ما الذي فعله الملك في العالم ؟

من تابع تغريدات وتعليقات كبار المفكرين والكتاب الامريكيين والاوروبيين على مواقع التواصل الاجتماعي يدرك اهمية خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ألقاه خلال الجلسة العامة للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
فإيمان هؤلاء بخارطة طريق خلاص العالم من العنف والقتل والارهاب ونشر العدالة التي حددها جلالته بسبع خطوات اممية لم يتأت من فراع وانما من حوارات ومناقشات وافكار وقراءات وتحذيرات من احداث تنبأ الملك بها قبل سنوات، وثبت انها اكلت الاخضر واليابس في هذه الايام.
وهذا الايمان عبر عنه المعلق المعروف في وسائل الاعلام الامريكية والدبلوماسي السابق ريتشادر جرينيل بعد سماعه الخطاب السامي في تغريدة له على موقع تويتر بقوله « إذا قادة العالم صوتوا للملك او القائد ( الأكثر شعبية)، فإن فوز الملك عبدالله الثاني سيكون سهلا. لان كل المناطق تحبه».
اما الضابط السابق في الـ CIA والمتخصص بشؤون مكافحة الارهاب باتريك سكينر فكتب في تغريدة له « الملك عبد الله من الأردن هو واحد من القادة الأكثر إثارة للإعجاب على المسرح العالمي. عقل لا يصدق ، انها الإرادة».
ومن موسكو علق ايضا مستشار المخاطر الاستراتيجية والمتخصص في السياسة الخارجية الروسية مع الخليج العربي يوري بارمن على الخطاب قائلا: « الملك عبد الله قدم خطابا هو الأكثر تأثيرا حتى الآن في قرار الجمعية العامة».
وعلى التوالي علق السياسي البريطاني المخضرم و النائب السابق في مجلس العموم البريطاني ومستشار شؤون الاستخبارات والعلاقات الدولية «ماثيو جوردون بانكس» على ما قدمه الملك من افكار لاحلال السلام في العالم ومحاربة الارهاب والتطرف والعرقية والطائفية « لقد أثبت انه نعم الخلف لوالده الراحل الملك الحسين، ويجب على العالم أن يكون ممتنا للملك عبدلله».
ومثلما علقت تلك النخب من مختلف دول العالم فان شعوبها المحبة لجلالته والمؤمنين بفكره اجمعوا في تعليقاتهم على الخطاب بان «الملك عبد الله الثاني تحدث ببلاغة في قرار الجمعية العامة. وان ما قاله رسالة يتردد صداها عند الجميع بغض النظر عن العرق والدين».
ما رصدته من تعليقات باكثر من لغة وتمت ترجمتها بمعاونة اصدقاء، ليس اكثر من تفسير لذلك التصفيق الحار الذي ضجت به قاعة الامم المتحدة بعد انتهاء جلالته من القاء خطابه وتضج به دوما المحافل الدولية عند الاستماع للملك وتلك الحفاوة بالاستقبال سواء على الصعيد الرسمي او على صعيد مجالس الشعوب ومؤسسات العصف الذهني ومعاقل ومراكز الاستشارات الدولية المؤثرة في صناعة القرار الدولي.
ما قدمه الملك في خطابه الى الدول الاعضاء في الجمعية العامة للامم المتحدة هو حصيلة مواجهات فكرية وسياسية خاضها جلالته في اكثر من محفل دولي وفي مختلف زياراته لدول العالم او استقباله لوفودها، حينما حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قضايا امته وفي مقدمتها فلسطين، وتقديم الحقائق الى الآخر بلغته وطريقته بالتفكير والفهم والتي كانت سببا في نجاحه بنقل الصراع المركزي بين الاسرائيليين والفلسطينيين الى الامم المتحدة حتى يشعر العالم بانه ليس ببعيد عن اي تداعيات لتأخير حل القضية الفلسطينية بقيام الدولة المستقلة القابلة للحياة الى جانب اسرائيل على اساس حل الدولتين الذي يضمن لكل منهما امنه وسلامته.
والطرق التي عبدها جلالة الملك امام المجتمع الدولي لاطفاء نيران الارهاب والعنف المشتعلة بسوريا والعراق وليبيا ومصر والتي بدأ العالم يعيش اول تداعياتها باستقبال اوروبا وغيرها موجات متوالية من السوريين الهاربين من براميل الموت والقتل الطائفي والعرقي، كسبت تأييدا عالميا واسعا قبل ان يطلقها جلالته في الدورة التاسعة والستين للمنظمة الاممية.
فالرؤية الاردنية لوقف شلالات الدم في سوريا والعراق وحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومقاومة الارهاب فكريا وميدانيا، اصبح لها سفراء عالميون على مدى السنوات الماضية وبالتالي انصار واهتمام وحرص على لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني والاستماع اليه ومناقشته في افكاره التي اعادت للاسلام سماحته وساهمت في فهم العالم لحقيقة الصراع المشتعل في الشرق العربي.
قبل ان يصعد الملك الى منبر مقر الامم المتحدة لالقاء خطابه العالمي ، كان صدى ثوابت وخطوط جلالته الحمراء فيما يتعلق بقضايا ابناء امته قد وصل كل الدول الاعضاء في الجمعية الاممية، فالاقصى لا يقبل القسمة على اثنين والمشاركة فيه مرفوضة، وهو تحت الوصاية الهاشمية. اما وحدة العراق وسوريا مقدسة عند الوصول الى حلول لانقاذهما من دوامة الدمار والموت، والاردن دوما في مقدمة طلائع محاربة الارهاب والثقافة العمياء، وانه جاهز للقيام بدوره المطلوب في نشر قيم العدل والكرامة والأمل التي هو بامس الحاجة اليها الشعب الفلسطيني.
خطاب الملك، ليس مجرد « ضربة معلم «، فالتفاعل العالمي الذي تتبعته على مواقع التواصل الاجتماعي ومحطات التلفزة والمقروء من وسائل الاعلام العالمية، يؤكد ان « سيدنا « كان دقيقا في اختيار الوقت والمكان لدعوة اعضاء الجمعية العمومية الى استخدام قوتها من خلال العمل المشترك ويدا بيد كما قال جلالته حتى تعود للامم المتحدة قوتها وعالميتها في نشر قيم السلام والعدل واحترام الاخر وحماية الاقليات والمعتقدات الدينية والفكرية من الارهاب.
الملك صارح العالم بالحقائق ووضعه امام مسؤولياته الامنية والسياسية والفكرية، واضاء له الطريق التي تخرج الجميع من نفق الخوف والقلق من الارهاب وتداعياته، بان تكون الامم المتحدة صاحبة القرار من خلال العمل والتنسيق الجماعي من قبل اعضائها.
العالم يتفاعل مع خارطة الخلاص التي رسمها الملك عبدالله الثاني بملاحقة مرتكبي جرائم القتل الطائفي والعرقي ، وخطابه السامي قفزة نوعية على المستوى الدولي لمحاصرة الارهاب وحشد العالم لتجفيف منابعه بان تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.