بالوثائق.. دخول أغذية غير صالحة للاستهلاك البشري إلى السوق المحلية

وكاله جراءة نيوز - عمان - غير صالح للاستهلاك البشري»، هذا هو الوصف الدقيق لعشرات المواد الغذائية والتموينية التي أدخلت إلى السوق المحلية واستهلكناها وأطفالنا
ومن هذه المواد «حليب، لحم عجل رضيع، روبيان واسماك، مربى، بندورة، زعتر، حلاوة، تمور، حب هيل، شوكلاته، بوظة، مكسرات، بسكويت، ومعجنات (...)».
« حصلت  المصادر على وثائق رسمية تؤكد دخول المواد الغذائية السالفة الى السوق المحلي رغم تقارير مخبرية تفيد بعدم صلاحيتها، وهو ما دفع بعض المسؤولين الى التلاعب بالعينات لتصدر نتائج مخبرية متضاربة.
التحقيق الآتي مثبت بوثائق رسمية وبشهادات لخبراء ما يزالون على قيد الحياة، وثمة مجموعة تساؤلات أخرى يطرحها هذا التحقيق، وهي: أين الجهات الحكومية المسؤولة عن مراقبة غذائنا وسلامته؟ لماذا لم تتخذ الجهات الرسمية أية اجراءات تجاه من ثبت تورطهم في القضية؟ لماذا لا يزالون على رأس عملهم ؟ هل هم أمناء على مراقبة غذائنا ؟ وهل هم مؤهلون أصلا لذلك ؟ وما هو تأثير تلك الأغذية على صحتنا.
الإجابات تبقى برسم الانتظار لتقدمها الجهة أو الجهات صاحبة الولاية !


حليب مركز
يكشف تقرير صادر عن لجنة تحقيق حكومية أن عاملين في مؤسسة الغذاء والدواء ووزارة الزراعة ومؤسسة المواصفات والمقاييس أدخلوا الى السوق المحلية موادا «تموينية» غير صالحة للاستهلاك البشري في الفترة الواقعة بين 1/1/2004 و30/6/2007.
وضمت لجنة التحقيق مندوبين عن: وزارة الصحة ووزارة الزراعة ومؤسسة المواصفات والمقاييس ودائرة الجمارك العامة وديوان المحاسبة، ورفعت تقريرها إلى رئيس الوزراء في حينه الدكتور معروف البخيت.
اللافت أن رئيس الوزراء البخيت طلب تشكيل اللجنة بتاريخ 22/8/2007، لكن اللجنة اجتمعت خلال حكومة نادر الذهبي بتاريخ 23/4/2009، وتوصلت اللجنة إلى حقائق هي:
- السماح بادخال إرسالية المعاملة الجمركية رقم 20474 تاريخ 24/4/2005 الى السوق المحلي رغم عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري.
والإرسالية عبارة عن «حليب مركز»،يبلغ وزنها (78) ألف كغم، وبحسب اللجنة فإن «نسبة الملوثات المعدنية أعلى من الحد المسموح به وفقا للمواصفات الأردنية»، فضلا عن أن الأشخاص المسؤولين عن الادخال «لم يقوموا بإجراءات احترازية من شأنها التحفظ على الارسالية في مستودعات التاجر أو سحبها من الأسواق المحلية».
وتشير اللجنة إلى أن «صدور الكتاب الموجه لجمرك عمان بعدم التخليص على الارسالية واعادة تصديرها استغرق مدة أربعة أشهر ما ادى الى السماح بدخول مادة الحليب للسوق المحلي واستهلاكها من كافة الفئات العمرية وبخاصة الأطفال».
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية رقم 63964 بتاريخ 15/10/2006، وهي عبارة عن (شراب، حليب منكه) ووزنها (20 ) ألف كغم.
- وتوضح لجنة التحقيق أنه «تم تسريب الارسالية على أنها شراب فقط علما بأن هناك خمسة أصناف حليب منكه لم يشر اليها ولم ترسل عينات منها الى الفحص المخبري، وبالتالي لم يتم التحقق من صلاحيتها للاستهلاك البشري مما ادى الى دخولها للسوق المحلي واستهلاكها من كافة الفئات العمرية وبخاصة الاطفال».

