"فيينا 2 السوري": معارك الكر والفر تربك حلفاء دمشق وأعداءها
تربك معارك الكر والفر بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة في وسط البلاد وشمالها، حلفاء دمشق وخصومها الذين يجتمعون في فيينا غدا، اذ لا مؤشرات على تقدم ميداني حاسم ينعكس على طاولة التفاوض، وإن كان الجيش السوري قد حقق بعض التقدم بغطاء جوي روسي، سرعان ما توقف بعد هجوم معاكس للمجموعات المسلحة خصوصا في الشمال السوري.
ففرنسا وحلفاؤها الغربيون والعرب يريدون ان تبحث اجتماعات فيينا حول سورية "جدولا زمنيا محددا" لرحيل الرئيس بشار الاسد، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس.
باريس التي غيبت عن اجتماع فيينا1 يوم الجمعة الماضي، توجه انظارها على ميدان القتال الذي يشهد هجوما معاكسا في الشمال السوري، لتشتيت حشود الجيش، واسفر بتوجيه ودعم اقليمي عن سيطرة "داعش" على بلدة السفيرة وطريق حلب الدولي، اضافة الى تقدم "النصرة" في مناطق عدة لوضع الجيش السوري في كماشة بين مقاتلي المجموعتين المتطرفتين.
ويلحظ مراقبون ان الهجوم المعاكس للمجموعات المسلحة يبدو في سباق مع فيينا السوري الثاني، ومحاولات الروس الوصول إلى إجماع إقليمي ودولي في الحرب على الإرهاب كقاعدة لأي مسار سياسي في سورية.
وفيينا الثاني يشهد للمرة الأولى منذ بداية الحرب على سورية قبل أربعة أعوام ونصف العام، جلوس الإيرانيين إلى طاولة واحدة مع السعوديين، والأميركيين، والأتراك، رسميا، للبحث في الملف السوري.
واعتبر المراقبون أنه أصبح واضحاً أن اجتماع فيينا غدا، سيجمع للمرة الأولى، مجموعة الاتصال الدولية والإقليمية حول سورية، التي يشترط أي بحث جدي بالحل السوري، تشكيلها، باعتبار أن أطرافها، يملكون مجتمعين مفاتيح الحل السوري.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجية سيرغي لافروف أجرى مكالمة هاتفية، هي الرابعة خلال أيام، مع نظيره الأميركي جون كيري بحث خلالها الأزمة السورية، مضيفة أن الوزيرين اتفقا على ضرورة مشاركة كل البلدان الرئيسية بالمنطقة في الجهود الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية.
وكانت الرئاسة السورية أصدرت بياناً أكدت فيه أن المبادرات السياسية لن تفلح في سورية قبل القضاء على الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد.
وكان فابيوس جمع أول من أمس حول عشاء عمل خصص لسورية ممثلين عن اربع دول عربية (السعودية والإمارات والأردن وقطر) وتركيا والولايات المتحدة والمانيا وايطاليا وبريطانيا.
وقال ان "هذا الاجتماع المفيد سمح بالتحضير لاجتماعات فيينا التي ساشارك فيها".
واضافة الى مسألة رحيل الرئيس السوري اتفق المشاركون ايضا على "ضرورة مواصلة جهودهم لمحاربة داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) في سورية مع دعم المعارضة السورية المعتدلة التي تم التشديد على دورها في المفاوضات المقبلة".
وتابع ان "البدء بعملية يجب ان يكون مصحوبا بتغيرات ملموسة على الارض تخدم مصلحة الشعب السوري. نواصل جهودنا في هذا الاطار".
واوضح فابيوس انه "اشار" في محادثة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الى نية باريس في "رفع سريع إلى مجلس الأمن الدولي قرارا يحظر استخدام البراميل المتفجرة" التي يلقيها النظام السوري على مناطق المعارضة واوقع آلاف القتلى.
وفي السياق ذاته أعلن مصدر دبلوماسي روسي في موسكو أمس، ان وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا سيعقدون اجتماعا مساء الخميس في فيينا لبحث النزاع السوري.
واضاف المصدر ان وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري والسعودي عادل الجبير والتركي فريدون سينيرلي أوغلو يمكن ان ينضم اليهم الجمعة نظراؤهم من الأردن وإيران ومصر والعراق ولبنان "الذين دعتهم الولايات المتحدة في حال لبت هذه الدول الدعوة".
وقد أكدت مصر على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد ابو زيد، أنها ستشارك في الاجتماع وأن وزير الخارجية سامح شكري سيتوجه من العاصمة الهندية نيودلهي إلى فيينا مساء الخميس لحضور المحادثات.
