الزعبي: 17% من سكان الاردن مصابون بالاضطرابات النفسية
وكاله جراءة نيوز - عمان - تشكل ظاهرة المخدرات أزمة إنسانية خطيرة لارتباطها بالجرائم الأخلاقية ومساهمتها في انتشار العديد من الإمراض والأوبئة وفي تدمير الاقتصاد وتفكك الاسر والدمار الاجتماعي.
والمخدرات مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي، حيث يحظر تداولها او زراعتها او صنعها إلا لإغراض يحددها القانون وهي كل مادة خام او مستحضرة يحتوي على مواد منبهة او مسكنة من شأنها اذا استخدمت في غير الإغراض الطبية والصناعية الموجهة تؤدي الى حالة من الادمان عليها مما يضر بالفرد او المجتمع جسميا، نفسيا واجتماعيا. وظاهرة تناول المؤثرات العقلية قد تستغل لدوافع سياسية خاصة في زمن الربيع العربي.
الزميلة "العرب اليوم" التقت العقيد الطبيب اخصائي اول طب نفسي في قسم الامراض النفسية في مدينة الحسين الطبية د. محمد علي الزعبي الذي يشير الى انالقوات المسلحة الاردنية دأبت على توعية منتسبيها وحمايتهم ووقايتهم من كل ما يمكن ان يؤثر عليهم جسديا ومعنويا. مضيفا ان اعداد المصابين بالاضطرابات النفسية المختلفة في الاردن تقدر ب¯ مليون شخص (17% تقريبا من مجموع عدد سكان الاردن) وان هؤلاء المصابين بحاجة الى رعاية صحية نفسية متكاملة تشمل العلاج الدوائي والنفسي والعديد منهم بحاجة للتأهيل الوظيفي والاجتماعي. وقد تباين توزيع تشخيص الامراض النفسية حسب مراكز المعالجة، حيث سجلت الاضطرابات الذهنية الاكثر شيوعا في مراكز الصحة النفسية، بينما اضطرابات المزاج والقلق تسود في العيادات الخارجية التابعة للمستشفيات العامة.
الإدمان على المخدرات
وقال الزعبي ان إحصائية مركز علاج وتوقيف المدمنين التابع لادارة مكافحة المخدرات اشارت الى ان اعداد الذين تلقوا العلاج في العام الماضي وصلت الى 421 معظمهم من الفئة العمرية 20-30 سنة، حيث كان يغلب عليها تعاطي الحشيش والمهدئات العقلية الاخرى بينما في عام 2010 بلغت 497 حالة.
يعود هذا التناقص على الاغلب الى احداث الربيع العربي في البلدان المجاورة والتي اثرت على تجارة المخدرات في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، وفي عام 2008 بلغ عدد الحالات 255 حالة، ارتفعت في عام 2009 لتصل الى 375 حالة.
واضاف افادت إحدى الدراسات المسحية على عينة من طلبة الجامعات والكليات المتوسطة الاردنية (5064 مشاركا) تتراوح اعمارهم بين 18 -25 سنة. بأن نسبة الذين اساءوا استخدام العقاقير والمؤثرات العقلية (وعلى الاقل مرة واحدة في الشهر الذي سبق موعد الدراسة وليس بالضرورة ان يكونوا مدمنين) بلغت 2.5 % (الحشيش)، 3.3% (المهدئات العقلية)، 2.6% (المنشطات العقلية)، 5.9 % (الافيون)، 12% (كحول) و29% (مدخنين).
لافتا انه في دراسة صادرة عن المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا عام 2010 لتقييم خدمات الصحة النفسية في الاردن وجدت انه لا يوجد في الاردن قانون خاص بالصحة النفسية، وإننا بحاجة الى خطة وطنية مكتوبة ومعتمدة للصحة النفسية، حيث يتم في الوقت الحاضر معالجة امور الصحة النفسية من خلال بعض التشريعات النافذة وبشكل جزئي.
وقال الزعبي يقدر عدد المصابين بالاضطرابات النفسية المختلفة في الاردن مليون فرد اي (17% تقريبا من مجموع عدد سكان الاردن). وإن هؤلاء المصابين بحاجة الى رعاية صحية نفسية متكاملة تشمل العلاج الدوائي والنفسي والعديد منهم بحاجة ايضا الى التأهيل الوظيفي والاجتماعي.
