الافتاء - احذروا هذه الامور في بيوت العزاء
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
يخالط إقامة بيوت العزاء مخالفات شرعية تصل في حدها الى الحرمة والنهي الا ان المواطنين اعتادوا على اقامتها بسبب التقاليد والعادات الى ان ظن البعض انها جزء من الدين.
واعتاد مواطنون في هذه البيوت «قراءة القران وعمل ختمة» اهداء للميت وتشغيل المسجل بشريط للقرآن بصوت مرتفع واقامة الولائم والخيم الكبيرة وتوزيع الحلو في اليوم الثالث عن روح الميت وصولا الى دعوة واعظة اسلامية الى عزاء النساء لتوعيتهن بأمور الدين واقامة أربعينية للميت.
الا ان عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الخطيب نفى وجود نصوص شرعية تدل على أن قراءة القرآن في بيوت العزاء صحيحة.
وقال:»من المعروف لدى بعض العلماء ان قراءة القرآن يمكن ان تصل حال قراءتها من قبل اهل الميت بين وقت الى آخر، لكن ان تنحصر ببيوت العزاء فقط والناس الجالسة تتحدث فهذا منهي عنه اضافة الى ان قراءة القرآن اصبحت في وقتنا الحاضر مرتبطة بالحزن والترح وليس الفرح ودالة على بيوت العزاء فاذا سمع احد الجيران صوت قراءة قران يذهب ليسأل جاره (خير ان شاء الله ) بحيث اصبحت قراءة القرآن مرتبطة بالحزن والموت وليس الحياة».
ويرى الخطيب ان في ذلك «حرمة»، محذرا من خطورة هذه القضية كثيرا ووأنها «تسيء لمعاني القران فهو نزل للاحياء وليس للاموات».
وتؤكد دائرة الافتاء العام ذلك عبر توضيح حكم قراءة القرآن في المآتم تظهر الفتوى رقم (2241) «أن قراءة القرآن في المآتم في زماننا فيها عدة مخالفات شرعية منها: أن الحاضرين لا يصغون إلى القرآن، ومنها أنهم يستأجرون من يقرأ وكأنه لا يليق للقراءة إلا جماعة مخصصون».
الى جانب ان وضع القارئ يكون أحيانًا مزرياً بين الحاضرين، أو يفتحون مسجّلاً ولا يستمعون إليه، ومنها أنهم يوحون إلى الناس بأن القرآن للمآتم فقط، مع أنه للأحياء قبل الأموات، وهو كتاب هداية للخلق أجمعين؛ فيجب تعظيمه وتدبره والعمل به.ولذا إما أن يُقرأ القرآن مع التعظيم والتدبُّر والإنصات، أو لا يُقرأ.
اما عن ظاهرة وجود واعظة اسلامية في عزاء النساء لتوعيتهن بأمور دينهن، قال يجب التأكد منهن قبل ادخالهن لبيوت العزاء فمنهن الجاهلات بالعلم الشرعي، وقيامهن بالافتاء للاخريات يكشف هذا الجهل.
وينصح الخطيب المواطنين ان لا يدخلوا هذه الواعظات لبيوت العزاء الا بعد التأكد من حصولهن على التحصيل العلمي الشرعي الذي يخولهن للحديث بالشرع.
اما عن عادات تقديم القهوة والتمر واعداد الولائم للمعزين، فقال انها عادات ليست من الاسلام توارثناها ولا اصل شرعيا لها، مبينا ان تقديم واجب العزاء في عهد الرسول محمد-صلى الله عليه وسلم- كان ينحصر عند الدفن في المقبرة لان عدد الناس قليل وتم من بعد اقامة بيوت العزاء بسبب كثرة اعداد الناس الامر الذي لا بأس به لكن دون تقاليد تثقل كاهل اهل الميت من استئجار صيوان وكراسي واقامة ولائم الامر الذي يكلف آلاف الدنانير التي لو انفقت صدقة على الميت لكان افضل له.