عجل رضيع واسماك
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية رقم 53682 بتاريخ 20/9/2005، وهي عبارة عن ارسالية «لحم عجل جاموس رضيع» ويبلغ وزنها 28 ألف كغم.
وتبين للجنة التحقيق أنه «لم يتم اتلاف الكمية المخالفة وحجمها (558 كغم) مع العلم بأن التقرير المخبري صدر بعدم صلاحية كامل الصنف للاستهلاك البشري مما ادى الى تسرب باقي الكمية الى السوق المحلي»،فيما أتلف فقط (60 كغم) من اللحم بناء على طلب صاحب العلاقة.
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية رقم 65201 بتاريخ 16/11/2005، وهي ارسالية «روبيان وأسماك»، ويبلغ وزنها (13600 كغم).
- وتوضح اللجنة أنه «تم التخليص على الارسالية رغم وجود اختلاف في قراءة الحرارة واخذ عينات لأحد عشر صنفا فيما لم تؤخذ عينات لسبعة أصناف من الروبيان، ورغم تنسيب لجنة أخذ العينات بعدم التخليص عليها واعادة تصديرها لأنها غير مطابقة للمواصفات».

مواد غذائية مجمدة
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية 2845 بتاريخ 12/10/2005، وهي عبارة عن «مواد غذائية مجمدة، شوكلاته، بوظة، مكسرات»، ويبلغ وزنها سبعة آلاف و700 كغم.
وتلخص اللجنة المخالفة «بالتخليص على الارسالية رغم أن لجنة أخذ العينات رفضت التخليص عليها لعدم وجود جهاز الثيرموغراف (سجل الحرارة) وعدم تمكنها من تحديد مظاهر التلف أو الاذابة، حيث أن الاجراء القانوني في هذه المعاملة اعادة تصدير الارسالية وعدم التخليص عليها».

مواد منوعة
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية رقم 57196 بتاريخ 16/9/2006، وهي عبارة عن مواد غذائية منوعة وزنها (650 كغم).
وتبين للجنة التحقيق أن «لجنة أخذ العينات لم تقم بعملها حسب الأصول وذلك من خلال أخذ عينات ممثلة بكافة الأصناف الواردة في الارسالية والتي تم تسريبها للمسرب الأحمر لغايات الفحص المخبري ما أدى الى دخول بعض المواد الغذائية للسوق المحلي دون التحقق من صلاحيتها للاستهلاك البشري».
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية رقم 1085 بتاريخ 9/1/2007، وهي عبارة عن «معجون البندورة، سكاكر، علكة، زعتر، شراب بودرة، حلاوة، بن محمص، معجنات، شوكلاته»، ويبلغ وزنها (102) ألف كغم.
وتشير اللجنة «الى اعتماد شهادة صحية غير أصولية صادرة عن القطاع الخاص ما تسبب بدخول مواد غذائية لم يتم فحصها مخبريا للتأكد من مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري علما بأن الاجراء الأصولي في حال ورود شهادة صحية غير أصولية إخضاع جميع المواد الغذائية الواردة بها للفحص المخبري».
- السماح بادخال ارسالية المعاملة الجمركية رقم 4112 بتاريخ 23/1/2007، وهي عبارة عن مواد غذائية «معجنات، شوكلاته، حلاوة، مربى علكة» ووزنها (78) ألف كغم.
وتشير اللجنة الى «اعتماد شهادة صحية غير أصولية صادرة عن القطاع الخاص مما تسبب بدخول مواد غذائية لم يتم فحصها مخبريا للتأكد من مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري علما بأن الاجراء الأصولي في حال ورود شهادة صحية غير أصولية إخضاع جميع المواد الغذائية الواردة بها للفحص المخبري».