وقال تباين توزيع تشخيص الامراض النفسية حسب مراكز المعالجة. حيث سجلت الاضطرابات الذهنية الاكثر شيوعا في مراكز الصحة النفسية. بينما تسود اضطرابات المزاج والقلق في العيادات الخارجية التابعة للمستشفيات العامة.
يضيف الزعبي ان نسبة المرضى النفسيين في القوات المسلحة ليست عالية وهي قريبة من النسب العالميةمنوها انه من خلال مشاركته في قوات حفظ السلام الاردنية لاكثر من مرة كطبيب امراض نفسية لم يسجل اي حالات ادمان بالرغم من شيوع هذه المواد في البلدان كدول افريقيا وأفغانستان والعراق وغيرها.
واضاف ان ذلك يعود الى التنبيه والتحذير من مخاطر هذه الافة العقلية والتحضيرالدقيق لمثل هذه المهمات الصعبة وإلى الضبط والربط العسكري العالي والوازع الديني والتواصل الاسري والاجتماعي مما اعطى الجيش الاردني سمعة عالمية مميزة بين قوات حفظ السلام الدولية الاخرى كباعث على الامن والاستقرار وكرسول محبة وسلام.
علاج الإدمان
ويضيف الزعبي ان علاج حالات الادمان يتطلب دراسة كل حالة وتشخيصها ومعرفة وضع المريض الصحي وخلوه من الامراض السارية والمزمنة والوقوف على التاريخ المرضي للمدمن من حيث مدة العقاقير وكميتها وفترة الانقطاع عنها ان وجدت والانتكاسات وتحليل الاسباب
لافتا ان هناك جهدا كبيرا يشمل إزالة السمية (المرحلة الدوائية)، حيث يتم علاج الاعراض الانسحابية المصاحبة لانقطاع الدواء بالاضافة الى الاعراض النفسية والمرضية الاخرى حيث تصرف بعض الادوية الكيميائية التي تساعد على تجاوز هذه المرحلة من العلاج.
وأضاف أما التأهيل النفسي والاجتماعي وإعادة الانخراط في المجتمع يكون عن طريق مجموعة الدعم الذاتي وأسلوب العلاج بالعمل والعلاج عن طريق الاسترجاع الذاتي والتواصل مع اسرة المدمن للتقليل من فرص الانتكاسات ثانيا.
ونوه الزعبي الى انه ومن خلال خبرتي العملية بأن عددا ليس بقليل من المرضى وقعوا ضحية للمؤثرات العقلية من حيث إنهم لا يعلمون ان المشكلة تبدأ بتناول المنومات والمهدئات العقلية ومضادات الالم في عيادات طبية اخرى ولاسباب صحية الا انهم استمروا بتعاطيها وبدون اشراف طبي مما ادى الى تعودهم عليها وإساءة استعمالها
وقال الزعبي اطالب زملائي الاطباء في عيادات طب الاسرة والباطنية والجراحة وعيادات الالم وغيرها بضرورة توخي الحيطة والحذر عند وصفهم مثل هذه العلاجات، وتحذير المرضى من طبيعة هذه العقاقير المخدرة اذا ما استمروا بتناولها من غير اشراف طبي وضرورة التحويل المبكر للمرضى المشتبه تعودهم على هذه العلاجات الى عيادات الطب النفسي ليتسنى الوقوف على الاسباب وتقدير حجم مشكلة التعاطي وتقديم العلاج مبكرا قبل استفحال الضرر على الصعيد الطبي والنفسي المادي والعائلي الاجتماعي وغيرها.
واضاف ان المخدرات تقسم تبعا لمصدرها: طبيعية، تخليقية، نصف تخليقية وتبعا لتأثيرها: مهبطات، مخدرات، مورفين، هيروين، بثدين.
واشار ان المهدئات مثل مضادات القلق والارق وبعض مضادات التشنج (كالصرع) الفاليوم (روش، ستيدون) البرازين، الريفوتريل (صليبا) الزارونتين (موج) الكحول. موضحا ان المنشطات تتمثل بالانواع التالية: الكوكائين، امفيتامين، ريتالين، كبتاجون. اما المهلوسات فأنواعها: ارتين، حشيش، ماريجوانا، بانغو وكيماويات، اللاصقات (اغو) والمواد الطيارة.
وأضاف ان طرق التعاطي تتنوع عبر :الفم، الانف، التدخين، الحقن، (الزرق). اما عن طريق: الوريد، تحت الجلد والعضل. والادمان هو متلازمة تتكون من الاعتماد على المادة والحالة والشعور الناتج عن الاخذ المتكرر لها وظهور اعراض انسحابية في غيابها، وأنواعه نفسي والحاجة النفسية الملحة لتعاطي المادة (دون حاجة عضوية) وعضوي هو تعاطي المادة مع الحاجة النفسية لذلك (وجود اعراض انسحابية).
