دعا صافي يوسف الكساسبة، والد الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي قتل حرقا داخل قفص على يد تنظيم " داعش " مطلع العام الجاري، إلى إجراء تحقيقات لمعرفة ملابسات سقوط طائرة ابنه ووقوعه أسيرا في يد التنظيم.

وقال الكساسبة في لقاء مع شبكة BBC ، ونشره الموقع العربي للشبكة مساء الخميس إنه مازال هناك الكثير من الأسئلة غير المجاب عليها بشأن أسر ابنه البالغ من العمر 26 عاما على يد تنظيم "داعش " الأرهابي ، والذي يبدو أن طائرته المقاتلة إف 16 أصيبت في الجو فوق أراض خاضعة لسيطرة التنظيم.

وكان الطيار قد قفز بالمظلة من طائرته بعد إصابتها ووقع أسيرا بعد وقت قصير في قبضة التنظيم في 27 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي. وثمة اعتقاد بأنه قتل حرقا بعد ذلك بعشرة أيام في أول يناير/كانون الثاني 2015.

وقال والده: "مازلت أطالب الجيش بالاستماع لآخر دقيقتين تحدث فيهما معاذ، ومعرفة ما قاله قبل تحطم طائرته. مازلنا لا نعرف كيف حدث ذلك".

وأضاف أنه قيل له إن طائرة ابنه إما أصابها خلل فني أدى إلى وقوع الكارثة، أو ضربت بصاروخ أرض-جو.

وقال لي أثناء حديثنا في منزل الأسرة المطل على البحر الميت خارج مدينة الكرك الأردنية: "أريد أن أعرف ما حدث بالضبط. كما أريد أن أعرف ماذا حدث بعد هبوطه في الماء في مقعده القاذف. ظل في الماء لمدة ساعة و10 دقائق ثم أسره تنظيم داعش الأرهابي. كان ينبغي لهم (التحالف بقيادة الولايات المتحدة) إنقاذه أو على الأقل إرسال طائرات مروحية فوقه لحمايته، لكنهم تركوه".

وصور تنظيم "داعش" عملية إعدامه لأغراض دعائية، وأظهرت اللقطات التصويرية الطيار أثناء حرقه حتى الموت كجزء من مادة فيلمية دعائية للتنظيم بعنوان "شفاء صدور المؤمنين". ويبدو أن تنظيم "داعش" الارهابي عرض الفيلم على شاشة عملاقة أمام حشد من الناس في عاصمة ما يطلقون عليه "الخلافة".

وثمة اعتقاد بأن تنظيم "داعش" الارهابي تورط في محادثات مع الحكومة الأردنية من خلال وسطاء. ويبدو أنه كان هناك احتمال لتبادل الأسرى بين الجانبين، إطلاق سراح الكساسبة وصحفي ياباني مستقل يدعى كينجي غوتو مقابل ساجدة عطروس الريشاوي، المتهمة بضلوعها بدور في تفجيرات فندق في العاصمة الأردنية عمّان في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005.

وأسفرت الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة في العراق، التجسيد الأول لتنظيم "داعش" الارهابي في ذلك الوقت، عن سقوط 60 قتيلا، وألقي القبض على الريشاوي بعد أن أخفقت في تنفيذ عملية انتحارية بتفجير حزامها الناسف، في حين نجح زوجها علي حسين علي الشمري في تفجير حزامه مما أسفر عن مقتل 38 شخصا خلال حفل زفاف في فندق "ساس راديسون".

ونفذت الحكومة الأردنية عقوبة الإعدام بحق الريشاوي في الرابع من فبراير/شباط 2015، بعد يوم من نشر تنظيم "داعش" الارهابي فيديو مقتل معاذ الكساسبة، كما يعتقد أن التنظيم ذبح الصحفي الياباني غوتو قبل ذلك بأيام في 30 يناير/كانون الثاني.

وقال صافي يوسف الكساسبة إن أسرته الكبيرة مازالت تعاني من تقبل حقيقة مقتل ابنه، وأضاف: "كان معاذ ابني المفضل، أنا أحبهم جميعا، لكنه كان الأغلى حبا وأكثرهم وسامة وذكاء".

وقال: "كان الابن الرابع والأقرب للأسرة مقارنة بالأشقاء الآخرين. كان ذكيا وحافظا للقرآن عن ظهر قلب".

وأضاف: "ما حدث له كان صادما، بمثابة صاعقة. عندما سمعنا أسره، أصابنا الخبر بصدمة. مازلت لا أصدق. وأعلنوا في الثالث من فبراير/شباط مقتله لكنه كان قد قتل قبل ذلك بشهر. مازلنا في صدمة".

وقال: "أقاربي وجميع القبيلة لن ينسوا أبدا معاذ. كان فريدا، فعندما تخرج وأصبح طيارا كان متفوقا دائما، وأولته القوات الجوية ثقة وكلفته بالكثير من المسؤوليات على الرغم من صغر سنه. سيظل الحداد على معاذ إلى الأبد".

وكشف الوالد عن رغبته السابقة في أن يصبح ابنه طبيبا قائلا: "لطالما أردت أن يدرس معاذ الطب في موسكو وضمنت التحاقه هناك. لكنه لم يرغب في ذلك على الإطلاق، وأراد أن يصبح طيارا وهذا هو ما أخبر به أمه وأعمامه".

وأضاف: "كان حلمه بعد أن أنهى دراسته الثانوية أن يصبح طيارا مقاتلا".

وفي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2015، قال تنظيم "الدولة الإسلامية" إنه نفذ عملية إطلاق نار في المركز الأردني الدولي لتدريب الشرطة في العاصمة عمّان، بعد أن فتح شرطي أردني يدعى أنور أبو عبيد النار مما أسفر عن مقتل نحو 5 أشخاص.

ولقي عبيد، الذي لم يعرف عنه أي انتماءات إرهابية، مصرعه خلال تبادل لإطلاق النار، كما زعم تنظيم "داعش" الارهابي أن الهجوم جاء بمناسبة الذكرى العاشرة لتفجيرات فندق عمان.