سكاكر شوكلاته، مربى..
- السماح بادخال الارسالية الخاصة بالمعاملة الجمركية 27123 بتاريخ 15/5/2006، وهي عبارة عن «سكاكر، شوكلاته، حلاوة، مربى، بسكويت، بن، مستحضرات تجميل» ووزنها (88) الف كغم، حيث لم يتم فحصها مخبريا للتحقق من صلاحيتها للاستهلاك البشري، وهو ما يشكل اجراء غير قانوني.

توصيات لم يؤخذ بها
اللافت أن اللجنة قدمت توصيات «باتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة بحق الموظفين المتسببين بالمخالفات المشار إليها «واعادة النظر في المهام الموكولة لهؤلاء الموظفين بسبب المخالفات الفنية المرتكبة من قبلهم والمتعلقة بسلامة وصحة الغذاء بما فيها نقلهم من وظائفهم الحالية الى وظائف اخرى ليس لها طبيعة فنية تتعلق بسلامة الغذاء».
لكن ذهبت التوصيات إلى أدراج المسئولين في حينه دون أن يتخذوا إجراء بحق هؤلاء.. والسؤال: لماذا ؟

للهيل والتمور حكايات أخرى
يبدو أن «التلاعب بالعينات واحدة من المشكلات الرئيسة في قضية فحص الأغذية «وهو ما تثبته لائحة وقائع لمؤسسة العامة للغذاء والدواء بتاريخ التاسع من تشرين الثاني للعام 2006». ومثال ذلك، ما حدث من خلاف حول المعاملة الجمركية رقم 51758/4/2006، ووزنها (24 ألف كغم) إذ اعيد فحصها بموجب التقرير المخبري رقم 125/7614 بتاريخ 7/11/2006.
أحد مسؤولي المؤسسة يبدي استغرابه لتضارب نتائج فحص «عينة تمر خضري» فالتقرير المخبري الأول 006/5782/707 يظهر تلوث «العينة الأولى الواردة للمختبر ببقايا مخلفات الحشرات وبنسبة تتجاوز 20% وهي غير صالحة للاستهلاك البشري، فيما يظهر فحص عينة ثانية أن «العينة المحرزة لدى التاجر من الحبات الملوثة ببقايا ومخلفات الحشرات يساوي صفرا».
ويرى المسؤول أنه «يصعب جدا منطقيا أن تكون العينة أخذت بالوقت نفسه ومن المواقع التي أخذت منها العينة الأولى الواردة للمختبر نفسها».
اللافت أن العينة أعيد فحصها في «مختبر غذاء أمانة عمان» رغم أن مشروحات الفنيين تفيد أنها «لا تمثل العينات الحقيقية» فضلا عن «رفض أخذ عينة جديدة بمشاركة مندوب من المختبر».
وتكشف لائحة الوقائع بأن التضارب بين الفحصين مرده إلى «التلاعب بالعينات من قبل لجنة أخذ العينات والتي أخذت عينة من عينة سابقة صالحة للاستخدام البشري ولا حشرات فيها على اعتبار أنها تمثل العينة محل الخلاف».
وتظهر لائحة الوقائع أن «العينة الواردة لإعادة الفحص لا يمكن تحت أي حال من الأحوال أن تكون من العينة الأصل نفسها والمنطق العلمي واضح في هذه المسألة».
المسؤئول المذكور في لائحة الوقائع -لدى «الرأي» نسخة منه- «نسّب بتشكيل لجنة يكون أحد أعضائها مندوب من مختبر الأغذية للكشف على الكمية في موقعها وبيان الواقع».
غير أن مديرية الرقابة على الغذاء رفضت في حينه «وجود الفني التابع لمختبر الغذاء والدواء وهو الذي قام بفحص العينة الأولى التي ثبت عدم صلاحيتها حيث أنه الأدرى بطبيعة العينات للمشاركة في أي لجنة لاعادة الفحص إلا أن مديرية الرقابة على الغذاء أصرت على تفردها بإعادة أخذ العينات من خلال مندوبها «فقط».
اللافت أن الارسالية دخلت إلى السوق المحلي بتاريخ 24/8/2006، وفق البيان الخاص بدخولها والذي حصلت «الرأي» على نسخة منه.. واستهلكها المواطنون.

