مآسي الغرق لا تثني اللاجئين السوريين عن حلم الوصول لأوروبا

يؤكد علي المهاجر السوري بمقهى في بودروم بتركيا حيث ينتظر فرصته للتوجه إلى اليونان، أن تصميمه على الوصول إلى أوروبا يبقى قويا أكثر من أي وقت مضى مع قرار أوروبا فتح حدودها بعد مأساة غرق الطفل الكردي إيلان.
ورغم الحوادث المميتة التي شهدتها رحلات المهاجرين، يريد علي، عبور بحر ايجه متجها إلى اليونان العضو في الاتحاد الاوروبي آملا بالوصول إلى بريطانيا أو ألمانيا، خصوصا وأن برلين قررت استقبال المزيد من اللاجئين.
لكنه غير قادر على ايجاد المهرب الصحيح الذي يمكن أن يعهد إليه آلاف الدولارات، وهو المبلغ المطلوب لنقله وعائلته لعبور بحر ايجه في مركب واه الى جزيرة كوس اليونانية.
وقال مهندس الاتصالات المتدرب من مدينة الحسكة التي كانت مسرحا للقتال بين المقاتلين الاكراد ومقاتلي " داعش"، "أقوم حاليا بالبحث عن المهرب الأفضل، لكن جميعهم كاذبون".
وأضاف "يعطون أسعارا مختلفة، ويقولون أن لا شيء مضمون"، مشيرا إلى أن المهربين كانوا يعرضون ستة آلاف دولار لنقله مع شقيقته ووالدته.
وبودروم، المعروفة بأنها أفضل المنتجعات التركية الراقية، تحولت في الصيف الحالي الى مركز للاجئين السوريين الهاربين من الحرب الدائرة في بلادهم والساعين الى الاستفادة من الظروف الهادئة والقيام بالرحلة القصيرة المحفوفة بالمخاطر الى جزيرة كوس.
 ولا يبدو على اللاجئين الانزعاج من المخاطر التي حصدت ارواح العشرات في الصيف الحالي، خصوصا بعد غرق الطفل ايلان الكردي الذي اثارت صورة جثته ملقاة على شاطئ تركي موجة من الصدمة في أوروبا.
وفي الواقع، يدرك كثيرون أن تلك الصورة تسببت في تغيير كبير وسريع في المواقف المترددة للعديد من دول الاتحاد الأوروبي تجاه اللاجئين.
وحتى أصغر محلات البقالة تبيع سترات النجاة، وهي إحدى المعدات التي لا غنى عنها خلال العبور، وفي كثير من الأحيان تكون بأسعار منخفضة مثيرة للريبة.
يقول علي "أريد الهروب ولا أريد العودة أبدا إلى بلادي مرة أخرى".
واضاف "اعلم انه من الآن فصاعدا، سنحصل على مزيد من الاحترام في أوروبا لأننا على الأقل حصلنا على فرصة. لقد تأثرت بشدة حين عرض بعض الأشخاص في أوروبا استضافتنا في منازلهم".
وتابع "أعرف أن الرحلة ستكون خطيرة، لكنني لست خائفا من الموت".
عدد المهاجرين المتواجدين في شوارع بودروم الآن، هم اقل مما كانوا عليه قبل بضعة أسابيع، ويقول المهاجرون والسكان المحليون على حد سواء ان قوات الامن التركية أمرتهم بالبقاء في الفنادق.
وبعض الذين لا يستطيعون دفع أجرة الفندق، ينامون في صناديق من الكرتون او على مقاعد الحدائق العامة في المدينة، ويتناولون بقايا الاطعمة من مخلفات المطاعم السياحية.
الدافع الآخر للمغادرة هو الوضع في تركيا نفسها، التي استضافت 1,8 مليون لاجئ سوري منذ بداية الحرب في العام 2011، لكنها تعاني الآن من ازمة داخلية دامية.
في بودروم، تتواجد علا، وهي طالبة سابقة في علم النفس، منذ اسبوعين مع شقيقتيها، بعدما وصلن الى تركيا قبل ستة أشهر.
الشقيقات الثلاث ينمن خارج مسجد، يتخذنه مكانا للاستحمام وشرب المياه.
تقول علا ان "صورة ايلان محزنة حقا، ولكن اعتقد انها ستساعد على تحسين امورنا". واضافت "انا وشقيقتاي لا نجيد السباحة، لذلك أنا خائفة قليلا. ولكن لا يهم إذا مت في سورية، أو في تركيا أو في البحر".