مسؤولون يدعون لقيادة موحدة لتصعيد الانتفاضة ضد الاحتلال

دعا مسؤولون فلسطينيون إلى "ايجاد جهة تنظيمية وطنية موحدة لقيادة هبّة الغضب الجماهيرية ضدّ عدوان الاحتلال الإسرائيلي"، من أجل ضمان شموليتها وديمومتها والنتائج المتوخاة منها.
واعتبروا أن خروج أبناء الشعب الفلسطيني، ومعظمهم من جيل ما بعد اتفاق "أوسلو"، إلى عموم ساحة الوطن المحتل، بعيداً عن التنظيمات الحزبية الأساسية، يعدّ "انتفاضة ليس فقط ضد الاحتلال، وإنما، أيضاً، ضد مسار المفاوضات الممتد بلا نتيجة، وتجاه الانقسام المتجذر طويلاً".
وبالنسبة إليهم، فإن "جلّ المنتفضين لا يعرفون كثيراً عن انتفاضة عام 1987، أو ربما كانوا أطفالاً خلال انتفاضة عام 2000"، ما يؤشر عندهم إلى "نشوء نوع من اهتزاز ثقة الفئة الشابة، الممثلة لنسبة معتبرة من المجتمع الفلسطيني الفتيّ، بالقوى والفصائل التقليدية".
وقدّروا بأن "عدم تحقيق أي شيء من الحقوق الوطنية المشروعة، في إنهاء الاحتلال والتحرير وتقرير المصير وحق العودة، أوجد شرخاً، إلى حدّ ما، في التشبيك العلائقي بين الصفوف الفلسطينية الشابة والقيادة السياسية".
وقال الناشط السياسي الفلسطيني أحمد أبو رحمة، إن "الشارع الفلسطيني المنتفض بات أكثر تقدماً من القيادة السياسية التي تجدّ نفسها مضطرة اليوم للسير خلفه وليس تسييره".
وقال، من فلسطين المحتلة، إن "هؤلاء الشبان قرروا الانتفاض ضد عدوان الاحتلال من دون انتظار أوامر من القيادة السياسية، بعدما فقدوا الثقة في الأحزاب والتنظيمات، اليسارية والعلمانية والدينية، فخرجوا وحدهم مندفعين للدفاع عن انتفاضتهم".
وأضاف إن "زهاء 70-80 % منهم غير منتمين لأحزاب سياسية"، معتبراً أن "المنتفضين يخرجون ضد عدوان الاحتلال المتصاعد، وأيضاً للمطالبة بوقف حالة الانقسام والتشرذم، وضرورة توحيد الجهود الوطنية المبعثرة راهناً".
وبعيداً عن التسمية، بين الانتفاضة والهبة الجماهيرية والغضب الشعبي، فإن "الشعب الفلسطيني لن يعود إلى المرحلة السابقة، من دون الإيفاء بحقه في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة.
غير أن ما يسميه المحلل السياسي عبد الستار قاسم حراكاً شعبياً، يحتاج إلى مقومات للتغذية والديمومة، لافتاً إلى "عدم شموليته لمختلف التجمعات الفلسطينية، بحيث ما يزال محدوداً مكانياً وزمنياً"، بحسبه.
وتوقف، ف من فلسطين المحتلة، عند البيئة المتوفرة في الضفة الغربية، والتي اعتبرها "غير مناسبة للانتفاض المضادّ للعدوان الإسرائيلي، وذلك في ضوء تراجع الثقافة الوطنية بصورة كبيرة مقابل حلول الثقافة الاستهلاكية"، وفق رأيه. وقال إن "الناس فقدت الثقة بالقيادة والسلطة الفلسطينية، فيما يخشى الكثيرون منهم المشاركة في الحراك الجاري تحسباً من التبعات الأمنية مستقبلاً".
ولفت إلى أهمية "ما تحدثه ثورة السكاكين من تأثير معتبر في الداخل الإسرائيلي نظير سلبه الراحة والنوم، مما يستدعي التركيز على هذا التوجه، مقابل دراسة ثورة الحجارة التي قد تجلب تأييد الرأي العالمي لعدالة القضية الفلسطينية ضدّ الاحتلال، ولكنها تلحق ثمناً باهظاً فلسطينياً".
ودعا إلى "ابتكار آليات ووسائل جديدة مضادة للاحتلال"، مؤكداً بأن "لدى الشباب الفلسطيني دافعية والتزاما وطنيا كبيرين تجاه الدفاع عن الشعب والأرض المحتلين، بعيداً عن التنظيمات الحزبية"، غير أن "ثقة الشارع الفلسطيني اهتزت بصورة خطيرة بالتنظيمات".
وشكك في "الجهود الأميركية الراهنة التي تستهدف إجهاض الحراك الشعبي الفلسطيني وتعزيز وضع الكيان الإسرائيلي".
وبذلك؛ يتفق بعض المحللين على ضرورة ايجاد "تنظيم يساعد على تطوير الانتفاضة وتحقيق ديمومتها وشموليتها الجغرافية، فضلاً عن أهمية وقف التنسيق الأمني بين الأجهزة التابعة للسلطة وسلطات الاحتلال"، بحسب المحلل السياسي لبيب قمحاوي.
وقال، لـ"الغد"، إن "المتطلبات اللازمة لاستمرارية الانتفاضة أو ردة الفعل الشعبي القوي لما يجري لا تتوفر بالشكل المطلوب".
وأضاف إن "المنتفضين يجابهون الاحتلال، في ظل التنسيق الأمني وحرص السلطة على عدم تطور الأوضاع إلى انتفاضة، لا تحظى بدعمها في الأساس".
ورأى "غياب الأسباب المؤدية إلى انتشار الثورة وتعميقها بسبب مجابهتها من خلال الاحتلال والسلطة معاً، إلا إذا تفاقم الجبروت الإسرائيلي نحو خطوات أخرى في عدوانه ضد المسجد الأقصى المبارك والقدس المحتلة والشعب الفلسطيني، فقد تتفاقم الأوضاع حدّ الانفجار".
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر أن "الفلسطينيين أمام فرصة جدية وحقيقية، لوقف ممارسات المستوطنين، وإنهاء مخطط الاحتلال بشأن تقسيم المسجد الأقصى المبارك". 
ودعا إلى "تحرك فلسطيني على المستوى الدولي لفضح جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، والتوجه للجنايات الدولية لمحاكمة الإسرائيليين والمستوطنين"، تزامناً مع "تحقيق الوحدة الفلسطينية وتشكيل قيادة وطنية تعمل على تصعيد الانتفاضة في وجه الاحتلال".
وبدورها، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن "الهبة الجماهيرية الكبرى ستتواصل"، داعياً إلى "توسيع ساحات الاشتباك وحرق الأرض تحت أقدام الاحتلال وقطعان المستوطنين نحو المواجهة الشعبية الشاملة".
وطالبت "بإنهاء الانقسام وتشكيل قيادة وطنية موحدة لدعم الهبة الجماهيرية والرد على جرائم وإرهاب الاحتلال والمستوطنين"