عوض: السياسات المصرفية المتحفظة ساعدت في مواجهة الأزمات

رغم استقالته وإعلانه عن حاجته لقسط من الراحة إلا أن المصرفي ووزير المالية الأسبق، مروان عوض، ما يزال يمارس مهامه كنائب لرئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب واتحاد المصارف العربية في بيروت وعضوا في أكاديمية العلوم المالية والمصرفية في القاهرة.
ويمتلك عوض سجلا مهنيا وخبرة مالية ومصرفية حافلة، ابتداء من البنك المركزي الأردني والبنوك بأنواعها المختلفة التجارية والاستثمارية والتنموية والإسلامية، وكذلك في وزارة المالية وزيرا ووزارة الصناعة والتجارة، ما اكسبه تنوعا بالخبرة وتشعبا في الأعمال، الأمر الذي جعله مرشحا لعدد من المناصب.
وفي هذا الصدد يقول عوض: "آثرت اعطاء نفسي إجازة سنوية تزيد عن 15 يوما عمل طيلة العشرين عاما الماضية التي كنت أعمل بها بكد وجهد، وكثيرا ما يتم الحديث عن بعض المناصب لكن لا يأخذ الإنسان إلا ما هو مكتوب له وعليه أن يمتثل لذلك".
وإذا جاز لإنسان أن يقوم بتجربة العمل المصرفي فلن "نجد أقدر منه على ذلك، اولا بسبب طول مدة الخبرة وثانيا بسبب تشعبها وتنوعها لتشمل جميع أنواع المصارف".
وعند سؤاله عن هذه التجربة، قال إنها تجربة ميسرة في مجملها وإن كانت تبعاتها وضغوطها النفسية قاسية احيانا بسبب تقلبات الأسواق وظروف العمل ومستجداته، لكنني استطيع القول أن هذا العمل اختلف في السنوات الأخيرة بشكل جذري بسبب تعقيدات الأزمات المالية العالمية وتبعاتها المحلية وما رافقها من أمور ارتبطت بعمليات المخاطر، والحاكمية، والامتثال، وغسيل الأموال وتمويل الارهاب، وغيرها من الأمور التي اخذت تستهلك من جهد القيادات المصرفية وعوائد مؤسساتها. حتى أن ذيول بعض هذه الأمور اصبحت تقلق بعضها، وهي: "أمور ما كنت تشغل بالهم في السابق بهذا القدر".
وعن تقييمه للقيادات المصرفية التي عمل معها، قال بأن طول المدة من جهته وعدد المؤسسات التي عملت فيها من جهة اخرى ورئاستي لجمعية البنوك تجعلني أقول ان القيادات المصرفية الأردنية هي قيادات جادة وواعية لدورها، وملتزمة بمتطلبات وتعليمات البنك المركزي وجميع المؤسسات الرقابية ذات الصلة، وإن عدداً كبيراً منها اصبح متمرساً ومحنكاً بقواعد الإدارة من جهة وبالخبرة المصرفية الشاملة وهذا أساس النجاح والأمان، فقوة القيادات تتراكم لتضيف قوة للمؤسسات التي تقودها، في حين أن ضعفها أو عدم تمرسها سيجعلها بالتأكيد تأخذ من رصيد المؤسسات التي تديرها.
اما كيف يرى الجهاز المصرفي في وضعه الحالي، فيقول عوض إن لدينا في الأردن والحمد لله جهازاً مصرفياً مستقراً وفاعلاً قادراً على حشد المدخرات وتوجيهها التوجيه السليم، فهو جهاز يتمتع بمصداقية عالية على كافة المستويات، وربحية جيدة ومخصصات كافية وفق أفضل المعايير والمتطلبات، ويخضع لرقابة حثيثة ومستمرة من قبل البنك المركزي الأردني الذي يراعي في ذلك المعايير الدولية المطبقة لدى أفضل الدول.
وأضاف عوض "إن سياسات الجهاز المصرفي المتحفظة ساعدته في مواجهة الأزمات التي عصفت بالعالم والمنطقة وحدت من الآثار السلبية التي نتجت عنها وخرج منها سليماً معافى والفضل في ذلك يعود للقيادات المصرفية الواعية المدركة لأهمية دورها في خدمة الاقتصاد الوطني".
أما تقييمه لانجازات أي مدير خلال مسيرته المهنية، فيقول إنه يتم تقييمه عادة من خلال الأعمال الاستثنائية والملحوظة التي قام بها في مواقع الإدارة المختلفة التي عمل فيها بحيث تترك اثاراً ايجابية متوسطة أو طويلة الاجل كعمليات التوسع او عمليات التحول المؤسسي والدمج أو الاندماج أو تطوير الأنظمة التكنولوجية أو تحديثها أو استبدالها، أو التخلص من بعض الأعباء أو الموجودات والاستثمارات التي تشكل عبئاً على المؤسسة التي يديرها، وان تكون نجاحاته قد تحققت بوصوله للأهداف والنتائج المحددة له مسبقاً وبشكل يوفر له سجلاً متراكماً من النجاحات ولا تكتمل هذه النجاحات إلا بالوصول الى درجة الفوز لأن تحقيق النجاحات على حساب الالتزام بالانظمة والقوانين والممارسات، أو على حساب عرق العاملين وحقوقهم ومكاسبهم أو على حساب المجتمع من خلال الآثار السلبية التي يتركها هذا النجاح على حساب البيئة أو البنى التحتية أو المسؤولية المجتمعية أو حقوق العملاء والمستهلكين للسلطة أو للخدمة، كلها تجعل النجاح قاصراً ولا يصل الى درجة الفوز.
أما عن النهج والنمط الإداري الذي يؤمن به، فيقول إن" أهم ما استطيع الاشارة اليه في هذا الصدد هو الايمان بأن الموارد البشرية هي الأهم في دعم الاستراتيجيات والخطط والبرامج العامة التي تعتمدها الإدارة في كل الأحوال، وان الذكاء بشقيه العاطفي والمصرفي هو من المستلزمات المهمة لنجاح أي نهج إداري وان البعد الانساني يجب أن يكون حاضراً بأدق تفاصيله في أعمال الإدارة، لذلك يعتبر المحافظة على معنويات العاملين وحسهم بالاستقرار الوظيفي هو من اساسيات النجاح".
أما من حيث متطلبات القيادة فهي كثيرة وان كان اهمها في نظري القدرة على أخذ القرارات المهمة التي تعزز بالخبرة والممارسة والتي ترتبط عادة بكامل العملية الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه وتنفيذ ورقابة. وبحيث يكون الهدف لأي نهج إداري هو تحقيق الفوز وليس النجاح لأن أي نجاح يتحقق على حساب معايير النزاهة والقيم والمبادئ بمفهومها الواسع لا يحقق الفوز المطلوب.