المطالبة بالتشدد في زواج القاصرات في الاردن

بينت دراسة، حول زواج القاصرات في الأردن، إن تعليمات دائرة قاضي القضاة الصادرة في عام 2010 من أجل الموافقة على زواج من هم دون 18 عاما، «جاءت عامة، وتسمح للمواطنين باستغلال الاستثناءات الموجودة في قانون الأحوال الشخصية المؤقت».
وطالبت الدراسة التي أعدها مركز تمكين للدعم والمساندة وvital voice بالتشدد في إجراءات منح الإذن، بحيث يصدر عن هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، وليس عن قاض فرد، ويصادق قاضي القضاة على القرار.
وأوصت بالنص على إجراءات تضمن التحقق من ركن الرضا ومن مصلحة الصغير أو الصغيرة في هذا الزواج، وكذلك رضا وموافقة والديها.
كما طالبت بضمان إدراج شروط خاصة في عقد الزواج تكفل حقوق الصغير أو الصغيرة، وخاصة في مجال التعليم والاحتفاظ للزوجة بحق العصمة «حق تطليق نفسها بنفسها».
ورفع قانون الاحوال الشخصية سن الزواج للذكر والأنثى إلى ثماني عشرة سنة شمسية، حسب نص المادة 10 من القانون، مع الإبقاء على إمكانية الاستثناء بما يسمح للقاضي بتزويج من أتم الخامسة عشرة من عمره، إذا كان في هذا الزواج مصلحة له، وتحدد المصلحة ضمن أسس تصدر بمقتضى تعليمات عن دائرة قاضي القضاة.
وطبقًا لتعليمات دائرة قاضي القضاة التي نشرت في الجريدة الرسمية في العام 2010، من أجل الموافقة على زواج من هم دون الثامنة عشرة، على القاضي أن: يتحقق من الرضا والموافقة التامين (للزوجين).




كما نصت التعليمات على أن يتحقق من صحة «الضرورة» التي تقتضيه المصلحة من الزواج، سواء كانت «اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية» ما يؤدي إلى «تحقيق منفعة أو درء مفسدة».
ويجب أن تراعي المحكمة ما أمكن وفق مقتضى الحال وجود مصلحة ظاهرة في الإذن بالزواج مثل التأكد من أن فارق العمر بين الخاطبين مناسبًا، وألاّ يكون الزواج مكررًا، وألاّ يكون الزواج سببًا في الانقطاع عن التعليم المدرسي.
وترى الدراسة ان تلك الاستثناءات، وبالرغم من ان المشرع اعتبرها قاسية، الا انها «فضفاضة» ولا يتم التحقق منها بشكل تام، وذلك وفقا لحالات تم تزويجهم بناء على تلك الاستثناءات.
وبينت الدراسة أن التعليمات جاءت عامة جداً، وتسمح للمواطنين باستغلال الاستثناءات الموجودة في القانون، فمثلاً، أحد الاستثناءات ينص على التحقق من الرضا والموافقة التامين للزوجين، وهو شرط مهم وموجود لمن هم فوق سن الثامنة عشرة.
وطبقا للدراسة فإن هذا الاستثناء واستنادا للواقع الاجتماعي للمجتمع الأردني، فسنجد أنه من السهل الإقرار بالموافقة أمام القاضي، ومن دون الدخول في التفاصيل.
وأشارت أن بقية الشروط هي فضفاضة، الأمر الذي يسمح للأهل أو المجتمع بتأويلها وتفسيرها بطريقة تسمح لهما إتمام الزواج للفتيات القاصرات اللاتي هن أكبر من 15 عاماً وأقل من 18 عاماً، كما هو محدد بالقانون، ولا يوجد دليل مادي على حدوث ذلك في الممارسة، لكن كيف نفسر زواج 10834 قاصرة في الأردن العام 2014 ، الذي يشكل ما نسبته 13.4 % من إجمالي حالات الزواج في ذلك العام؟ وهي النسبة نفسها تقريباً التي كانت في الأعوام السابقة أيضاً.
ولفتت الدراسة إلى ان هذه التعليمات تظل فضفاضة وتخضع لاجتهاد منفذي القانون ، حيث فشلت التعديلات على قانون الأحوال الشخصية في حماية فتيات قاصرات من الزواج المبكر.
وترى الدراسة أن تلك الفجوة جعلت من «الاستثناء» قاعدة.
ولفتت الدراسة على أنه نتيجة لتلك التشريعات تقع آلاف الفتيات ضحايا ممارسة زواج الأطفال الذي ينتهك حقوقهن بانتزاعهن من طفولتهن، وإيقاف تعليمهن وتعريضهن لخطر العنف المنزلي.
