النسور يعلن الحرب بعد إنذارات ملكية
قد لا توجد علاقة «مباشرة» بين الاجتماع الساخن الذي عقده العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع اطراف القرار البيروقراطي والسياسي تحت بند «تحفيز الاستثمار» وبين الصفقة الكبرى التي شهدها سوق عمان المالي صباح الأحد لصالح ملياردير أردني في مساحة استثمارية تخص قطاع المقاولات والمساكن.
الصفقة نفذت لصالح رجل الأعمال الأردني المقيم في الإمارات حسن إسميك وبقيمة خمسة ملايين دينار أنعشت السوق المالي القلق، والمفارقة ان أنباء هذه الصفقة برزت على إيقاع نمو الجدل حول الملاحظات النقدية التي وجهها القصر للمؤسسة البيروقراطية بعنوان إعاقة الاستثمار.
الملك وفي إجتماع أثار الكثير من علامات الاستفسار السياسي عزز رؤيته النقدية السابقة لعناصر الأداء الرسمي الطاردة للاستثمار في بيئة البلاد أملا ليس فقط في التحفيز مجددا كما يقول مقربون من القصر الملكي، ولكن في توجيه ما يشبه «إنذارات سياسية» تفيد بأن البقاء في مستوى البيئة الطاردة للاستثمار قد لا يحتمل المزيد من الوقت، خصوصا في ظل تعدد الروايات والقصص عن حكايات الإعاقة البيروقراطية التي يتعرض لها مستثمرون أردنيون وأجانب.
لأسباب ليست مفهومة الآن على الأقل انتهى التذكير الملكي بعدم الرضا عن استمرار تمركز بؤر مقاومة الاستثمار في بنية الجهاز البيروقراطي بإعلان غير مسبوق لحكومة الرئيس عبدالله النسور يتحدث عن «حرب ستشنها الحكومة» لمواجهة كل معيقي ومعيقات الاستثمار.
الناطق باسم الحكومة الدكتور محمد المومني صرح علنا بأن رئيسه النسور قرر إعلان الحرب على كل من يعيق الاستثمار في بنية أجهزة الحكومة والقرار الرسمي.
قبل ذلك بعدة أيام كان المومني نفسه يتحدث لـ»القدس العربي» عن خطة حكومية موضوعة أصلا ستعمل على معالجة مظاهر الاستعصاء التي تعيق جذب الاستثمارات وتخذل الاستثمار الإيجابي لعناصر الأمن والاستقرار في البلاد.
داخل مستويات أعمق في الدولة والجهاز الاستشاري العامل مع الديوان الملكي تتكثف تلك الانطباعات السلبية عن «قصور في أداء الحكومة» عندما يتعلق الأمر بجذب الاستثمار وتهيئة البيئة المناسبة لوقف عمليات الطرد المعاكسة للاستثمار.
في قياسات رئيس مجلس النواب عاطف طراونة التصدي لمعيقات الاستثمار مهمة عابرة للحكومة وتشمل الجميع والقصور واضح كما فهمت «القدس العربي».
وفي مؤتمر المغتربين الأخير المنظم برعاية وزارة الخارجية برزت شكاوى وتذمرات متعددة من أردنيين يعملون في الخارج ولا يستطيعون توطين جزء من أموالهم في بلادهم بسبب إعاقات بيروقراطية.
أما في قياسات الحكومة ورئيسها النسور ووزير المالية أمية طوقان فالأولويات بكل الأحوال كانت للخزينة وتثبيت سعر الدينار والبحث في الأزمة المالية ووضع الخطط الاقتصادية والمالية ومعالجة التشوهات التي ورثت عن حكومات سابقة، والفرصة متاحة الآن بعد «هندسة» الملفات مع المانحين الدوليين للانصراف لقصة معالجة معيقات الاستثمار.
معنى هذا الكلام يتعلق بتبرير تأخر الحكومة في مسألة جذب الاستثمار والرد على الاتهامات التي يوجهها لها مجتمع رجال الأعمال بخصوص إعاقة استثمارهم والإيحاء بالاستعداد لتنفيذ المطلوب ملكيا وبالحزم الذي يتطلبه الأمر مرحليا ما يبرر تصريح إعلان الحرب على معيقي الاستثمار.
تذمرات القطاع الخاص والمستثمرين من الحكومة بدأت مع اللوبي المصرفي والاستثماري المعترض على تعديلات تشريعات الضريبة بصورة تضر بمصالح القطاع الخاص.
في السياق من الواضح ان الرئيس النسور يخطط لاستثمار الملاحظات النقدية الملكية التي تتردد للمرة الرابعة على الأقل خلال العامين الماضيين حتى يوجه «ضربات موجعة» لبعض المفاصل البيروقراطية التي يمكن اتهامها بإعاقة الاستثمار.
وهي ضربات يفترض بالمنطق ان لا تشمل فقط بعض الدوائر الحكومية والأشخاص الموظفين بل اللوائح والاتهامات وحتى التقاليد التي يقول الجميع انها معيقة فعلا للاستثمار، بما في ذلك الذهنية الأمنية التي تساهم في الإعاقة.
بهذا المعنى يبرر النسور حاجة حكومته للمزيد من الوقت والبقاء ويسعى عبر إعلان الحرب المشار إليه لإرضاء القصر الملكي وإن كان بعض التقديرات يرى المشهد المثير اليوم بصورة معاكسة وعلى أساس القناعة بأن «إعاقة الاستثمار» قد تكون المدخل المناسب مرحليا لإنهاء تجربة وزارة النسور.
وبالتالي الاتجاه نحو تغيير وزاري موسع، خصوصا بعدما صرح رئيس مجلس النواب وبصفته ناطقا باسم جميع زملائه بأن المشاورات البرلمانية التي أفضت لتشكيل حكومة النسور «عبء» على الجميع ويمكن الاستغناء عنها والعودة للصيغة القديمة بعنوان الصلاحيات الحصرية للملك في تشكيل الحكومة.
بسام البدارين