حسين المجالي والـ BBC


الدكتور فارس العمارات 

في حضرة الرجال ومدارسهم يتعلم اصحاب الافواه الطيبية ، وكما قالوا سابقي العهد من قبل ان المجالس مدارس ، ينهل منها طالبي العلم والمعرفة ، ويتعلمون فيها ابجدية الحرف وحسن الكلام ، ويستمدوا الدماثة والخلق من مجالسيهم ، وينخرطوا بعده في المجتمع يتحدثون بما سمعوا وبما شاهدوا من طيبة في التعامل وطيبة في القول والفعل ، كيف لا حينما يخالطون الملوك والرءساء ومن قبل يكون من منبت طيب كان وما زال نبع الشهادة والاباء والتضحية .
الباشا حسين المجالي نبت وترعرع في بيت طيب وعز وكرم وشهامه ،وكان وما زال فحلا وشبلا من اسد ضحى من اجل الوطن حتى يبقى شامخاً عصياً على كل الطامعين والخانعين والناعقين ، وسطر درساً في الكرامة التي رضعها مع اول قطرة حليب ومع اول اطلالة من صباح ذاك اليوم الذي نُذر فيه من اجل الوطن .
غادر الشهيد هزاع المجالي مرتفعاً الى علين مع الانبياء والصديقين وحسُن اولئك رفيقا تاركا ورائه شبل اردني ، سار على ثرى ذلك الاسد حتى ان اصبح في مجلس الملوك ، مخلصا للهاشمين ، ناذراً نفسه للوطن ولخدمة المواطن ، فكان مرافقاً للراحل الكبير الحسين بن طلال لسنوات حتى ان غادر الدنيا ، ناهلاً من مدرسة الكثير مُتعلماً منه الاكثر ، في الصفح والطيب والدماثة والنُبل ، وغيرها من صفات لا يمكن عدها ،وما ان غادر الراحل الكبير الدنيا انتقل الباشا الى مكان وموقع اخر من المواقع التي تخدم الوطن حيث كان رسولاً للتسامح والدبلوماسية والسلام ، ومن ثم انتقل ليقود جهاز الامن العام بكل حرفية ودقة وموضوعية ولا احد ينكر تلك الفترة التي كان تعتبر من الفترات العصيبة على الوطن ، وقد اهله ذلك ليكون وزيرا للداخلية ليجد ملقات جسام ، ادارها بأحترافية عالية ، حتى ان تقدم باستقالته من اجل ان يكون في موقع اخر ، وصفة الكبار ان يضحوا من اجل الوطن ، غير ابهين بأي مسؤلية كانت ، ان لم تُكن في صالح الوطن .
لقد اهله موقعه مرافقاً لراحل الكبير الحسين بن طلال ان يكون له كما ظله ، فعرف فيه كل صفة وعرف كل خير كان يقدمه ، ويسعى له ، والراحل الكبير اكبر من ان نصف ما كان يقدمه ويمنحه ويعفو عنه ، ولكن من يكون في حضرة الرجال لا بد ان يذكر مناقبهم السامية وخصالهم التي تعتبر ميزة لا يتميز بها احد من العامة ، والتاريخ سرده لا يقتصر على احد كان ، فعلى كل من يعرف عن حوادث او لحظات مميزة في عمر الوطن والملك ان يذكرها ويسردها ويؤرخ لها باي شكل من الاشكال ، فهل حوادث الدهر اقتصرت على شخص او مؤرخ واحدا ، ان كانت تقتصر على اشخاص محددين في دول اخرى ، لا يمكن لاي كان ان يقوم بسردها ، فان في الاردن حرية ومساحة من الانفتاح ، فأي كان يمكن ان يذكر فيها ما يتميز بها الملوك ومن يصنع تاريخ الوطن ويضحي من اجله ، والهاشمين كعادتهم لم يوقفوا احد كان ان يذكر تاريخهم وصولاتهم وجولاتهم . بل لديهم قناعة تامة بان المواطن المخلص والفرد النقي لا يمكن ان يُنكر الجميل والصنيعة الراقية ، ولا ينكر الجميل الا من يخون الوطن ويتنكر له بكل الاشكال وبكل العبارات .
ان الوطن بحاجة الى من يكون في صفه وبحاجة الى من يكون صادقا له ، ويذكر كل ما فيه من محطات مضيئة ، ومن نقاط بيضاء ، ولا يقتصر على ذكر السلبيات ، بل عليه ان يذكر الايجابيات لانها اكثر وافضل وانصع .
اما من يقف في صف غير صف الوطن ويتمترس في صفوف سوداء فلا يكون له الا المذلة والخزي ، فالوطن للجميع وليس لحزب او جماعة اصبحت من الماضي ، تفتت بفعل صنيعها وتفكيرها الاعرج والتي حاولت يوما ما ان تصطاد في الماء العكر ، وجعلت بعض من الشباب المهووسين بها ينخرط فيها ، بفعل الهالة التي كانت ترتديها ، وحينما عرفوا ان الاناء فارغ اخذوا بالتراجع عنها ،وقاموا بدحرها حتى لا تكون سرطاناً في خاصرة الوطن .
يليق بالباشا حسين المجالي ان يسرد حقبة من حقب الوطن البيضاء ، وان نال منها الحاقدين ذات يوم ، وان حاول الناعقين ان يخرسوا صوته ، وشرف لكل فينا ان يتحدث في سرد تاريخي عن سيرة الهاشمين اينما كانوا وفي كل مراحل تاريخهم الناصع البياض ، فكل المراحل التاريخية التي مر بها ومر فيها الباشا هي مراحل فخار وعز وشهامة ، وهي مراحل يفخر فيها ابناء الوطن كافة ،كيف لا وامتدحها القاصي والداني بالرغم من العواصف والقواصف التي مر بها الوطن منذ ان اطلقت رصاصة العرب الاولى ، فكانت انطلاقة للحرية والنصر والبطولة ، واخذ الجميع يسرد تاريخها من باب الفخر والعزة .
الباشا حسين المجالي يفخر به كل اردني حر شجاع، من باب ان الرجال تُذكر ، ومن باب انه ابن الشهيد الذي ضحى وانكره الحاقدين ، ومن باب انه رافق ملك كتب عنه البشر من عجم وعرب ولم يقتصر تاريخه على مؤرخ او شخص معين ،فابحر الكل في بحره فوجدوا الدُرر .