كما يُلقي بهن وفق الدراسة، أمام أمومة مبكرة تتقاطع مع طفولتهن المنقوصة، إذ تفيد إحصائيات رسمية بأن 16% من الولادات في أكبر مستشفيات الأردن عام 2013 تعود لأمهات دون سن العشرين، وتتعرض قاصرات لعنف جنسي وجسدي في منازل أهل الزوج، وفق استطلاعات مستقلة، فيما تنتهي الحال ببعضهن إلى طلاق مبكر.
واعتبرت الدراسة أن زواج الفتيات ليس مجرد انتهاك للمواثيق الدولية فقط، وإنما للقانون الوطني كذلك ، حيث أن سن الثامنة عشرة هو الحد الأدنى للحصول على رخصة سواقة، والانضمام إلى حزب سياسي، والتصويت في الانتخابات البلدية والبرلمانية، كذلك التقدم بشكوى ضد طرف آخر، وفتح حساب بنكي، والمسؤولية عن الأموال الخاصة.
وتساءلت الدراسة، كيف لفتاة لم تبلغ سن الرشد، ولم تمتلك حق الاختيار، أن تكون قد تمكنت فعلا من اختيار شريك حياتها، بالتالي قادرة على تحقيق شراكة عادلة في مؤسسة الزواج وتربية أبناء، وتكوين أسرة متوازنة ؟ وكيف لفتاة تراوح بين المراهقة والطفولة أن تكون واعية لحقوقها والتزاماتها في أول لبنة اجتماعية لتكوين المجتمع؟.
ومن هذا المنطلق ينبغي وفق الدراسة، المطالبة بضرورة تعديل التشريعات التي تسمح لذوي الفتاة القاصر تزويجها بعمر 15 عاماً في حال موافقة ولي الأمر وموافقة قاضي القضاة، لأنها تعتبر في مجتمعنا الحالي في سن الطفولة المتأخرة.
وبينت أنه تترتب على زواج القاصرات نتائج سلبية على «الفتيات» المتزوجات، وعلى المجتمع أيضاً؛ فزواج القاصرات هو، أولاً، سلب لطفولتهن، وحرمانهن من حق الطفولة، والتعليم، والعمل، وتحقيق الذات والاختيار، إذ إنه من غير المقنع أن هؤلاء الفتيات يمتلكن الأهلية الذهنية والنفسية لاتخاذ قرار مصيري كالزواج، ومن المشكوك به أيضاً قدرتهن على تكوين أسرة في هذه السن المبكرة، وتربية وتعليم الأطفال الذين سينتجون عن هذا الزواج.
وفي السياق ذاته تقع الفتيات القاصرات اللائي يتزوجن بصورة مؤقتة، ضحايا للاستغلال الجنسي والعمل القسري ل أزواجهن.
وتناولت الدراسة زواج القاصرات بين اللاجئات السوريات في الأردن، إذ أوضحت أن الإحصاءات الصادرة عن دائرة قاضي القضاة سجل العام 2013 زواج 735 فتاة سورية قاصر، مقابل 42 زواجا فقط في بداية الأزمة عام 2011 و148 عام 2012.
وتوفّر المحاكم الشرعية الأرقام الأكثر دقة حول الزواج في الأردن الذي لا يعترف بالزواج المدني، بل يشترط على المسلمين أن يعقدوا قرانهم على يد شيخ في المحاكم الشرعية وفقًا للشريعة الإسلامية.
وأظهرت بيانات المحاكم الشرعية أن حصّة كبيرة من رخص الزواج التي أصدرت في السّنوات الثلاث الأخيرة تعود لقاصرات من الجنسية السورية.
إلا أن الجدل في المجتمع الدولي وفق الدراسة، يتركّز حول ما إذا كان زواج القاصرات يتفاقم في أوساط اللاجئات السّوريات أم أن الأزمة الرّاهنة سلّطت الضوء على هذا الواقع.
وتظهر الأرقام نفسها أنه في العام ٢٠١٣، ضاهى عدد القاصرات المتزوجات ربع عدد النساء السوريات اللواتي سجلن زواجهن (٢٥٨ زواجًا لقاصرة من أصل ١٠٩٠ زواجًا مسجلًا لنساء سوريات)، وقد شكلن ضعف النسبة التي سجلت في العام ٢٠١١ التي بلغت 12%.
وأشارت إلى أن الظروف الصعبة التي يعيش في ظلّها اللاجئون فاقمت خطر الزواج المبكر، ويعد الفقر الشديد والخوف المتزايد بين اللاجئين السوريين من خطر التعرض للعنف الجنسي من الأسباب الرئيسية لشعور الآباء والأمهات بأن لا خيار أمامهم سوى تزويج بناتهم بهدف حمايتهن.
ويبلغ عدد الفتيات السوريات المسجلات في سجلات مفوضية اللاجئين واللواتي يعتبرن في دائرة الخطر، نحو ما نسبته 26.3% من عدد اللاجئين.