كيري في الأراضي المحتلة الأسبوع الحالي

يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في فلسطين المحتلة هذا الأسبوع، الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ضمن محاولة يائسة منه لتهدئة الأوضاع واستئناف المفاوضات، وذلك على وقع 91 شهيداً، بينهم 18 طفلاً و4 سيدات، سقطوا بنيران الاحتلال منذ مطلع الشهر الماضي.
ويسعى كيري، من خلال الاجتماع مع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كلا على حدّة، إلى "طرح "تسهيلات" نتنياهو الأمنية والاقتصادية على الرئيس عباس، ضمن سياق محاولة تهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلة وإيجاد مناخ الثقة المناسب لاستئناف العملية السياسية"، وفق مسؤولين.
غير أن الحراك الأميركي السياسي يعاكس وقائع الميدان المتفجّر، حيث ارتفعت، أمس، وتيرة المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في عدد من المناطق، لاسيما في مدينتي القدس والخليل المحتلتين، مما أسفر عن وقوع إصابات شديدة واعتقالات واسعة بين صفوف المواطنين.
وأعلنت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن استدعاء المزيد من جنود الاحتياط، في ظل اشتداد المقاومة ضدّ عدوان الاحتلال، بينما عبّرت صحف إسرائيلية، في مواقعها الإلكترونية، عن "انتياب القيادة الإسرائيلية، الأمنية والسياسية، حالة من الحيرة والإرتباك إزاء ضعف السيطرة على الحراك الفلسطيني، وغياب رؤية استراتيجية حول كيفية التعامل معه والقضاء عليه"، بحسبها.
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف إن "الجانب الفلسطيني لا يعوّل أهمية على زيارة كيري إلى الأراضي المحتلة، والمتوقعة يوم الثلاثاء القادم".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "زيارة كيري تأتي في سياق حماية الاحتلال من مغبّة مساءلته ومحاكمته على جرائمه المتواصلة ضدّ الشعب الفلسطيني، مثلما تستهدف الالتفاف حول الهبّة الشعبية العارمة ضدّ الاحتلال، ومحاولة تسويف الوقت في خدمة الصالح الإسرائيلي".
وأوضح بأن "المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام، فرانك ليفينستاين، موجود حالياً في الأراضي المحتلة من أجل الترتيب لزيارة كيري، التي لا تخرج عن إطار الانحياز للاحتلال"، قياساً محكماً بحيثيات "لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نتنياهو، في البيت الأبيض مؤخراً".
ونوه إلى أن "حكومة الاحتلال تعيش حالياً في عزلة أمام تصاعد حدة جرائمها ضدّ الشعب الفلسطيني، في ظل الاغتيالات الميدانية والاستعمار الاستيطاني ومصادرة الأراضي وهدم المنازل، مقابل وجود آليات لتجريم عدوان الاحتلال وقرار فلسطيني بإنهاء كل العلاقات مع الاحتلال".
وأكد "ضرورة وضع جدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وحق عودة اللاجئين وفق القرار الدولي 194"، لافتاً إلى "مشاورات تجري حالياً مع عدد من الدول حول الخطوات السياسية المقبلة".
وتصطدم الجهود الأميركية الراهنة برفض فلسطيني "لتسهيلات" نتنياهو، الشكلية، وفق عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، في تصريح سابق لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، حيث تتضمن "السماح بتصدير الأثاث مقابل منع دخول الأخشاب إلى قطاع غزة، وإزالة بعض الحواجز العسكرية عن الطرق ووضعها في أماكن أخرى، وتنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية في المنطقة "ج"".
من جانبه، استبعد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قيس عبد الكريم (أبو ليلى) أن "تكون لزيارة كيري نتائج مثمرة أو أن تجلب الحلول"، وإنما تستهدف "شغل الفراغ السياسي، عبر مجموعة من الاقتراحات التي لا تغني من جوع"، بحسب قوله.
وقال، في تصريح أمس، إن "القيادة الفلسطينية مطالبة بالتحرك نحو تنفيذ قرار المجلس المركزي بشأن إعادة تحديد العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي".