الهيل
وردت ارسالية «الهيل» إلى المنطقة الحرة في الزرقاء من العقبة ونظم فيها ايداع رقم 8485/2005 بتاريخ 22/6/2005، وبتاريخ 15/1/2007 (أي بعد مضي سنة ونصف على ايداعها) قامت لجنة أخذ العينات في المنطقة الحرة بالزرقاء بالكشف على الارسالية العائدة للمعاملة الجمركية 5751/4/2007.
اللجنة المذكورة كتبت تقريرها، وجاء فيه «وجود حشرات حية وبقايا حشرات داخل الكراتين وخارجها وداخل البضاعة نفسها»، والنتيجة كانت «تعتبر الارسالية غير صالحة للاستهلاك البشري حكما استنادا الى قانون الرقابة على الغذاء».
وبتاريخ 31/1/2007 عرض البيان الجمركي لمركز جمرك عمان على الجهات الرقابية المختلفة، وتبين من المشروحات أن مندوبا واحدا من المؤسسة العامة للغذاء والدواء «هو الذي قام بالتوقيع على مشروحات الوثائق والمشاركة في لجنة أخذ العينات وتنظيم كتاب للمختبر، حيث لم يشارك أي مندوب آخر في المؤسسة بذلك بخلاف ما هو متبع.
تبين اللجنة في كشفها عدم وجود أية عيوب ظاهرة خلافا لما ورد في مشروحات لجنة أخذ العينات في المنطقة الحرة بالزرقاء ومندوب الزراعة في العقبة.
وبحسب مشروحات لجنة أخذ العينات (جمرك عمان) فإنه «قد تم تحويل محتويات الارسالية للمبخرة، وتم الكشف عليها بعد تبخيرها بتاريخ 3/2/2007 حيث تبين بعد التبخير وجود حشرات وبيوض ميتة على الكراتين من الخارج نظرا لسوء التخزين بعد التبخير، وأن المنتج محفوظ داخل كرتون وكيس نايلون محكم الإغلاق ولا يوجد أي عيوب في المنتج نفسه».
اللافت أن الارسالية دخلت الى السوق المحلي وبيعت للمواطنين بتاريخ 30/1/2007.
وتقول مديرة مختبرات الغذاء والدواء الدكتورة سناء قموه في حينه في لائحة الوقائع ان «العينات المعبأة في داخل اكياس بلاستيكية مغلقة لا تحول الى المبخرة كونه لا يوجد إمكانية لتبخيرها ووصول غاز التبخير والتفريغ الهوائي إلى المادة الغذائية نفسها».
غير أن الفحص المخبري رقم 2007/1240/542 أظهر أن «كامل العينة بحالة غير طبيعية ولونها يميل الى الاصفرار وتحتوي على غبار، وأن الحبات المفتوحة بالكامل نسبتها 74% احتوت على حشرات ميتة واجزائها وفضلات الحشرات (قذارة)، وما نسبته 19% عدد حبات فارغة رديئة التكوين، أما باقي حبات العينة ونسبتها 26% احتوت على ما نسبته 45% فضلات حشرات (قذارة) وما نسبته 7% نخور، فيما بلغت الثمار الفارغة ورديئة التكوين 11%».
ويظهر كتاب رسمي ارسلته «قموه» إلى المديرية العامة للغذاء والدواء تعلمها فيه بأنه «قد تكرر ورود عينات موسعة للمختبرات لاعادة فحصها ويتضح بعد اجراء الفحص الظاهري عليها بأنها لا تمثل العينة الأصل التي وجدت غير صالحة للاستهلاك البشري او مخالفة، مطالبة «بأنه في حال موافقة لجنة اعادة الفحص على الاعادة فإنه يرجى أن يكون ضمن الأسس المتبعة». وشددت على أنه «يتعذر استلام وفصل مثل هذه العينات غير المطابقة للأصل أو اذا وردت من جهة غير اللجنة المعنية».

