رجال في الحكم يعترضون على إنتهاكات للدستور

لا يمثل الوزير والسفير الاردني المخضرم محمد داودية نفسه فقط عندما يعلن موقفا صريحا ضد التجاوزات على القانون والدستور خصوصا من قبل الأجهزة الأمنية المكلفة بانفاذ القانون كما يقول معارضا وبلغة لا تقبل الغموض والالتباس إهانة شباب الحراك وتوقيفهم وإذلالهم خارج سياق القانون.

 

داوودية وهو الآن السفير الأردني في جاكرتا وسبق أن كان نائبا ووزيرا وسفيرا لعدة مرات تحدث علنا بانتهاكات الأجهزة الأمنية للقانون والدستور عندما أثارت الصحافة المحلية قضية إعتقال نجله الشاب عمر الذي يعتبر من نشطاء التغيير في البلاد.

وبحكم الإطلالة الشخصية والعائلية هذه المرة على ما حصل مع الموقوفين والمعتقلين من نشطاء الحراك السياسي أعلن داوودية وهو أحد رجال الدولة البارزين موقفا صارخا بالخصوص ينسجم بالواقع مع تراثه الشخصي في مؤسسة الحكم فقد كان في شبابه أحد نشطاء التغيير وهو الذي أنتج أول وثيقة للتنمية السياسية عندما أصبح وزيرا لها قبل عدة سنوات.

السفير داوودية بهذا المعنى سجل مفارقة من داخل النظام هذه المرة لا يمكن تصنيفها في دوائر المعارضة والمناكفة عندما رد بصورة علنية عبر وسائط الإتصال على تعليق لوزير الداخلية الأسبق مازن الساكت يتعلق بظروف إعتقال ولده عمر ضمن ما سمي باعتقالات الدوار الرابع التي وعد الناطق الرسمي راكان المجالي أمس الاربعاء بالانتهاء منها عبر الافراج عن جميع الموقوفين من النشطاء.

ورسالة داودية هنا ركزت على نقطتين أولا الحديث عن معاملة قاسية ووحشية تلقاها في المراكز الأمنية نجله وزملائه النشطاء الموقوفين تخللها ضرب وشتم وإذلال وتحقير وإجبارهم على البقاء بملابسهم الداخلية فقط، وثانيا أن القيادة الممثلة بجلالة الملك خارج كل الحسابات الحراكية ولا يمكنها أن ترضى عن انتهاكات القانون ومخالفات الدستور الصارخة داخل المراكز الأمنية ومن قبل الأجهزة المكلفة بتطبيق القانون.

وبوضوح حققت عوائد موقف داوودية رواجا كبيرا في أوساط الصحافة الالكترونية والحراك في الوقت الذي أعلنت حكومة الرئيس عون الخصاونة أنها بصدد احتواء مظاهر التشنج التي تبعت اعتقالات نشطاء الدوار الرابع عبر الإفراج عنهم، وكان سلسلة من الكتاب والصحفيين قد انتقدوا الخشونة الأمنية التي برزت مؤخرا في الوقت الذي أشارت فيه العديد من المصادر إلى أن السلطات لن تتسامح بعد الآن تجاه أي هتافات تشتم النظام او تتجاوز الخطوط الحمراء وتدعو الى اسقاط النظام وهي مسألة أدركها مبكرا قادة الحراكات في المحافظات بعدما وصلتهم الرسالة.

والرسالة حسب معلومات ‘القدس العربي’ تشير الى ان السلطات مستعدة لحملة اعتقالات بعد الآن تطال كل من يدلي بهتافات تخالف القانون وتستهدف رموز الوطن والدولة بموجب القانون على أن التهمة التي ستلقى على أصحاب هذه الهتافات التي بدأت فعلا تربك الحراك والقوى السياسية ستكون تفعيل النصوص المتعلقة بإطالة اللسان.

والسلطات فضت الأربعاء الماضي بالقوة إعتصاما في منطقة الدوار الرابع قبالة رئاسة الوزراء تخللته هتافات من بعض الاشخاص تجاوت المألوف وهي هتافات قال النظام بوضوح الان أنها ستنطوي على كلفة لأصحابها أملا في عودة الحراك والاعتصامات الى دائرة الرشد والسلمية التي تميز بها طوال العام الماضي.

ويفترض أن تتضمن الإجراءات الأمنية المقبلة منع إقامة اعتصامات أو مسيرات من حيث المبدأ في المناطق الحيوية والاساسية في العاصمة والمحافظات على أن تترك المساحات الفارغة لهذه التعبيرات وقد بدا ان الحركة الاسلامية أول من يستجيب تكتيكيا للأمر وللواقع الجديد في خارطة الحراك في الشارع حيث أعلنت عن مسيرة ضخمة ومهرجان خطابي غدا الجمعة قرب الجامعة الاردنية غرب العاصمة وليس في وسط العاصمة كما جرت العادة تجنبا فيما يبدو للإحتكاك بالامن .

وفي الاطار السياسي دخلت الحكومة والتيار الاسلامي في معركة شد الأعصاب عشية الاعلان رسميا عن قانون الانتخاب الجديد حيث رفض الاسلاميون تراجع الحكومة عن التزامات سابقة تتعلق بصيغة النظام الإنتخابي ولوحوا بمفاجأة سياسية من العيار الثقيل قد تعلن غدا الجمعة وتتتمثل حسب المراقبين باحتمالات إعلان مقاطعة الإنتخابات القادمة في توقيت حساس للغاية سيخلط الأوراق وقد يربك جميع الأطراف.

حصل ذلك فيما فقدت حكومة الخصاونة على الأرجح أحد أبرز رموزها وهو وزير العدل المخضرم سليم الزعبي الذي يعتبر الان في حكم المستقيل بعدما إنسحب من الحكومة وغادر البلاد اثر خلاف غامض مع الطاقم الوزاري المكلف بملف الإنتخابات تربطه بعض الدوائر ـ أي الخلاف ـ بقانون الانتخاب المثير للجدل قبل ولادته فيما تربطه دوائر سياسية قريبة من الزعبي بشعوره العام بالارهاق والتهميش واهمال دوره خصوصا بما يتعلق بالتشريع لصالح وزراء آخرين.