المناديل .. زينة وطرب وراحة نفسية

أيام زمان كان المنديل عنوان الرُّقي والأناقة ورمز النظافة والجاذبية فهي أنواع،منها الخاص الذي تضعه بعض النساء على رؤوسهن،ومنها المنديل الصغير الذي يحمله كل الناس في جيبه لمسح الايدي والوجه مثلاً – وإن استبدل به منذ نصف قرن تقريباً بالمناديل الورقية - !!وهناك من يضع المنديل الصغير بشكل مثلث كزينة في الجيب العلوي لجاكيت البدلة الرجالية .
لكن أشهر المناديل كان منديل سيدة الغناء العربي أم كلثوم،الذي أعطاها إياها والدها لتمسكه بيدها لكي تطمئن نفسياً وهي تغني!! وبعدها أصبحت عادة لها، وكذلك المطربة السودانية عائشة العلاتية ولها تسجيلات في أواخر الستينات حيث كانت تغني وهي ممسكة بالمنديل عند الغناء،والمطرب فهد بلان،إضافة للفنان إبراهيم الكاشف الذي كان دائماً ما يحمل منديلاً ويلوح به وهو يغني  .

منديل أم كلثوم 
هذا وقد أعتُبر منديل كوكب الشرق أم كلثوم من العلامات المميزة لها، وقد ظن العديد أن هذا المنديل عبارة عن إكسسوار أو طريقة لتميز نفسها عن باقي المطربات !!.
ولكن ‹أم كلثوم› أرجعت سر مسكها للمنديل في يدها أثناء وقوفها على المسرح إلى خوفها من الجمهور، فالمنديل أصبح وسيلة لامتصاص التوتر منها.
وقد صرحت في أحد اللقاءات الإذاعية بقولها : «منذ أصبح لديّ جمهور كبير، أصبحت أخاف بشدة، وبعد رفع الستارة تعرق يدي، فأمسك بالمنديل بشدة، حتى أنسى توتري، وخصوصا لأن جمهوري الآن جمهور فاهم للموسيقى جيدا، ومتذوق جيد للفن» .وقد لازمها المنديل القماشي وبعدة ألوان وأحجام في مسيرتها الغنائية على المسرح.وقد بيع منديل لكوكب الشرق ام كلثوم بخمسة ملايين دولار لرجل اعمال سعودي خلال مزاد علني اقيم في القاهرة. 

منديل الحلو يا منديلو
ونتذكر هنا أغنية جميلة للمطرب المصري القديم عبدالعزيزمحمود
منديل الحلو
يا منديلو
علي دقة قلبي
بغنيلو
آه ياسيد المناديل
محلاك ياجميل
علي خصرنحيل
يخطر ويميل
ولاغصن البان
يا سلام سلم
وبقالو زمان
واللهم اسلم .
على أم المناديلي
-وهذه أغنية أخرى قديمة للمطربة نور الهدى 
على أم المناديلي على أم المناديلي
عا الدبكة هاتي إيدك ... يا سمرة يا جميله
عالدبكة هاتي إيديك
الله من عندو يزيدك
بتريديني وبريدك... وبغني وبتغنيلي
يكيفني سهري ونوحي
وجروحي وهم جروحي
يا منية قلبي وروحي ... خلّيكي مقابيلي
وبكلمة حتقدرتداويني
جميل يا منديل
ما إنت جميل
والجابك لي ملاك
يا منديل ..

 إنه ارتباط وثيق بين مقاطع الأغنية الرائعة التي صدح بها سفير الأغنية السودانية «سيد خليفة» والمشهد الرومانسي الذي تجسد منذ زمن ليس بقريب، وتفاصيل ذلك المشهد تحكي عن فتاة رقيقة أبت قدماها أن تطاوعها على التحرك عندما حاولت جرجرتها معلنة وداع حبيبها الذي يستعد لمغادرة البلاد، وفي لحظات الفراق الأخيرة في صالة المغادرة بـ(مطار الخرطوم) أهداها تذكاراً عزيزاً كان عبارة عن اسورة (غويشة) من معدن النحاس.
وعندها أرادت أن ترد الهدية بأفضل منها لم يكن معها شيء تهديه لحبيبها، في الدقائق الأخيرة انتبهت لمنديلها الخاص، فقامت بإهدائه له فأخذه منها بحنو ووضعه في جيب بدلته الأنيقة وابتسم ثم لوح مودعاً ليلحق بالطائرة.
لعل هذه الحكاية وغيرها من الحكايات والقصص تؤكد أن للمناديل ارتباطاً وثيقاً بالعلاقات العاطفية مثلما له ارتباط  بجانب مكملات الأناقة والجمال.
وعن قصص المناديل وحكاويها تقول إحدى السيدات السودانيات ، وهي من سيدات الزمن الجميل:
 المناديل في السابق كانت تنسج بخيوط الحب والمودة والوفاء ويكاد لا يخلو بيت سوداني منها، وكان المنديل عنوان الرُّقي والأناقة ورمز النظافة والجاذبية عكس هذا الزمان، مبينة أن أشكالها كانت محددة منها (القلب والصليب أو أشكال هندسية أو خطوط رفيعة ورسومات وورود) وألوانها دائماً تميل إلى (البمبي والبنفسج الفاتح والبيج الغامض)، و كانت تُصنع من الأقمشة كالحرير والبوبلين وهو قماش قطني ، أن الخياطة والتطريز تكون في أطراف المنديل وبأنواع مختلفة منها (الكُرشيه والقرنفل والبردلي)، إضافة إلى الطباعة التي تكون في أشكال كالقلوب والزهور والتفاحة.

افرش منديلك عالرملة 
وهذه الأغنية للمطرب القديم ماهرالعطار يقول فيها :
افرش منديلك عالرملة
وانا لف وأجيلك عالرملة
وأقعد وأحكيـلك عالرملة
واسمع مواويــلك عالرملة
افرش منديلك وناديلي
وانا رهن اشارة يا نواره
بس انت لاغيني ورسيني
يا ابو قلب شابكني بسناره
منديل الحب طرف عيني .

وليد سليمان