وقال الزعبي يصبح الشخص مدمناً عن طريق العقاقير غير المشروعة (كالمروجين لها) ومدى توفرها في البيئة المحيطة، وعقاقير طبية والحصول عليها بدون وصفه او دواع طبية، وعقاقير وصفت لاغراض طبية وتواصل تناولها باستمرار.
وبين ان أسباب التعاطي، عضوية لم يثبت وجودها وأسباب نفسية بالشخص نفسه وأسباب اجتماعية تتعلق بالفرد كجهل الانسان بهويته ووظيفته وهدفه بالحياة وضعف الوازع الديني وكثرة الفراغ والشعور بالملل وقلة الواجبات والجهل بالاثار السلبيه والخطيرة المترتبة على تعاطيها، وبعض السمات الشخصية السلبية مثل التهور والاندفاعية والعصبية وعدم المقدرة على اقامة علاقات انسانية ودية دائمة وضعف تقدير الذات والشعور بالنقص.
واضاف من الاسباب اخفاء ما يعاني منه الشخص من اضطرابات ومشاكل انفعاليه وسلوكية مثل: الاكتئاب القلق الخوف الاجتماعي وحب الميل للتجربة والفضول وضغوطات الصحبة السيئة ورفاق السوء.وتقليد العادات او مجاملة للزملاء ومحاولة نسيان المشاكل وضغوطات الحياة.
واشار ان اسباب الادمان منها ما يتعلق بالاسرة من حيث تعاطي او ادمان احد الوالدين (اي القدوة السيئة) والمشاكل الاسرية وخصوصاً العنف الاسري بين الازواج وضد الاطفال بما فيه سوء معاملة الطفل، والتفكك الاسري وخصوصا اذا ما حصل الطلاق والافراط في التربية غير الملائمة لها (كالقسوة او التدليل الزائد) وغياب الرقابة الاسرية الحكيمة.
واضاف هناك اسباب اجتماعية كالاسباب الاسرية انفة الذكر ودور التربية (ضعف الجانب التربوي كالتوعية والارشاد) ودور الاعلام السلبي والبطالة وانتشار دور اللهو والجانب السلبي لبعض تصرفات العمالة الوافدة وقلة توافر الاماكن العامة ذات النفع خاضعة للرقابة.
وعن كيفية اكتشاف الشخص المدمن قال الزعبي يتم من خلال الوجه الذي يكون شاحب العينين وعدم الثبات والارتجاف وعدم التركيز في جهة واحدة والانف تظهر فيه تشققات والتهابات متكررة واحتقان والذراعان فيهما علامات دالة على الزرق (وريدي تحت الجلد) والجسم انخفاض واضح وسريع في الوزن.
وتابع اما المؤشرات السلوكية فتتمثل بتغير واضح في الشخصية والنمط العام واعتزال للمحيط، والانحدار المفاجئ في التحصيل الاكاديمي والعمل والواجبات والدور الاجتماعي والخمول وقله الشهية وكثرة النوم والتغير الحاد في المزاج والميل للغضب والعصبية والعدوانية وسرعة الاستثارة، وكثرة الانفاق بصورة غير اعتيادية، وكثرة الطلب للحصول على المال والمؤدي الى الاستدانة والنصب الاحتيال والسرقة مما يؤدي الى فقدان الوظيفة لما لها من مردود سيىء على الاسرة ماليا واجتماعيا وكثرة المخالفات ومواجهة مستمرة مع القانون ثم زيادة السجل الاجرامي للشخص.
الآثار المرافقة للمخدرات والمؤثرات
وقال الزعبي اما الاضرار الجسمية فتعتمد على تأثير المادة نفسها (مخدر، مهلوسة، منبهة، كحول) وأرق، تعب، ارهاق، خمول، أو توتر، كثره الحركة ورجفان وتعرق، وعدم الاعتناء بالمظهر والهندام والنظافة الشخصية.وفقدان الشهية وعدم الاكتراث للغذاء وانخفاض الوزن وما يترتب عليه من امراض ودوخة وعدم اتزان وتركيز، وحدوث اصابات خصوصا بالدماغ وما له من نتائج سيئة وتشنجات، فقدان للوعي، غيبوبة، وفاة، وتدني وهبوط الجهاز المناعي وكثرة الامراض.
