إنجاز الحكومات لا يصنع بالتصريحات
متى يفهمون أن الوطن أكبر من الخصاونة والطراونة ومن أي حكومة وأي رئيس؟، فمن الظلم أن ننشغل بأسماء لم تقدم ولم تؤخر في أساسيات المطلب الشعبي الصامت أكثر من الصارخ والشامت ، فرئاسة الحكومة مع الإعتذار ليست زوجة بعقد عرفي ، يرسل العريس ورقة طلاقها من المطار بعد أن يقضي وطره منها ، الحكومة ورئاستها جزء مهم من أساسيات الحكم ، ومن يضطلع بها عليه أن يصدع لشروطها ، وعلى الرؤساء أن يعلموا أن على هذه الأرض من هو أكفأ منهم ، ولكن هو قدر الله تعالى أن يبتليهم بنا ، ويبتلينا بهم ، فمن منا الصابر ومن منا الشاكر يا ترى ؟
الوضع الدستوري لأي حكومة الآن معقد فهو يلزم الحكومة التي تحل مجلس الأمة أن تستقيل ، وهذا برأيي إجحاف يدفع ثمنه المواطن قبل الحكومة ، وعلى الحكومة الجديدة أن تعمل على إعادة صياغة مشروع تعديل الدستور فالتغيير ضروري في المادة المعدلة 74 من الدستور التي تنص على «الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل من الحكم خلال أسبوع من تاريخ الحل » ليستعاض عنها بالحكومة التي تحل مجلس النواب تجري الانتخابات ثم تقدم استقالتها ، فهذا يوفر الوقت والمال ولا يضع الحكومة والنواب في أنشوطة واحدة.
وهذا يقودنا الى الانتخابات النيابية والبلدية التي يرى مختصون أن إجراءها يجب ان يكون بذات الوقت بمعنى غرفة للانتخابات البلدية وأخرى للبرلمانية ما يوفر الوقت والجهد والمال معا ، فالتفكير في هذه المسائل أهم من البقاء في « غرفة لطميات « وتحليل وكلام لا يقدم ولا يؤخر بما جرى وما سيجري ..
الحكومة القادمة أمامها طريق واحد هو عدم الالتفاف على الركائز الأساسية التي تمس المواطن، فلا رفع أسعار يضع البلد على كف عفريت ، ولا تحول خشن للتعامل مع الحراكات ولا ممارسات عرفية ضد الحريات العامة المحترمة وخاصة الإعلامية المحترمة والمهنية منها ، والإصلاح المؤسسي، وعلى الرئيس أن يفتح عينيه أكثر من فتح أذنيه ، فذلك كان مقتل أسلافه في كل ما سلف .
على الطراونة رغم الطخ المسبق عليه ان يبدأ من اليوم الأول في اعادة قانون الانتخاب وإعادة تصحيح أخطائه ، و التسريع في تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات ، لاجراء الانتخابات البلدية والنيابية في الوقت المناسب لا في الوقت الضائع، فكتاب التكليف الملكي واضح والإنجازات لا تصنعها التصريحات والوعود والأحلام الوردية لا تنطلي على طفل في حضن أمه ، فالأساس وضع برنامج زمني واضح محدد لا تضيع أيامه ولا ساعاته ، من أجل إنجاز حزمة القوانين التي تركها الخصاونة في أرضها ورحل دون التفاته ، كي نطوي صفحة الاشتباك السلمي حتى الآن ، وندخل في مرحلة محترمة من التمثيل السياسي والعمل الحكومي المبني على برامج يحاسب الرؤساء والوزراء بناء عليها ، فيكفينا فوضى وتقاذف المسؤوليات كل على الآخر .
إن أكبر رئيس حكومة بالنسبة للمواطن المسكين لا يوازن رغيف خبز يبحث عن ثمنه ليطعم أطفاله ، أما هذا الترف السياسي و» البطر الزعامي « فهو قوت الأغبياء في زمن لم يعد للمنصب العام أي قيمة عند الناس ، فعلى الرغم من كل هذه الحشود التي تطالب باصلاحات سياسية فإن الوضع الاقتصادي المنزلي قبل الوطني هو المشكلة الأساسية ، وعلى هذا تبنى كل الإصلاحات التي تحمي المواطن من شبح الفقر والبطالة والمرض القاهر .