كما أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية العراقية مشاركة بلاده في الاجتماع. وقال، إن وكيل وزارة الخارجية لشؤون العلاقات الثنائية نزار الخيرالله سيحضر المحادثات الدولية بشأن الأزمة السورية في فيينا يوم الجمعة."
واكدّت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونوابه سيحضرون محادثات السلام المتعلقة بسورية في فيينا يوم غد الجمعة.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي حينها أنه يأمل في عقد اجتماع دولي جديد لكن بشكل اوسع نطاقا.
من جهتها حذّرت المعارضة السورية على لسان احد اعضائها البارزين من أن مشاركة طهران في مباحثات فيينا المرتقبة قد تعرقل التوصل لحل سياسي للحرب المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات.
وانتقد هشام مروة نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أي مشاركة لإيران في المحادثات.
وقال في مقابلة مع تلفزيون العربية في وقت متأخر الثلاثاء "بالنسبة لمسألة دعوة إيران بالتأكيد ستعقد المسألة أكثر، وجود إيران سيعقد مباحثات فيينا لأنها ستأتي بمشروع يحافظ على الأسد."وأضاف "دخول الروس يقوض الحل السياسي ودخول إيران كان وما يزال قادرا على تقويض الحل السياسي."
ولا يوجد للائتلاف الوطني السوري ومقره تركيا نفوذ يذكر على المعارضة المسلحة التي تقاتل من أجل الاطاحة بالأسد في صراع تعقده نجاحات الجماعات الإسلامية المتشددة.
وتقول روسيا وإيران إن الأسد يجب أن يكون جزءا من أي عملية انتقالية وإن الشعب السوري هو صاحب قرار من يحكمه، بينما اعلنت الولايات المتحدة إنها قد تقبل بقاء الأسد خلال فترة انتقالية قصيرة لكن عليه بعدها أن يترك الساحة السياسية
وترفض السعودية التي تشارك بدورها في لقاء فيينا، أي دور للأسد في مرحلة انتقالية محتملة كمخرج للأزمة، بينما تتمسك كل من موسكو وطهران بحليفهما ضمن أي حلّ سياسي.
ويعتقد أن الأطراف العربية والاقليمية والدولية المعنية بالأزمة السورية قد تناقش فكرة رحيل آمن للأسد، في محاولة لتسريع الحل السياسي.
ولم يتضح حتى الآن ما اذا كان زخم اللقاءات سينتهي بإقرار حلّ توافقي في ظل تباين مواقف الأطراف العربية والدولية المعنية بالأزمة السورية بين الشق الذي يرفض فكرة أن يكون الاسد ضمن مرحلة انتقالية، وبين الشق الآخر المعارض اصلا لرحيل الاسد أو استبعاده على الاقل من حل سياسي محتمل.
وفي المقابل اعرب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه" جون برينان الثلاثاء عن ثقته بأن الروس يريدون في نهاية المطاف رحيل الرئيس السوري بشار الاسد لإيجاد حل للنزاع في بلاده.
وقال برينان خلال مؤتمر في واشنطن حول الاستخبارات انه "رغم ما يقولونه، اعتقد ان الروس لا يرون الاسد في مستقبل سورية".
واضاف "اعتقد ان الروس يدركون ان لا حل عسكريا في سورية وأن هناك حاجة الى نوع من عملية سياسية".
وتابع "السؤال يكمن في متى وكيف سيتمكنون من دفعه (الاسد) للخروج من المشهد".
واعتبر المسؤول الأميركي ان "المفارقة هي انهم يعتقدون ان عليهم اولا تقوية الاسد قبل ان يصبح بالإمكان ازاحته".
واضاف ان روسيا تريد اولا "الحصول على مزيد من النفوذ والتأثير" في سورية قبل ان تذهب باتجاه "عملية سياسية تحمي مصالحها" في هذا البلد.
ولدى موسكو قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس على الساحل السوري هي الوحيدة لها المطلة على البحر المتوسط.
وبالنسبة الى الوضع الميداني في سورية اعتبر برينان ان هدف موسكو كان اولا ان تخفف عن قوات الاسد الضغط الذي تتعرض له من فصائل المعارضة المسلحة في منطقتي ادلب (شمال غرب) وحماة (وسط).
واضاف برينان "ولكنهم (الروس) اكتشفوا ان تحقيق تقدم ضد المعارضة اصعب مما كانوا يتوقعون"