الحليب
الملاحظ أن بعض مصانع الألبان لم تلتزم أيضا بالمواصفة الأردنية، وتظهر فحوصات مخبرية أن عددا غير قليل من عينات الحليب المتنوعة وبخاصة «المنكه» منها الذي كان يوزع على طلاب المدارس في عام 2006 «عدد البكتيريا الهوائية أعلى من الحد المسموح به في المواصفة الأردنية القياسية، وعليه تعتبر العينات غير صالحة للاستخدام البشري».

الأسماك
ويكشف كتاب رسمي لمؤسسة الغذاء والمقاييس أنه «قد تكرر ورود ارساليات أسماك مجمدة تبين بعد الفحص المخبري تلوثها بالطفيليات بأعداد كبيرة، ولكن نسبة الاسماك المصابة كانت ضمن الحد المسموح به في المواصفة».
ويبين الكتاب أن «التقرير المخبري/1265/567/2007 بتاريخ 21/2/2007 يشير الى أن حالة من الأسماك التي احتوت على 12 طفيلا/كغم في اللحمية بينما بلغت نسبة الاصابة 17% وتعتبر صالحة للاستهلاك البشري حسب المواصفة الأردنية، لكن الكتاب يطلب «تعديل بنود المواصفة يما يتعلق بالطفيليات بحيث يخلو التجويف الداخلي وكذكك اللحمية من الطفيليات تمشيا مع دستور الأغذية».

أرز ملوث بالمتبقيات المسرطنة
«الغذاء والدواء» هي المؤسسة المعنية بالرقابة على متبقيات المبيدات الحشرية في الأغذية، بينما دور وزارة الزراعة يقتصر على الخضار والفاكهة والحبوب المعدة للزراعة، وفق قانون الغذاء سنة (2001) الذي يحمل هذه المسؤولية «للغذاء والدواء».
لكن واقع الحال يشير إلى أن «الغذاء والدواء» تفتقد القدرة للرقابة على متبقيات الملوثات والهرمونات لعدم امتلاكها مختبرات لفحوصات الرقابة على الأثر المتبقي في المواد الغذائية.
وتقول «قموه» بعض أصناف الأرز المستورد ملوثة بالحشرات ويتم تبخيرها بعملية «التعفير» بمركبات «الفوسفين» وهذه العملية لا يمكن من خلالها التخلص من بيوض السوس التي يجدها المستهلك على شكل نقاط سوداء تطفو على سطح ماء الغسيل.
وتوضح بأنه «تكمن الخطورة بوجود حشرة السوس من نوع «ترايبوليوم» وافرازاتها مسرطنه علاوة على الأثر التراكمي لمتبقيات المواد الكيماوية والاصابة بالسرطانات، فهذه المواد لا يمكن التخلص منها اثناء غسل وطبخ الارز».
ويبرر مدير الغذاء الدكتور محمد الخريشا السماح بعملية التبخير (المبيدات الحشرية)، للتخلص من الحشرات الملوثة للأرز بأن «الغذاء والدواء» «تأكدت من صلاحية الارز بعد التبخير»، رغم أن قموه «تؤكد عدم وجود مختبرات لإجراء فحص متبقيات المادة الفوسفورية».