الاحتلال يشعّل مواجهات
عنيفة ضدّ المواطنين
وعلى الصعيد الميداني المتفجّر؛ اقتحمت قوات الاحتلال، أمس، مقر إذاعة "راديو الخليل"، في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وحطمت معداتها وصادرت بعضها، ومن ثم سلمّت العاملين فيها قرار إغلاقها لمدة ستة أشهر، بحجة "ممارسة التحريض ضدّها"، وفق مدير المحطة أمجد شاور.
وتابعت قوات الاحتلال جرائمها باقتحام العديد من أحياء مدينة الخليل وبعض القرى المجاورة، مثل أحياء شارع السلام ووادي أبو اكتيله وضاحية الزيتون ومنطقة الحرايق وميدان التحرير ومدينة دورا، وغيرها، بينما أعلنت عن منطقة دير سامت منطقة عسكرية مغلقة.
وشنت حملة مداهمات واعتقالات طالت عدداً من المنازل والمباني في المدينة، تزامناً مع إصابة العديد من المواطنين بحالات اختناق جراء إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع، صوب منازل المواطنين في بلدة بيت أمر، شمال الخليل.
وقال الناطق الإعلامي باسم اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان محمد عوض إن "مواجهات اندلعت في منطقة دوار صافا بالبلدة، أطلق خلالها جنود الاحتلال قنابل الصوت والغاز، تجاه الشبان ومنازل المواطنين، ما تسبب بإصابة العشرات بحالات اختناق".
وأضاف، في تصريح أمس، إن "قوات الاحتلال اقتحمت منطقة عرق اللتون في البلدة، وداهمت المنازل وحطمت أبوابها، واستولت على مقتنياتها، قبل انسحابها".
وفي بلدة سعير، شمال شرق الخليل، استولت قوات الاحتلال على ثلاثة منازل قيد الإنشاء في منطقة الحدب القريبة من وادي الشرق وتعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين، حيث وضعت فيها عتاداً عسكرياً ومنعت أهلها من الوصول إليها.
تزامن ذلك مع انتشار عسكري إسرائيلي كثيف في عدد من المدن والقرى الفلسطينية، تخللها اقتحام منازل المواطنين وتخريب محتوياتها، مع اعتقال عدد من الشبان، منهم أحد مواطني رام الله، بعد مداهمة منزله، والعبث بمحتوياته ومصادرة مقتنياته، وترويع زوجته وأطفاله، ومن ثم اقتياده إلى جهة مجهولة.
91 شهيداً بجرائم
الاحتلال و40 أسيرة
ومع استمرار جرائم الاحتلال وعدوانه، فقد "ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى 91 شهيداً، بينهم 18 طفلاً و4 سيدات"، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وأضافت، في بيان صحفي أمس، أن "72 شهيداً ارتقوا بالضفة، فيما استشهد 18 مواطناً في قطاع غزة، إضافة إلى شهيد من النقب المحتل، مقابل حوالي 1458 إصابة بالرصاص الحي في الضفة المحتلة وقطاع غزة".
وأشارت إلى وقوع "1070 إصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، حيث تم العلاج داخل المشافي، و1200 عولجوا ميدانياً، و300 مصاب بالكسور والرضوض نتيجة اعتداءات جنود الاحتلال والمستوطنين، و26 بالحروق، بالإضافة إلى 6400 إصابة بالاختناق نتيجة الغاز المسيل للدموع".
في حين ارتفع "عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال إلى 40 أسيرة، بعد اعتقال 3 قاصرات من بيت ساحور في بيت لحم"، بحسب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع.
وقال، في بيان صحفي أمس، أن "حالة اكتظاظ يشهدها سجن "الشارون" للنساء بسبب الاعتقالات، ما دفع مصلحة سجون الاحتلال إلى زج 3 أسيرات في سجن "عسقلان"، الإسرائيلي".
وأشار إلى أن "سلطات الاحتلال أصدرت أوامر إعتقال إداري بحق أسيرتين، من رام الله ومن الأراضي المحتلة العام 1948، لمدة 3 شهور".
وأوضح بأن "عدد الأسيرات القاصرات القابعات في سجون الاحتلال وصل إلى 9 أسيرات"، فيما "6 أسيرات جريحات لازلن قيد الاعتقال بعد إصابتهن برصاص قوات الاحتلال".