وكذلك كثرة الامراض خصوصا القاتلة والناتجة عن المشاركة في الحقن والشذوذ مثل، الايدز، السيلان (سفلس)، الزهري المؤدي الى العقم والوفاة، والتهابات الرئة، وموت الخلايا وتليفها ومن ثم حصول فشل رئوي، وامراض القلب مثل ارتفاع الضغط وتسارع النبض اعتلال العضله القلب ومن ثم فشل وقصور في الجهاز الدوراني وكذلك التهابات المعدة والامعاء والقرحات والاورام السرطانية، والتهابات الكبد وتشمعه واورام سرطانية ومن ثم فشل الكبد، وامراض واعتلال الجهاز العصبي المركزي والطرفي المؤدي الى اضطراب في الحركة والشلل وعدم الاتزان وضعف الذاكرة والخوف وما يترتب على ذلك من امراض مثل فقر الدم واورامه المقاوم للعلاج والناتج عن التأثير المباشر او غير المباشر (ثانوي) لسوء التغذية واهمالها والضعف الجنسي وانعدامه وتشوهات الجنين (عند المدمنات)،
وقال الزعبي اما الاضرار النفسية فتشمل اضطراب الشخصية وانحدار القيم والقلق النفسي والاكتئاب النفسي والهذيان العضوي (اضطراب في الوعي والتفكير، أوهام زورية واضطراب في سوائل وأملاح الجسم وما له من مخاطر على الحياة) والذهان (اضطراب التفكير شكلا ومضمونا، هلوسات، اوهام) وايذاء النفس العمد والانتحار والخرف.
وحول الاضرار الاجتماعية قال منها اهمال الاسرة وبالتالي الرعاية الزوجية وتربية الاطفال ومن ثم خلق وتنشئة جيل غير سوي، وازدياد العنف الاسري (الزوجي وسوء معامله الاطفال) وتدني الانتاجية والتغيب وفقدان العمل والبطالة والفقر وتدني الدخل وفقدان سبل العيش الكريم للشخص واسرته وانتشار الجريمة وزيادة السجل الاجرامي للشخص والنبذ من المجتمع وما يترتب على ذلك من مضار وتأثيرها على المستوى الوطني (اقتصادي واجتماعي)، وهدر الطاقات.
وقال الزعبي نجد ان ديننا الحنيف عندما حرم تعاطي المخدرات انما كان لحكمة الهية عظيمة للمحافظة على عقل الانسان وجسمه ودرء جميع الاخطار عنه وبقاء الانسان عنصرًا فعالا في المجتمع كما ان ديننا الحنيف امرنا بالابتعاد عن كل المحرمات وعن كل ما يضر بالجسم والصحة
الوقايه والعلاج
وحول الوقاية والعلاج من الادمان قال الزعبي في البداية لا تصاب بالذعر اذا علمت ان احد افراد اسرتك يتعاطى المخدرات او مدمن عليها ولكن عليك التعامل (معه او معها) بحذر وعناية لتجنب الصدام ووضح له انك تريد تقديم المساعدة له لا محاسبته والعلاج بشكل عام يكون علاجا دوائيا (العقاقير) ونفسيا مع مراعاة التربية السوية، والانتباه الى كل سلوك غريب عند الاطفال في محيط الاسرة وطلب المشورة الطبية النفسية اذا ما دعت الحاجة لذلك والانتباه الى المشاكل الاسرية وتناول مواضيعها عبر التوعية في الاعلام المسموع والمقروء والمرئي والمحاضرات التوعوية والارشاد في الوحدات العسكرية والجمهور والمجتمع في المدارس والتعريف بمضار هذه المواد ومحاربة توفر المواد غير المشروعة والتهريب والمروجين ومراقبة المواد المشروعة والتي يمكن ان تصبح مواد ادمان وعدم صرفها الا بوصفة طبية من ذوي الاختصاص فقط، وتقوية الوازع الديني وبيان الاحكام الشرعية بذلك والاسراع في اكتشاف المتعاطين والمدمنين ومعالجتهم وخصوصا في البداية لما له من مردود ايجابي على الصحة وعدم اللوم والتقريع والتشهير بهؤلاء لانه يزيد من مشكلتهم.
وقال الزعبي هناك سرية تامة كفلها قانون الصحة الاردني والدستور الاردني مشيرا ان من يتقدم طوعا للعلاج يسقط عنه الحق العام ولا يتعرض لاية مساءلة قانونية.