلك الجماعات. لكن فصائل المعارضة المسلحة التي يعتبرها الغرب "معتدلة" تخشى أيضا استهدافها لأنها تنشط في مناطق تتواجد فيها جبهة النصرة أيضا.
وعلى الجانب الميداني قالت فصائل المعارضة المسلحة إن العنف أقل من مستويات ما قبل وقف الأعمال القتالية في بعض المناطق لكنه لم يتغير بشكل يذكر في مناطق أخرى.
وقال العقيد فارس البيوش قائد الفرقة الشمالية المنضوية تحت لواء الجيش السوري الحر إن الضربات الجوية كثيفة أمس لاسيما التي تقوم بها الطائرات الروسية.
وقال أبو البراء الحموي وهو مقاتل مع جماعة أجناد الشام في شمال غرب سورية إن الحكومة قصفت عددا من القرى. وأضاف أن هذا قصف معتاد وأن "النظام" بعد الهدنة لا يختلف عما قبلها.
وقال مقاتل من منطقة حلب إن المستوى العام للعنف تراجع لكن هناك الكثير من الانتهاكات والناس متشائمة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب عبر شبكة من المصادر على الأرض أن العدد اليومي للقتلى تراجع بشكل كبير منذ أن دخل اتفاق وقف الأعمال القتالية حيز التنفيذ.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد "أمس قتل نحو 20 شخصا من المقاتلين والمدنيين. قبل ذلك كان المتوسط نحو 180 شخصا يوميا. هذا تراجع كبير في الخسائر البشرية."
وفي الوقت نفسه استعادت قوات الحكومة السورية السيطرة على طريق إلى مدينة حلب في الشمال بعد أن أحرزت تقدما على حساب مقاتلي الدولة الإسلامية.