وفي هذا الصدد يقول المواطن احمد نزيه ان عزاء والده قبل ثلاثة اشهر كلفهم نحو خمسة الاف دينار ما بين تكاليف الدفن واقامة الصيوان واستئجار كراسي واضاءة وخزانات مياه وولائم واستئجار خادمات من مكتب للمساعدة وتوزيع مصاحف عن روح والده ونشر نعي بالصحيفة.
فيما تستنكر ام سامح كيف ان ابناءها وبناتها في عزاء والدهم (زوجها) كانوا يقدمون القهوة والتمر للمعزين فيما هم في امس الحاجة لمن يواسيهم في وفاة والدهم، مبينة ان واعظة اسلامية كانت قد اطلعت على نعي المرحوم في الصحيفة فقررت القدوم لبيت العزاء الامر الذي سبب لاهل المتوفي مشكلة كونها تريد المال بعدما انتهت من القاء الدرس الديني فيما لم ترد بنات المرحوم الدفع لها باعتبار ما قالته يشوبه الكثير من المغالطات.
وتؤكد مراقبة التوجيه النسائي في المملكة المسؤولة عن الواعظات في مديرية الشؤون النسائية التابعة لوزارة الاوقاف عبير ريان في تصريح سابق ان قيام سيدات متبرعات بإقامة دروس دينية في بيوت العزاء يقمن به للاستفادة المادية حيث يطالعن اعلانات النعي بالصحف اليومية ويتوجهن لعناوين العزاء بهدف التكسب.
وطالبت اصحاب بيوت العزاء في حال الرغبة بوجود واعظة دينية ببيت العزاء الاتصال بالمديرية حيت يتم تأمين واعظة لهم على الفور دون مقابل مالي من الواعظات المؤهلات والدارسات والامينات على المهنة.
وحول الطريقة الشرعية للتعزية بالميت المسلم، فتبين الفتوى رقم ( 2244) ان التعزية في اللغة: من العزاء، وهو الصبر؛ فيكون معنى التعزية: الإرشاد إلى الصبر وذكر ما يعين عليه ويسلي عن المصيبة عند فقد عزيز. فيقال للمسلم: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
ويكون ذلك عندما يلقى الإنسان من فقد قريبه أو عزيزاً عليه، ومدة التعزية ثلاثة أيام فقط. وقد عدّ الفقهاء من البدع أن يجلس المصاب للتعزية؛ بأن يجتمع أهل الميت بمكان ليأتيهم الناس ويعزونهم؛ لأن هذا مُحدَث لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذا عده الشافعية والحنابلة مكروهًا. وقال الحنفية: هو خلاف الأولى. وقال المالكية: إنه مباح. وعلى أي حال فيجب أن يكون المقصود به مواساة أهل الميت وليس الرياء والسمعة؛ فيظهر الحزن وليس بحزين، وإنما يريد التقرب إلى أهل الميت بزيارتهم ليزوروه إذا أصيب ويكثر بذلك أصحابُه وأخلاؤه.
وعن عمل اهل الميت العشاء والاربعينية للمعزيين تظهر الفتوى رقم ( 2242) انه من السنّة أن يصنع أقارب الميت غير القريبين طعاماً لأهله الأقربين؛ لأنهم مشغولون بوفاة قريبهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيته عندما استُشهد جعفر: (اصنعوا لآل جعفر طعامًا؛ فإنه قد أتاهم ما يشغلهم) رواه الترمذي وحسنه ورواه الحاكم.
أما ما يفعله أهل الميت اليوم من عشاء وأربعينية فلا أصل له، وإذا أرادوا الصدقة عن الميت بإطعام الطعام فينبغي أن لا يتقيدوا بيوم معين، ولو تصدقوا على الفقراء بنقود فهو خير لهم؛ لأنه أبعد عن الرياء وأنفع للفقراء وأبعد عن التشبه بغير المسلمين.
ومما يجب الحذر منه التصدّق بأي نوع من أنواع الصدقة من التركة قبل قسمتها إذا كان الورثة قاصرين؛ لأن التبرّع بمال القاصر لا يجوز، ولا يجوز أخذ ما يتصدّق به الأولياء من أموال القاصرين.