لهذا السبب وصف جلالة الملك عبدالله الثاني هذا الأسبوع بــ " خط احمر "
"هذا الأسبوع خط أحمر"، هكذا وصف الملك عبد الله الثاني، الأسبوع الذي يسبق موعد انعقاد المؤتمر الدولي الرابع للمانحين، والمقرر عقده يوم الخميس المقبل في العاصمة البريطانية لندن.
ويسعى الأردن خلال هذا المؤتمر إلى إقناع المانحين باستراتيجية جديدة سيقدمها بالتعاون مع البنك الدولي وبريطانيا لدعم اللاجئين السوريين والخزينة الأردنية، بعد أن وصل عدد اللاجئين في الأردن إلى 1.3 مليون لاجئ مع تراجع حجم المساعدات الدولية.
استقطاب استثمارات أوروبية
وتشير الخطوط العريضة للاستراتيجية، بحسب مصادر حكومية إلى عدة محاور، من أبرزها "الاستعاضة عن المساعدات الغذائية بتشغيل اللاجئين السوريين والأردنيين على حد سواء، من خلال استقطاب استثمارات أوروبية وفتح مصانع لشركات عملاقة على غرار مصانع السيارات في المدن والمحافظات التي يتواجد بها لاجئون، على أن تتمتع هذه المصانع بتسهيلات جمركية في أوروبا وأمريكا على غرار مصانع المناطق الصناعية المؤهلة".
وتتضمن الاستراتيجية أيضا دعما مباشرا لخزينة الدولة الأردنية بناء على خطة استجابة للأعوام 2016-2018 أعلنتها المملكة مؤخرا، وتنص على حاجة المملكة إلى 8.2 مليار دولار للإنفاق على 11 قطاعا حيويا تنمويا للحفاظ على الخدمات المقدمة للأردنيين، والاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين السوريين وتشغيلهم، ودعم الخزينة.
ويأتي هذا التوجه لتشغيل اللاجئين السوريين، بسبب إدراك الأردن أن أزمة اللجوء السوري قد تطول بحسب ما تقوله الكاتبة والمحللة السياسية لميس أندوني، مستشهدة بالدراسات الأمنية التي تقول إن "اللاجئ يحتاج إلى 17- 20 عاما للعودة إلى بلاده".
وحول تشغيل اللاجئين السوريين تقول أندوني "مقترح التشغيل هو مقترح أردني بدعم من البنك الدولي الذي شارك في صياغته، وينص على أن تكون هناك مناطق صناعية في الأردن يتم الاستثمار بها لتشغيل الأيدي العاملة السورية، وأن يتعامل الغرب معها كما كان يتعامل مع المناطق الصناعية الخاصة".
وترى الكاتبة أن "الخطة الأردنية التي ستقدم في مؤتمر لندن لم تتضمن خطة تنمية وطنية تأخذ بعين الاعتبار المشاكل الاجتماعية في الأردن كمشكلة البطالة"، داعية إلى أن "يكون هناك خطة تنمية وبناء مصانع ومنشآت تشغيل للعمالة الأردنية في المناطق المهمشة في المحافظات والعاصمة، وعدا ذلك سيخلق جوا من التذمر والكراهية بين الأردنيين واللاجئين السوريين".
زخم إعلامي ودبلوماسي ولقاءات لمسؤولين أردنيين
وسبق المقترح الأردني الذي من المتوقع أن يعلنه الملك شخصيا في مؤتمر لندن، زخم إعلامي ودبلوماسي ولقاءات لمسؤولين أردنيين مع وسائل إعلام على رأسهم الملك نفسه.
ويقول الناطق باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام محمد المومني في لقائه ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية إن "الحكومة لن تستطيع توفير فرص عمل للاجئين السوريين دون استثمارات وامتيازات للوصول إلى الأسواق الأوروبية، ومساعدات تخلق هذه الفرص في ظل وجود بطالة بين الأردنيين نسبتها 13%"، داعيا لمنح "المزيد من التسهيلات للمملكة، للوصول إلى الأسواق الأوروبية من أجل تنمية الاقتصاد الوطني".
واختار رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، مخيم الأزرق للاجئين السوريين لعقد مؤتمر لوسائل الإعلام، ليعلن خلاله أننا "نحن لا نضيق بإخواننا السوريين ولكن على العالم أن يعرف أننا إذا لم نستوعب أشقاءنا السوريين ووفرنا لهم فرص العمل الممكنة فستزداد احتمالات لجوئهم إلى أوروبا".
وأضاف: "ساعدوا اقتصادنا، فنحن لا نريد من الدول المانحة إرسال مواد غذائية وغيرها، بل مساعدة الاقتصاد الأردني حتى يتمكن الأردن من مساعدة السوريين بفرص عمل وتوليد فرص عمل لإشراك السوريين فيها".
فرص عمل قد تنعش الاقتصاد الأردني
الخبير في دراسات الفقر محمد الجربيع، يقول إن "عدم وجود فرص عمل للاجئين السوريين يعني اعتمادهم على المساعدات، ما يتطلب من الحكومة الأردنية استدامتها، ومن خلال التجربة فقد بدأت منظمات دولية تتراجع عن تقديم المساعدات مقارنة مع بداية أزمة اللجوء لشعورها بأن الأزمة طويلة الأمد".
وتشير أرقام وزارة التخطيط الأردنية إلى تراجع الدعم المقدم للاجئين والحكومة، وتقول الأرقام الرسمية إن "ما التزمت به الدول المانحة لتمويل خطة الاستجابة لعام 2015، بلغ 1.078 مليار دولار أمريكي، فيما بلغ مجموع ما خصص فعلاً لتمويل الخطة حتى نهاية العام، 594 مليون دولار أمريكي فقط".
وبلغت تكلفة استضافة المملكة للاجئين السوريين خلال السنوات الأربع الماضية، ما يقارب الستة مليارات دولار".
ويعتقد الخبير أن "وجود دعم دولي للدولة الأردنية بحيث تكون قادرة على خلق فرص عمل للسوريين والأردنيين سينشط الاقتصاد، خصوصا أن المجتمع السوري مجتمع مهني يتقن العديد من المهن والمساهمة في دعم الاقتصاد الأردني، وسيعود إيجابا على الأردن حيث إن وجود دخل للسوريين سيخفف من الضغط على تلقي الخدمات الحكومية مجانا".
وأعلنت وزارة العمل الأردنية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية مؤخرا، نيتها وضع آلية لتنظيم تشغيل اللاجئين السوريين في الأردن، من خلال إصدار تصاريح عمل لهم.
وقال وزير العمل الأردني نضال القطامين في مؤتمر صحفي، إن الآلية تتضمن "تشجيع المناطق الصناعية المؤهلة على توظيف اللاجئين السوريين، وتشغيلهم في القطاع الزراعي، مع استثناء العمالة السورية من إجراءات ضبطهم مخالفين لقانون العمل التي قد تصل إلى تسفيرهم نظرا لظروف بلدهم السياسية".
وبينت نتائج التعداد السكاني في الأردن أن السكان غير الأردنيين يشكلون حوالي 30% من إجمالي السكان، نصفهم من السوريين (1.3 مليون) يتركز أغلبهم في محافظة العاصمة (436 ألفا)، ثم في مدينة إربد (343 ألفا)، ثم في مدينة المفرق (208 آلاف)، ثم في مدينة الزرقاء (175 ألفا).