التحايل على قائمة التعبئة
قائمة التعبئة هي وثيقة ترد من بلد المنشأ يسجل بها الأصناف والأنواع المختلفة من المواد الغذائية بكمياتها عند دخولها الحاوية ويتم إغلاق الحاوية بالشمع الأحمر حتى لا يتم التلاعب بها.
وهناك قرار بأن ترافق أي إرسالية ترد للبلاد قائمة تعبئة حتى تتمكن لجان اخذ العينات في الجمارك من تمثيل كافة الأصناف والأنواع بعينات ترسل إلى المختبر.
«الغذاء والدواء» تجاهلت هذا القرار، الا ان ادارة المختبرات في «الغذاء والدواء» قامت بالمطالبة بكتاب رسمي بعدم استلام المختبرات أي عينات ترد للمختبرات دون إرفاق قائمة التعبئة..
وقامت «الغذاء والدواء» باصدار كتاب يبطل الكتاب المشار اليه أعلاه فقامت «المختبرات» باطلاع ديوان المحاسبة عليه الذي وجه لهم تساؤلا بذلك..
محتويات المعاملة الجمركية رقم 2/1851/4/ التي تحتوي أصنافا مختلفة من الأغذية، وردت للمختبرات عينات من بعض الأصناف وليس من جميعها وبعد صدور التقرير المخبري بصلاحية العينات».
ليرد «للمختبرات» كتاب من «المواصفات والمقاييس» بمخالفة أصناف معينة لبطاقة البيان وعند رجوع «المختبرات» للتقرير الصادر عن المختبر وجدت ان هذه الأصناف لم تفحص ولم ترسل منها عينات وكشف الأمر بعدم فحص إرسال عينات من كافة الأصناف.
واصرت «المختبرات» على أن ترسل عينات من كافة الأصناف التي لم تفحص وكانت من أنواع أغذية للأطفال فوجدت هذه العينات غير صالحة للاستهلاك البشري..
ولمنع تجاوزات التجار ومديرية الغذاء طالبت مديرية المختبرات في كتاب وجهته بتاريخ 22/2/2007 الى مدير الرقابة على الغذاء تطلب فيه «الايعاز لمندوبي المؤسسة في المراكز الجمركية المختلفة بارفاق صورة عن قائمة التعبئة، وصورة عن الوصل المالي أو البيان الجمركي» مع كتاب طلب الفحص للعينات المرسلة للفحص المخبري.
رئيسة اللجنة الصحية في «حماية المستهلك» والحاصله على الدكتوراه في صحة الغذاء والدواء، وهي مديرة مختبرات الغذاء والدواء سابقا الدكتورة سناء قموه تشدد على ضرورة «أن تكون الاجراءات المتعلقة بالغذاء من قبل أطباء متخصصين بخلاف الحال في الأردن فجميع الاجراءات المتعلقة بغذائنا تناط بأطباء غير متخصصين وتخصص غالبيتهم بشري وليس غذائي وهو ما يخالف تعليمات منظمة الصحة العالمية المؤكدة لضرورة احترام التخصص وتفعيله في مجاله»..
وتقول إن الإدارات المتعاقبة للمؤسسة قادها في البداية طبيب إدارة مستشفيات وتلاه طبيب أطفال وحاليا طبيب نسائية وتوليد.. وأما مدير الغذاء فهو طبيب إدارة مستشفيات وجميع هذه الاختصاصات لا تمت للغذاء او الدواء بأية صلة.

