المركزي: الجهاز المصرفي سليم وقادر على تحمل الصدمات

أظهر تقرير الاستقرار المالي لعام 2014 الذي أصدره البنك المركزي الأردني، ان الأردن يتمتع بجهاز مصرفي سليم ومتين قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر نتيجة تمتع البنوك في المملكة بمستويات مرتفعة من رأس المال.

ويهدف التقرير الذي يصدره البنك المركزي للمرة الثالثة، ونشره اليوم الأربعاء، إلى إلقاء الضوء على التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي في المملكة والجهود المبذولة لمواصلة الارتقاء به، فضلا عن تقييم أدائه والوقوف على المخاطر التي قد تواجهه.

ويعد هذا التقرير ثالث تقرير يصدره البنك المركزي بعد إنشاء، دائرة الاستقرار المالي، في البنك المركزي في بداية عام 2013 والتي أنشئت بهدف متابعة الأوضاع المالية للبنوك والمؤسسات المالية على المستوى الكلي وعلاقتها بالأوضاع والتطورات الاقتصادية ومدى ملاءمتها للظروف والمستجدات.

وبين التقرير أن الأردن يتمتع بجهاز مصرفي سليم ومتين قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة نتيجة تمتع البنوك في الأردن بمستويات مرتفعة من رأس المال "هي الأعلى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، بالإضافة إلى تمتع هذه البنوك بمستويات مريحة من السيولة والربحية.

ولفت إلى تحسن ملحوظ طرأ على معظم النسب والمؤشرات المالية للبنوك مثل نسبة الديون غير العاملة ونسبة تغطية المخصصات للديون غير العاملة ونسبة كفاية رأس المال ونسب السيولة والربحية.

أما بالنسبة للمؤسسات المالية غير المصرفية مثل: شركات التأمين، شركات التمويل الأصغر، شركات التأجير التمويلي وشركات الصرافة، فقد استعرض التقرير أهم التطورات المالية التي طرأت عليها، بالإضافة إلى استعراض دور المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في الاقتصاد الوطني من خلال التطرق إلى استثماراتها التي تتنوع في أصول مالية وغير مالية.

وبين حدوث تحسن على تجاوب البنوك مع الطلب على الائتمان خلال عامي 2013 و2014 مقارنة بالفترة 2010-2012، حيث انخفضت نسبة طلبات التسهيلات المرفوضة من قبل البنوك من حوالي 8ر26 بالمئة من إجمالي قيمة الطلبات المقدمة في عام 2012 إلى حوالــــــــــي 6ر17 و8ر15 بالمئة لعامي 2013 و2014 على التوالي، بسبب تحسن الظروف الاقتصادية في المملكة وارتفاع مستوى السيولة لدى البنوك والتراجع النسبي في حالة عدم اليقين التي كانت في أوجها خلال الأزمة المالية العالمية وبدايات الربيع العربي.

ولاحظ التقرير ارتفاع نسب رفض طلبات التسهيلات لدى فروع البنوك الأجنبية مقارنة مع البنوك الأخرى.

وأشار إلى تحسن مستوى الكفاءة التشغيلية للبنوك في الأردن من خلال انخفاض نسبة المصاريف التشغيلية والمخصصات إلى إجمالي الدخل، "وبالرغم من هذا التحسن إلا أن هامش أسعار الفائدة ما زال مرتفعا مقارنة بكثير من الدول".

وبين ان من أهم أسباب ارتفاع الهامش في الأردن مقارنة مع العديد من الدول الأخرى وجود تركز مرتفع نسبيا في القطاع المصرفي الأردني، ما يعطي البنوك الكبيرة التي تتمتع بمستويات مرتفعة من السيولة، والتي لا تحتاج إلى دفع أسعار فائدة مرتفعة على الودائع، وزنا ودورا أكبر في تحديد هامش أسعار الفائدة.

وبين التقرير أن من الأسباب الأخرى لارتفاع هامش أسعار الفائدة في الأردن هو عدم انعكاس التحسن الذي طرأ على الكفاءة التشغيلية للبنوك والمتمثل بانخفاض حصة المصاريف التشغيلية ومخصصات الديون المتعثرة من الهامش على تخفيض هامش أسعار الفائدة وذلك لقيام البنوك برفع هامش ربحها.

وتبين أن هناك علاقة طردية بين معدل النمو الاقتصادي وهامش سعر الفائدة "وبالتالي فإن التحسن الذي طرأ على معدل النمو الاقتصادي خلال عامي 2013 و2014 مقارنة بالفترة 2010-2012 قد يكون أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الهامش.

ورجح التقرير أن ذلك يعود إلى أن تحسن النشاط الاقتصادي يرتبط عادة بزيادة الطلب على الائتمان ما يجعل البنوك غير مضطرة لتخفيض أسعار الفائدة على التسهيلات بنفس درجة التخفيض على الودائع كاستجابة منها لإجراءات البنك المركزي المتمثلة بتخفيض أسعار الفائدة عدة مرات.

وأكد البنك المركزي في التقرير أن جهوده ستنصب على تخفيض هامش أسعار الفائدة لدى البنوك من خلال حث البنوك على الاستمرار في تحسين كفاءتها التشغيلية وعكس هذا التحسن على تخفيض أسعار الفائدة.