 قلة الاختصاص
وينص قانون الرقابة على الغذاء المؤقت لسنة 2001 على ان «المؤسسة العامة للغذاء والدواء هي الجهة الوحيدة المختصة بالاشراف والرقابة على الغذاء بما في ذلك صلاحيته للاستهلاك البشري بجميع مراحله».
كما ينص القانون في مادته الخامسة على أنه «يشترط في أعضاء ممثلي الجهات المنصوص عليها أن يكونوا من ذوي الخبرة والاختصاص في الغذاء ويتم تسميتهم من قبل الوزير أو المدير العام المختص ويجوز له استبدال غيره به».
واقع الحال يؤكد قلة اختصاص اعضاء اللجنة العليا لمراقبة الغذاء.. وبدورها رفضت ادارة مؤسسة الغذاء والدواء تزويد «الرأي» باسماء وتخصصات اللجنة، لكن «الرأي» حصلت على اسماء وتخصصات اعضاء اللجنة من خلال نقابة الاطباء ونقابة الاطباء البيطريين ووزارة الزراعة ومؤسسة المواصفات والمقاييس ووزارة الصناعة والتجارة وامانة عمان.
واثبتت تخصصات اعضاء اللجنة قلة اختصاص اعضاء اللجنة بما يتعلق بمواضيع الغذاء، فرئيس اللجنة طبيب نسائية وتوليد وسكرتيره طبيب بيطري ومدير المختبرات طبيب عام ومدير الغذاء طبيب عام ايضا وباقي الاعضاء توزعوا ما بين اطباء بيطريين ومهندسين غير مختصين بالغذاء ووجود اربعة اعضاء مختصين بالغذاء فقط من اصل (ستة عشرة) مسؤولين عن مراقبة الغذاء.. وهذا ما يخالفه الشرط (ب) من قانون الغذاء والذي يشترط ان يكون الاعضاء من ذوي الخبرة والاختصاص.

الغذاء والدواء
مدير «الغذاء والدواء» الدكتور محمد الروابدة يؤكد انه مع صحة أي تقارير تثبتها «حماية المستهلك» بوجود مواد غذائية ملوثة «مسرطنة» في الأسواق. ويشير الى أننا «نتحرك فورا اذا وردتنا أي مشكلة ونقوم بواجبنا على أكمل وجه».
وينبه إلى وجود فنيين ومتخصصين بالغذاء حسب مواقعهم، مع العلم بان مدير الغذاء في المؤسسة غير مختص أيضا فاختصاصه طبيب إدارة مستشفيات.
وعن عدم اتخاذه لأي اجراء بحق (8) مدراء وموظفين أدينوا بتقرير ديوان المحاسبة بقضايا فساد تتعلق باجازة مواد غذائية مستوردة غير صالحة للاستهلاك البشري.. يقول الروابده انه ليس له علاقة بالأمر «فانا أصبحت مديرا في عام 2010»، وان تقرير ديوان المحاسبة جاء قبل استلامه لمهام ادارة «الغذاء والدواء» وعليه فهو غير مسؤول عن هذا التقرير، لافتا الى أن بعضهم أصبحوا متقاعدين.
اللافت أن بعض المدراء والموظفين ممن ادينوا بتقرير ديوان المحاسبة ما يزالون في عملهم ولم يتخذ ضدهم أي اجراء.
ويختتم الدكتور الروابدة.. ان «الغذاء والدواء» تقوم بواجبها على أكمل وجه وقادرة على ضبط الأسواق بكل ما فيها وهذا مثبت بالوثائق ولا يمكن طرح أي بضائع في الأسواق قبل التأكد من صلاحيتها».
ويتابع.. ان «كوادر «الغذاء والدواء» تتعامل مع البضائع باختلاف منشأها بشكل دقيق جدا.. فلا يمكن الخطأ في التعامل مع المنتجات الغذائية التي يمكن ان تضر بالمواطن».
ويشير إلى ان مسؤوليته تنحصر بما يدخل الأردن من الخارج لكنه غير مسؤول عن ما ينتج ويصل الى المستهلك محليا!، لكن قوله يخالف نص المادة الثالثة من القانون التي تؤكد مسؤولية المؤسسة العامة للغذاء والدواء على الغذاء محليا ومستوردا.
ويؤكد أنه رفض دخول (250 طنا من السمك) بعدما اكتشف تلاعب موظفين عنده. ويقول «نسبت بالائتلاف واعادة التصدير لبلد المنشأ، وحولت موظفين إلى مكافحة الفساد».