وتضمن التقرير تقييما للمخاطر التي قد يتعرض لها القطاع المالي على المستوى الكلي والتي منها تعرض البنوك لقطاع الأفراد وقطاع العقارات والأسهم، حيث بين أن نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم ارتفعت من حوالي 40 بالمئة في نهاية عام 2008 إلى حوالي 63 بالمئة في عام نهاية 2014.

وقال إن هذا الارتفاع يدل على حدوث ارتفاع ملحوظ في مخاطر إقراض هذا القطاع نتيجة ارتفاع حجم مديونية الأفراد بشكل يفوق النمو في دخلهم ما يستدعي من البنوك التنبه لمخاطر إقراض هذا القطاع ودراسة التوسع فيه بشكل يأخذ بعين الاعتبار تطور هذه المخاطر.

وبين ان تعرض البنوك في الأردن لمخاطر السوق المالية كان تعرضا بسيطا جدا نتيجة صغر حجم استثمارات البنوك في الأسهم وانخفاض حجم التسهيلات الممنوحة لغايات شراء الأسهم و/أو بضمانتها، ما يدل على أن حالة التراجع والتقلبات التي يشهدها السوق المالي ليس لها تأثير يذكر على سلامة القطاع المصرفي في الأردن.

وتطرق التقرير إلى تعرض البنوك لمخاطر السوق العقاري ومؤشر الرقم القياسي لأسعار العقارات، حيث شكلت التسهيلات العقارية أو بضمانات عقارية ما يزيد عن 4ر33 بالمئة من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل البنوك، لافتا إلى أنه وبالرغم من ارتفاع هذه النسبة إلا أن القيمة التقديرية للعقارات المرهونة تزيد بهامش جيد عن قيمة التسهيلات الممنوحة حيث تغطي الضمانات العقارية حوالي 137 بالمئة من حجم التسهيلات العقارية.

وقال إن هذه النسبة من تغطية الضمانات للتسهيلات العقارية تعزز من قدرة البنوك على مواجهة مخاطر هذه التسهيلات.

وفي الوقت ذاته، ومن خلال متابعة تطور مؤشر الرقم القياسي لأسعار العقارات في الأردن، تبين أن نسب ارتفاع المؤشر في الأردن لا تزيد كثيرا عن معدل التضخم العام، ما يدل على أن ارتفاع أسعار العقارات في الأردن يعتبر ارتفاعا طبيعيا في الوقت الحالي، ومع ذلك وأخذاً بالاعتبار ارتفاع نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم فإن البنوك بحاجة إلى أخذ هذه المخاطر بالاعتبار عند دراسة التوسع في قروض الأفراد والقروض العقارية بشكل عام.

وتناول التقرير أبرز التعديلات الرقابية التي أجراها البنك المركزي في عام 2014 ومشاريع التعديلات القانونية، خصوصا ما يتعلق بتعديل قانون البنك المركزي وقانون البنوك لجعلهما يواكبا آخر التطورات وأفضل الممارسات والتجارب العالمية فيما يخص دور البنوك المركزية بتحقيق الاستقرار النقدي والمالي والرقابة على البنوك وتعزيز الحاكمية المؤسسية لديها.

وبين أهم إجراءات البنك المركزي في مجال تطوير البنية التحتية للنظام المالي وتعزيز الاشتمال المالي في المملكة، والتي تتمثل بتطوير البنية التحتية للنظام المالي في المملكة، وتعزيز حماية المستهلك المالي، ونشر الثقافة المالية والمصرفية في المجتمع، وتحسين فرص الحصول على التمويل خاصة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والإشراف والرقابة على قطاع التمويل الأصغر.

وتضمن نتائج اختبارات الأوضاع الضاغطة التي تستخدم لقياس قدرة البنوك على مواجهة المخاطر؛ حيث أظهرت نتائج هذه الاختبارات أن الجهاز المصرفي في الأردن قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة بالإضافة إلى تحسن قدرة البنوك على مواجهة هذه المخاطر وفقا لنتائج عام 2014 بالمقارنة مع نتائج عام 2013.

وأرجع التقرر القدرة على تحمل الصدمات إلى ارتفاع أرباح البنوك بشكل ملحوظ عام 2014 وتمتعها بمستويات مرتفعة من رأس المال والتي تعتبر الأعلى في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وأكد البنك المركزي الأردني استمراره بتطوير هذه الاختبارات وإجراء المزيد منها آخذا بالاعتبار تطورات المخاطر على المستوى الدولي والاقليمي والمحلي للتأكد من سلامة ومتانة الجهاز المصرفي.

أما بخصوص التطورات الاقتصادية والمالية العالمية والمحلية وآفاقها، فقد بين التقرير أن الاقتصاد العالمي تحسن تدريجيا بعد فترة من الكساد، لكن النمو ظل بطيئا جدا وغير متوازن، وذلك بسبب ارتفاع المخاطر المالية والسياسية في بعض مناطق العالم، واستمرار آثار الأزمة المالية العالمية وأزمة منطقة اليورو.

وتناول التقرير السياسات الاقتصادية في الأردن وأثرها في معالجة الاختلالات المالية والاقتصادية، حيث أدت هذه السياسات إلى حدوث تحسن في معظم المؤشرات الاقتصادية والنقدية في عام 2014 وبشكل أكبر مما كان عليه الحال في عام 2013، كما تم التطرق إلى أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني والتي من أهمها تفاقم الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة